طرابلس لبنان - سياسية مستقلة

في سفسطائية الشعارات الانتخابية

السفسطة هي حب الجدل أو الجدل لمجرد الجدل وليس لاقتناع بفكرة أو مبدأ، بل رغبة في التضليل، أما السفسطائيون فهم الذين استغلوا مهاراتهم وباعوا قيمهم ومبادئهم من أجل الوصول إلى المناصب السياسية وجمع الثروة، إنهم يحبون الأنا بشدة ومصالحهم الشخصية، يبيعون الأوهام، الذين يتبنون الحجج غير المنطقية، الذين لا يهتمون بزراعة القيمة المضافة، وإرساء العدالة والمساواة في المجتمع.
لقد احترف السفسطائيون المغالطات المنطقية، مرتكزين عليها في بناءِ حججهم، أي أنهم لا يأخذون المعلومات بطريقة صادقة وكاملة، ويحرفون كلام الآخرين، ويشوهون صورتهم عن طريق إلصاق التهم بهم، ويميلون إلى شخصنة الأمور، فتجدهم يهربون إلى انتقاد خصومهم بدلاً من إقامة الحجة عليهم، ويصفونه بصفات سيئة بهدف التضليل وحرف الأنظار عن الموضوع الأساسي، يستخدمون اللغة المنمقة والمصطلحات الغريبة بهدف تشتيت الناس والوصول إلى غايات شخصية بدلاً من الحقيقة.
لكم ينطبق هذا الأمر على السياسيين اللبنانيين، وعلى شعاراتهم الانتخابية، وهذه السفسطات تعج بها برامج الحوارات السياسية، حيث تغيب الحقيقة ويتم تبادل الاتهامات وتقاذف الشتائم وأقبح النعوت بين السياسيين، من دون القدرة على الوصول إلى الحقيقة.
ومن يتابع الحملات الإعلامية للمرشحين يرى ذلك رأي العين، ومن ينظر إلى السجالات الإعلامية بين الأحزاب السياسية لا يجد سوى السفسطة الفارغة، فهم يتبادلون تهم الفساد وتسبيب الانهيار الاقتصادي والتبعية للخارج نفسها.
ولكن أكثر ما يعبر عن هذه السفسطات هي الشعارات الانتخابية، وكلها كلام فارغ لا يعني شيئاً، وغير قابل للتطبيق وللقياس، علماً أن أول قاعدة لتعرف مدى ما حققت من إنجازات هي أن تكون الأهداف المعلنة قابلة للقياس، وإذا نظرنا في بعض الشعارات المرفوعة رأينا أن القياس لا يجري عليها، فعلى سبيل المثال ننظر إلى شعارات من نوع:
«نحنا فينا نحنا بدنا – معكن نحنا فينا…»، طبعاً يأتي هذا الشعار رداً على مقولة: «ما خلونا»، ومن المفارقات السفسطائية أن العديد من الأحزاب السياسية ترفع شعار السيادة من نوع: «نحنا فينا نسترد السيادة – نحنا بدنا السيادة…»، مع أن الكل يعلم أن ذلك يعني سيادة طائفتي على بقية الطوائف، وهناك شعارات من نوع التغيير خصوصاً بعد 17 تشرين، فهناك أكثر من لائحة تحمل اسم التغيير، من نوع: «نحنا التغيير – نحنا بدنا التغيير – نحنا التغيير الحقيقي…»، وهذا الأمر مجرد علك لمصطلحات شعبوية لا معنى لها.
والأقبح من ذلك من استغل اسمه في شعاره الانتخابي، مثل المرشح فريد البستاني الذي رفع شعار: «صوتك فريد من نوعه»، وفريد الخازن الذي رفع شعار: «صوّتوا لمشروع فريد»، لا أعلم ماذا كان فريد الخازن ينتظر طيلة السنوات السابقة من عمله السياسي ليطرح مشروعه الفريد من نوعه، وهناك شعارات: «نبني ونحمي» و«كنا ورح نبقى» وشعار: «بيروت بدها قلب»، وكما قال لي صديق ممازحاً «وبدها كبد وكليتين أيضاً».
وللأسف يغيب المشروع السياسي والرؤية الاقتصادية عن جميع اللوائح وحتى تلك المدعومة من أشخاص المجتمع المدني الذي يرفع شعار التصدي للسياسيين، فقد غابت عن شعاراته المشاريع المتكاملة.
إلّا أن المضحك المبكي أن إحدى المرشحات على إحدى اللوائح وعندما سألتها عن مشروعها السياسي، قالت بأن فكرة المشاريع باتت قديمة وتخلت عنها الدول الكبرى، فهل تصدق هي ما قالته؟! أو هذا دليل الإفلاس المطبق وان هدف هؤلاء هو مجرد الوصول إلى الندوة البرلمانية بالكذب والخداع والسفسطة.
كان الله في عون اللبنانيين، ومع أننا لا ندعو إلى مقاطعة الانتخابات إلا أننا ندرك أن التغيير ما زال بعيداً، وأننا نحتاج إلى رؤية سياسية لم تتبلور بعد وفكر اقتصادي يقود إلى الخروج من أزمتنا الحالية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.