كلمات من القلب في وداع د. أحمد بارودي

بقلم نبيل الزعبي…
برحيل د. أحمد رشاد بارودي، تفقد مدينة طرابلس واحداً من أنبل وأشرف رجالاتها الخُلَّص الأوفياء لقضايا مدينتهم ولبنانيتهم وعروبتهم.
نشأ ما بين أريج زهر ليمون طرابلس ونسائم زهر يافا وحيفا
هو الذي تنشق منذ ولادته أريج زهر الليمون الفّوَّاح في مدينته، فلم يكن ليميّزه عن نسائم ليمون حيفا ويافا مما زاده حباً بجغرافية أمة العرب وإيماناً مبكراً بقضاياها الساخنة، لا سيما ان الحكايا والـ «حواديت» عن المجاهد فوزي القاوقجي، كانت تسري كالشعاع في بيوت المدينة وزواياها وحاراتها الشعبية، تحكي عن هذا البطل «الطرابلسي» الذي ذهب ليدافع عن فلسطين من رجس الصهاينة المستعمرين.
أبو نضال
كان إنتماء «أبي نضال» وهو الإسم المحبب لقلبه وقلوب رفاقه، إلى العروبة التي مثلت فلسطين ولم تزل، قضيتها المركزية الأولى، ولأجل ذلك جذبته أحاديث ميشيل عفلق عن كل ما يتعلق بفلسطين وهو ابن المدينة التي ترّبى ناسها وأهلها على حب فلسطين التي قال عنها القائد المؤسس للبعث:
«فلسطين هي الطريق إلى الوحدة العربية، وكلما تقربنا في قضيتها كلما زادت امكانيات وحدتنا».
والإلتزام بقضايا الأمة
فكانت البدايات الأولى لأبي نضال نحو ترجمة ذلك إلى ما هو أهم وأجدى، ألا وهو الالتزام…
الإلتزام بقضايا العروبة وفي مقدمتها فلسطين، وكان «البعث» ضالته التي يبحث عنها وأبناء جيله المتنورين الذين كان لهم الفضل، كل الفضل في نشر الوعي القومي العربي الذي شهدته أقطار الأمة في خمسينيات وستينييات القرن الماضي.
قلب العروبة
وكانت طرابلس التي بنى فيها د. أحمد بارودي أولى خلايا الحزب مطلع الخمسينيات إحدى حوافز المد النضالي التحرري والتي إستحقت ان يقال فيها:
«قلب العروبة النابض في لبنان».
واجهت «مشروع إيزنهاور»
طرابلس التي وقفت بكل صلابة وجدارة في مواجهة مشروع «ايزنهاور» (سد الفراغ) و«حلف بغداد» وسياسات كميل شمعون المتناغمة مع الغرب والعداء لإرادة الأمة.
هي طرابلس،
لم يهن ولم يضعف وفي طليعة من تفتخر المدينة به
أحمد بارودي هو ابن ذلك الجيل الذي شهد الحلو والمر في مسيرة هذه الأمة، فلم يهن ولم يضعف.
ولم يفقد الأمل برغم كل الصعاب والشدائد والملمات، وبقي القامة الوطنية والعربية الكبيرة التي نستخلِد ذكراها في صفحات المدينة الناصعة وهي تسطِّر لأجيالها سير وتآريخ أبنائها النجباء، ليس لمسيرتهم الوطنية والقومية وحسب، وإنما أيضاً وأيضاً لعطائهم الإنساني الذي كان عليه راحلنا الكبير، الذي لم يكن ليميّز يوماً بين طرابلسي وطرابلسي، أو بين لبناني ولبناني، أو عربي وعربي.
وأبو نضال كان في مقدمة هؤلاء الذين تعتز بهم المدينة وتفتخر.