طرابلس لبنان - سياسية مستقلة

هل من انعكاسات لزيارة الحريري إلى الرياض على الساحة الإنتخابية في طرابلس؟

الرئيس الحريري في ضيافة الملك سلمان

لا يوجد أي شك بأن زيارة الموفد الملكي السعودي نزار العلولا برفقة القائم بالأعمال السعودي السابق  في لبنان وليد البخاري إلى بيروت قبل عدة أيام شكلت مفاجأة مدوية ومن العيار الثقيل، نظراً للمعاني التي حملتها الزيارات الذي قام بها الوفد للقيادات السياسية اللبنانية، وللمعاني التي حملتها عدم زيارة شخصيات أخرى مثل النائب وليد جنبلاط ووزير العدل السابق أشرف ريفي، فيما تُوِّجت هذه الزيارة بدعوةٍ ملكية سعودية لرئيس الحكومة سعد الحريري للقيام بزيارة رسمية للرياض، بعد حوالي أربعة أشهر من آخر زيارة للحريري إلى الرياض في الرابع من تشرين الثاني 2017، وما رافقها وقتها من التباسات أهمها الاستقالة المتلفزة التي أعلنها عبر تلفزيون «العربية»، ثم ما تلى ذلك من غموض بدأ يتكشف مع الوقت، خاصة عندما أعلن الحريري من بيروت تريثه في تقديم استقالته، ثم عودته عنها في سياق معادلة ملتبسة تتعلَّق بـ «نأي الحكومة اللبنانية بنفسها، بكل قواها السياسية، عن قضايا المنطقة».

الآن، هناك سؤال كبير يرتبط بتوقيت المبادرة السعودية، لجهة القيام بها قبل أيام قليلة من موعد إقفال باب الترشيحات للانتخابات النيابية في لبنان، وقبل شهرين من موعد إجراء هذه الانتخابات وهي انتخابات مفصلية، خاصة بالنسبة إلى «تيار المستقبل» الذي يُعتقد أنه سيخسر قسماً من حصته النيابية التي درج على الحصول عليها منذ 2005 حتى اليوم.

لذلك، تأتي هذه الصفحة السعودية الجديدة، وكأن هدفها هو طي صفحة 4 تشرين الثاني، خاصة أن الاستقبال الذي حظي به الحريري كان مميزاً جداً بالأخصّ في القصر الملكي. وهنا يبرز السؤال الكبير حول مفاعيل هذه الصفحة الجديدة على الأرض، بكل ما في الكلمة من معنى، لجهة المعركة الانتخابية التي سيخوضها «المستقبل» في أنحاء عديدة من لبنان ودعم السعودية له في هذه اللحظة الصعبة التي يمر بها.

ولا يجب أيضاً ان ننسى ان زيارة الموفد الملكي السعودي وتلبية الحريري مباشرة للدعوة الرسمية جاءتا قبل أسابيع قليلة من انعقاد مؤتمرات دولية تتعلق بدعم لبنان مادياً، في قضايا تبدأ من دعم البنية التحتية إلى دعم الجيش إلى دعم استضافة النازحين، والمعنى الذي يشكله الموقف السعودي الجديد يتعلق بعودة الانفتاح على لبنان بعدما كادت «القطيعة» تودي بمؤاتمرات الدعم المقررة في أوروبا خاصة ان السعودية تعتبر الركيزة الأولى في هذا المجال وبدونها يبدو الدعم متعثراً.

لكن، في عودة إلى المفاعيل الانتخابية لزيارة الحريري إلى السعودية، يجدر مراقبة النتائج، خاصة تلك المتعلقة بالقدرة المادية لتيار المستقبل على خوض معاركه، وبالتأثير السياسي والانتخابي للخطوة السعودية في الساحة السنية على حضور وخطاب وحركة المعارضين للحريري على خلفية «التنازلات التي قدمها واضطراب علاقته بالمملكة»، وهنا تبرز ظاهرة الوزير السابق أشرف ريفي الذي قامت حركته السياسية وخطابه العالي على هذا الموضوع.

فهل يكون المشهد الذي بدأ في بيروت، بعدم زيارة الوفد السعودي للريفي، ووَصَل إلى الرياض مع زيارة الحريري، مؤشراً إلى بداية ضمور «حالة ريفي» في طرابلس خاصة أنَّ الوزير السابق يستند في حركته إلى تحريض الجو العام، خاصة فيما يتعلق بـ «حزب الله» من جهة وتمدد إيران في المنطقة من جهة أخرى. وفي المقابل لا يستند ريفي إلى بنية أو هيكلية تسمح له بالاستمرار بقوة إذا سُحبت ورقة علاقة الحريري بالسعودية من يده، خاصة إذا واكب ذلك شيء من الشح في الدعم المادي.

أما بالنسبة إلى الرئيس نجيب ميقاتي وتأثير ما جرى على حضوره الانتخابي الطرابلسي، فإن ذلك مستبعد لثلاثة أسباب:

– أولاً: حرص المملكة على العلاقة به وقد تبدّى ذلك خلال زيارة العلولا لميقاتي وما قاله عن رئيس الحكومة السابق خلالها وعلى هامشها.

– ثانياً: لم يذهب ميقاتي في «معركته» مع الحريري إلى الحدود عالية السقف التي وصل إليها ريفي بل اكتفى بالتأكيد على ضرورة احترام اتفاق الطائف.

– ثالثاً: يستند ميقاتي في حيثيته إلى بنية وهيكلية صلبتين عمادهما مؤسسات كبيرة ومتشعبة، فليس المزاج العام أو الجو العام أو التغييرات الإقليمية هي التي تحدد وجود إمتداده الشعبي أو عدمه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.