طرابلس لبنان - سياسية مستقلة

تجـربـتي الدبـلومـاسـية فـي مصـر وجـامعـة الدول العـربـية 2007-2016

عُينت سفيرًا من خارج الملاك في شهر تشرين الأول 2006 بعد ربع قرن في التدريس الجامعي. وكنت على استعداد للالتحاق بمكان عملي الجديد. لكن الاشتباك السياسي، وتعطل عمل الحكومة وعدم صدور كتاب اعتماد من رئيس الجمهورية أخّر التحاقي بالقاهرة إلى شهر تموز 2007.

لم يكن لبنان في أحسن أحواله في تلك الفترة، إذ أن الانقسام السياسي قد بلغ أوجه، وحرب مخيم نهر البارد كانت ما تزال مستمرة ومع ذلك حملت كتابًا من وزير الخارجية بالوكالة آنذاك يطلب من الجهات الرسمية المصرية تسهيل مهمتي، وقد تفهم المصريون الأمر، دون حصولي على كتاب الاعتماد من رئيس الجمهورية. الأمر الذي لم يحصل إلا بعد انتخاب الرئيس ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية، أي بعد مرور سنة على التحاقي بعملي.

عُينت سفيرًا في مصر ومندوبًا دائمًا في جامعة الدول العربية وسفيرًا غير مقيم في كينيا.

أول مهماتي كانت زيارة مبنى السفارة الذي سأعمل فيه . وكان عدد الدبلوماسيين آنذاك يقتصر على ثلاثة فقط مع السفير، وكان علينا أن نغطي العلاقات الثنائية والمندوبية في جامعة الدول العربية إضافة إلى الأعمال القنصلية.

د. زيادة مع الأمينين العامين السابقين عمرو موسى ونبيل العربي

وضآلة حجم البعثة لا يقتصر على القاهرة. فأغلب السفارات اللبنانية في العواصم الكبرى لا يزيد عدد الدبلوماسيين فيها عن أربعة، وفي أغلب العواصم يكون السفير مع دبلوماسي واحد، أو يكون وحيدًا.

قمت بزيارتين بروتوكوليتين إلى كلٍ من وزير الخارجية آنذاك أحمد أبو الغيط، وإلى أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى. وباشرت عملي متلمسًا طريقي واتخذت بيني وبين نفسي قرارًا بأن أكون مقلاً في التصاريح،  وأن أتوخى عدم الخوض في الانقسام اللبناني، ومما سهل مهمتي تفهم المسؤولين المصريين للوضع اللبناني. وتعاطف سائر المصريين مع لبنان.

كانت القاهرة مقصدًا للسياسيين اللبنانيين في زيارات رسمية أو زيارات خاصة غير معلنة، خصوصًا أن منصب الرئاسة اللبنانية قد شغر في شهر تشرين الثاني 2007، ومن بين الذين جاءوا في زيارة رسمية قائد الجيش آنذاك ميشال سليمان، المرشح للرئاسة. كما زار القاهرة في كانون الثاني 2008 الرئيس فؤاد السنيورة. وخلال ما يقرب من تسع سنوات من مهمتي في القاهرة، استقبلت أغلب المسؤولين والسياسيين اللبنانيين وغير السياسيين من رئيس الجمهورية إلى رئيس مجلس النواب ورؤساء الحكومات، إلى الوزراء وخصوصًا وزراء الخارجية والنواب، فضلاً عن البطريرك الراعي والمفتي قباني والمفتي دريان والبطريرك حكيّم وبطريرك السريان.  وكان البطريرك الراحل هزيم ينوي زيارة القاهرة، إلاّ أن الحكومة السورية نصحته بغير ذلك. وباختصار فإن القاهرة كانت من أكثر العواصم العربية التي يزورها السياسيون في زيارات رسمية وخصوصًا اجتماعات مجالس جامعة الدول العربية.

مع الأخضر الإبراهيمي ومحمد فائق

في تلك الفترة السابقة لثورة 25 يناير2011، كانت مصر تزوّد لبنان بالكهرباء عبر الأردن وسوريا. من هنا كانت زيارات وزراء الطاقة اللبنانيين تتكرر إلى القاهرة. وعلى صعيد العلاقات الثنائية، فثمة لجنة عليا تُعقد على مستوى رئيس الحكومة في البلدين، تُنظم الاتفاقات في كافة المجالات.

وقد عقدت اللجنة العليا المصرية- اللبنانية في تشرين الأول 2008 في القاهرة، وعقدت مرة عام 2010 في بيروت.

مهمة المندوب الدائم في جامعة الدول العربية هي تمثيل بلده في اجتماعات مجلس الجامعة على مستوى المندوبين. وينعقد مجلس الجامعة على ثلاث مستويات: المندوبين- الوزراء-  والقمة. وعادة ما يكون اجتماع مجلس الجامعة على مستوى المندوبين تحضيريًا للمجالس الوزارية التي تنعقد في مجالات مختلفة: اقتصاد وداخلية وخارجية وعدل وغير ذلك. والدورة العادية تمتد ستة أشهر من آذار وحتى أيلول. ومن أيلول حتى آذار، ويترأس إحدى الدول العربية حسب الأحرف الهجائية. وقد ترأس لبنان دورة 138 لمجلس جامعة الدول العربية من أول أيلول 2012، وحتى مطلع آذار 2013، وقد ترأست بذلك كل مجالس الجامعة على مستوى المندوبين خلال مدة الدورة.

لا بد من أن نذكر هنا، بأن جامعة الدول العربية هي الشكل الوحيد من أشكال العمل العربي المشترك، وعادة ما توجه الانتقادات إلى أداء الجامعة، وإلى اقتصار عملها على إصدار البيانات.

لكن من الضروري التأكيد على أن الأمانة العامة هي جهاز تنفيذي وأن القرارات تتخذها الدول.

وبسبب خبرة الأمين العام عمرو موسى (الذي سبق له أن كان وزيرًا للخارجية المصرية لمدة عشر سنوات)، انفتحت الجامعة خلال ولايته (2001-2011) على العديد من الدول والمنظمات نذكر على سبيل المثال تأسيس منتديات عربية روسية وعربية صينية- وتركية ويابانية. فضلاً عن الاجتماعات الدورية مع الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي.

وقد أصبحت الجامعة منبرًا لمن أراد مخاطبة العرب، وقد استقبلت جامعة الدول العربية في قاعة الاجتماعات الكبرى الرئيس الصيني والرئيس التركي ورئيس الحكومة الروسي.

وخلال ولاية الدكتور نبيل العربي(2011-2016)، ولدت فكرة إجراء إصلاحات وتعديلات وتطوير لميثاق الجامعة وآليات عملها. وكانت فكرة الدكتور العربي، وهو دبلوماسي ورجل قانون، أن ميثاق الجامعة وقانونها الأساسي ينتمي إلى الجيل الأول من المنظمات الدولية، إذ أسست في نفس السنة التي أسست فيها منظمة الأمم المتحدة عام 1945، وبرأيه فإننا نعيش اليوم في زمن الجيل الثالث من المنظمات الدولية، وبالفعل فقد أنشأ لجنة برئاسة السياسي والدبلوماسي الجزائري المعروف الأخضر الابراهيمي وضمت وزراء سابقين أمثال: مروان المعشر وغسان سلامة ونبيل فهمي والكاتب الصحفي جميل مطر وغيرهم.

وأوصت اللجنة  بتشكيل لجان لتطوير ميثاق الجامعة والعمل على تحديث آليات المجالس مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي الخ..

وكان من المفروض أن تنهي اللجان المكونة من ممثلين عن الدول العربية، وفي الأغلب من المندوبين الدائمين، قبل مؤتمر القمة عام 2015، ولكن ذلك لم يحدث.

مع بداية عام 2011، واجهت الجامعة ظروفًا جديدة، بعد قيام ثورة 25 يناير، وكان عليها ان تتعامل مع الأحداث المستجدة غير المسبوقة، وكان موقع مبنى الجامعة في ميدان التحرير له أثره على المزاج العام، كنا نصل إلى مقر الجامعة من طرق خلفية وأبواب جانبية بسبب انقطاع الطرق الرئيسة التي يشغلها  المعتصمون. وكان أول قرار له صلة بالأحداث قد اتخذ على مستوى المندوبين بتعليق عضوية النظام الليبي في اجتماعات مجلس الجامعة. وكانت دول مجلس التعاون الخليجي آنذاك متشددة في موقفها من النظام الليبي. أما مصر فكانت قلقة على مئات الأف من المصريين العاملين في ليبيا.

في تلك الأجواء العربية المضطربة، لم تعقد القمة الدورية المقررة في بغداد 2011، وعلى العكس من ذلك توالت الاجتماعات الطارئة لوزراء الخارجية العرب، وخصوصًا بعد تفاقم الأوضاع في اليمن وسوريا والبحرين. وبعض الاجتماعات الوزارية عُقدت خارج مقر الجامعة بسبب صعوبة الوصول إلى ميدان التحرير الذي كان يشهد مظاهرات شبه دائمة.

استحوذ الوضع السوري اهتمام الجامعة العربية،  وقررت تشكيل لجان مراقبة من عسكريين من دول عربية متعددة، وباشر هؤلاء المراقبين مهماتهم في 22 ديسمبر 2011، في مناطق مختلفة من سوريا، لكن جامعة الدول العربية لم تكن لديها خبرة في هذا المجال، وسرعان ما سحبت المراقبين بعد حوالي ثلاثة أسابيع في 16 كانون الثاني 2011.

تُعقد قمة دورية كل سنة في نهاية شهر آذار ويتم التحضير للقمة في مطلع شهر آذار مع بداية الدورة العادية على مستوى المندوبين والقضايا التي لا يتفق عليها تُرشح إلى المجلس الوزاري.

وتُعقد كل سنتين قمة اقتصادية. وقد شاركت مع الوفد اللبناني في أول قمة اقتصادية عُقدت في الكويت في كانون الثاني 2009، وقد شاركت في عشرة قمم منها ست قمم دورية وأربع قمم اقتصادية. كما شاركت في القمة العربية الأميركية اللاتينية والقمة العربية الأفريقية.

 وكسفير غير مقيم في كينيا عام 2013، كُلفت بتمثيل لبنان في عيد الاستقلال الخمسين، وكانت تلك زيارتي الوحيدة إلى نيروبي.

أمضيت في مهمتي سفيرًا ومندوبًا أقل بقليل من تسع سنوات،  خمس سنوات منها بعد ثورة 25 يناير عام 2011. وكانت الثورة المصرية الثانية بعد الثورة التونسية وقبل الثورة الليبية في شهر شباط، ثم الثورتين في كل من اليمن وسوريا في شهر آذار.

ويمكنني القول بأن الأوضاع كانت هادئة ومستقرة في مصر وغيرها من البلدان العربية قبل اندلاع الثورات، ومع ذلك فإن القلق كان ظاهرًا، تعبر عنه مقالات الكتاب في الصحف وأحاديث المتابعين. وإحدى أوجه القلق أن الرئيس حسني مبارك الذي كان أمضى حتى ذلك الوقت ثلاثين سنة في الحكم، ترك مصر في حالة من الارتباك المتعلّق بخلافته، فالانتخابات الرئاسية كان من المفروض أن تجري في نهاية عام 2011. وهو لم يعلن نواياه بصراحة، إن في التخلي عن الحكم أو عدم الترشح ، أو في ترك المجال لابنه جمال الذي كان يتصرف كمرشح محتمل أو خليفة لوالده. ومن الأمور التي زادت من حالة الاعتراض، ان الانتخابات إلى مجلس الشعب التي جرت في أكتوبر عام 2010، والتي هندست نتيجتها لصالح الحزب الوطني الحاكم، أظهرت عدم رغبة في التغيير أو الانفتاح على أي قوى سياسية. بل أن الرئيس لم يكلف نفسه عناء تغيير الحكومة المستمرة منذ سنوات، ولا حتى تغيير وزير واحد.

كان يوم الثلاثاء 25 يناير يوم استثنائي. ففي العادة تخرج تظاهرات في القاهرة، لا يتعدى المشاركون فيها العشرات، وتُحاط بمئات من جنود الأمن. وعادة ما تتم المظاهرات أو الوقفات الاحتجاجية أمام نقابة الصحافيين. ولكن تظاهرة يوم 25 يناير، وهو يوم عيد الشرطة،  قد بلغت الآف وسقط فيها قتلى، وامتدت المظاهرات إلى مدن أخرى كالسويس والاسماعيلية. وفي مساء يوم 25 يناير تمت الدعوة إلى جمعة الغضب التي استحقت اسمها. تقاطر المتظاهرون بعد صلاة الجمعة إلى ميدان التحرير ومساء ذلك اليوم انهار الأمن تمامًا وأصبح ميدان التحرير ميدانًا للثورة ورمزًا لها .

كانت الأيام بين 25 يناير و11 فبراير/ شباط يوم تنحى الرئيس مبارك، مليئة بالوقائع الثورية بمعنى الكلمة وبالدلالات الرمزية والسياسية.

كانت التظاهرات شبابية بالدرجة الأولى، استقطبت كافة فئات المجتمع وخصوصًا المرأة وأبناء الطبقة الوسطى. أظهر الشباب قدرة كبيرة على تنظيم الاعتصام الذي شارك فيه عشرات الآف المعتصمين ليل نهار.

وقد تخطى التحرك كل القوى والأحزاب السياسية. وتكونت عشرات التجمعات الشبابية التي ضبطت التحرك في الميدان. لكن اتضح أن الثورة تفتقر إلى القيادة وإلى البرنامج، ولكنها تملك الشعارات «خبز وحرية وكرامة انسانية» و«الشعب يريد اسقاط النظام».

بعد انهيار الأمن (أمن الدولة)، تحرك الجيش وألقى المتحدث باسمه، البيان رقم واحد الصادر عن المجلس العسكري، ولا شك بأن الجيش هو الذي حسم الموقف يوم 11 شباط وتنحى الرئيس مبارك، الذي غادر إلى شرم الشيخ ولم يغادر مصر. واستلام المجلس العسكري زمام السلطة.

برزت القوى الاسلامية من أخوان مسلمين وسلفيين وجماعة اسلامية إلى الساحة تدريجيًا، وأُخرجت قيادات الإخوان والجماعة، المسجونين من السجون. واحتلوا شاشات التلفزيون، كما نزلوا إلى الشارع وصاروا جزءًا من الحراك.

أطلقت الأشهر الأولى من الثورة طاقات شباب مصر، وأبرزت قدرات مصر الكامنة. إلا أن مسار الأحداث أظهر أن الاستقطاب هو بين الجيش من جهة، وتنظيم الاخوان المسلمين من جهة أخرى. وهذا ما أظهرته الانتخابات الرئاسية في حزيران عام 2012،  والتي كانت المواجهة في الدورة الثانية بين الفريق أحمد شفيق رئيس آخر حكومة في عهد مبارك وبين محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين.

استمر الرئيس مرسي في الرئاسة سنة كاملة، حكم من خلاله تنظيم الإخوان المسلمين في مصر. وأظهر الإخوان خلال تلك السنة، شغفهم بالسلطة وافتقارهم إلى أي رؤية سياسية واقتصادية.

كانت سنة اضطراب من ناحية الأمن. واكتئاب من جهة الطبقات الوسطى التي شعرت بالخوف على الحريات الاجتماعية والفردية. لهذا فإن المصريين نزلوا فعلاً إلى الشوارع يوم 30 يونيو 2013، بهدف الاعتراض أو إسقاط حكم الإخوان.

قبل أن أُعيّن سفيرًا كنت قد زرت مصر مثل الكثير من اللبنانيين. ولكن زيارتي كانت من خلال مشاركات في ندوات ومؤتمرات. ومثل الكثير من اللبنانيين الذين يعرفون شيئًا عن مصر وأدبائها وفنانيها وآثارها وتاريخها، كنت أعرف مصر كأستاذ جامعي وباحث في التاريخ الثقافي والاجتماعي. وكان من الطبيعي أن يكون لي معارف وصداقات بين المصريين.  وكان ذلك كله مما شجعني على قبول المهمة في مصر.

وإلى متابعة الصحف والاطلاع على أوضاع مصر، قمت بالعديد من الزيارات للمؤسسات الإعلامية والثقافية، وتدريجيًا توطدت صلتي بالكثير من الاعلاميين والأكاديميين والكتّاب والشعراء وارتبطت بصداقات عميقة مع مبدعين كنت أسمع بهم من زمن بعيد أمثال الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي والناقد جابر عصفور والروائي جمال الغيطاني  الذي غادرنا في أكتوبر سنة 2015.

لم أهمل عملي الأكاديمي إذا جاز التعبير، كنت حريصًا على متابعة أعمالي التي كنت بدأتها من قبل. وهكذا نشرت في مصر بعض التحقيقات، وأنجزت كتاب نشرته في بيروت. وأُتيحت لي الفرصة أن أنشر أغلب كتبي التي كنت نشرتها في لبنان.

تسنى لنا، أقصد بعض السفراء العرب، أن نؤسس ما عُرف باسم «الصالون الثقافي العربي». ويعود الفضل في إنشاء هذا الصالون إلى جهود ومثابرة الصديق سفير العراق السابق في مصر الدكتور قيس العزاوي ، وهو باحث وكاتب له العديد من المؤلفات. وقد ضم الصالون في هيئته الادارية أسماء كبيرة، مثل يحي الجمل، الفقيه الدستوري الذي أصبح نائبًا لرئيس الوزراء في أول وزارة بعد 25 يناير، وجابر عصفور الذي أصبح وزيرًا للثقافة مرة في آخر حكومة لمبارك ومرة في أول حكومات الرئيس السيسي. والكاتب السياسي مصطفى الفقي، وسفيري موريتانيا والمغرب على التوالي.

وقد كان الصالون الثقافي العربي يقيم اللقاءات الفكرية مع كبار المفكرين والمثقفين المصريين أمثال سيد ياسين، حسن حنفي، ولقاءات مع سياسيين أمثال عمرو موسى والمنصف المرزوقي الرئيس التونسي السابق. ونشر الصالون أعمال الندوات في كتب.

ومن جهتي نظمت أسبوعًا ثقافيًا لبنانيًا في القاهرة نهاية سنة 2010، ومن المؤسف أن الفترة اللاحقة لم تعد تسمح بإقامة نشاطات ثقافية لبنانية في مصر.

كما نظّمت ندوة بالتعاون مع مجلة «الهلال» بمناسبة مرور مئة عام على وفاة مؤسسها جرجي زيدان عام 2014.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.