ما الهدف الحقيقي لـ «حزب الله»؟ محاربة الفساد: إصلاح ثم محاسبة… حرية القضاء أولاً ومحاسبة وزراء الطاقة والمال ومؤسسات المطار، المرفأ، والجمارك

ثمة تضليل كبير يتفشى في أروقة السلطة ومراكز الحكم والقوى التي تلتحق بهم، وهو الحديث عن الفساد، مع التأكيد الحماسي المنقطع النظير على أنه «لا بد من محاربة الفساد وملاحقة الفاسدين مهما علا شأنهم وإمتد تاريخهم في العمل العام».
ماذا وراء تحريك «محكمة الرؤساء والنواب»؟
وفي مبادرة ذات دلالة، تحمل أثقالاً من الإشارات والإيحاءات المدروسة وبدقة، كان تحريك، تشكيل محكمة الرؤساء والنواب،
وهذه المحاولة المدروسة، تشير إلى أهداف وغايات محددة، معروفة،
وعزز هذا التوجه، حماس «حزب الله»، العائد من الحروب في الجوار والمنطقة، للعمل في الداخل واستكمال سيطرته على مقدرات البلاد ومؤكداً انه بدأ بتنفيذ الشعارات الانتخابية التي أعلنها في خلال المعركة بأنه وعلى نطاق أوسع «نحمي ونبني».
العدو الإسرائيلي
ويقصد هنا انه وبعد ان حمى لبنان من العدوان الاسرائيلي، وضمن أن اسرائيل أصبحت عاجزة عن مقارعته بالسلاح.
وانه، بحسب قوله، حقق التوازن الاستراتيجي مع العدو وأقام «توازن الرعب» بحيث أصبحت المدن في الأرض الفلسطينية المحتلة، التي يُطلق عليها اسم إسرائيل، في مرمى صواريخه ونيرانه حيث يستطيع ان يدمرها.
وهذا التوازن – حسب الحزب – جعل العدو الاسرائيلي يمتنع عن أي اعتداء على الأرض اللبنانية.
وأنه وبعد هذا التوازن الذي يشكل أعلى درجات الحماية، بدأ «حزب الله»، بحملته الكبيرة «بعملية البناء الموعودة».
فرضوا قانوناً إنتخابياً عنوانه «النسبية» والهدف إحكام السيطرة على المؤسسات
ولتحقيق أهدافه، ولإحكام سيطرته مع حلفائه تم فرض قانون انتخاب زُعم انه قانون على القاعدة النسبية، إذ أن المناطق التي يهيمن عليها لن تعرف أو تشهد «انتخابات نسبية»،بسبب هيمنة السلاح، ومنع المعارضة له ، وفرض السيطرة الكاملة على المناطق التي تنتشر فيها جماعات الحزب.
وفي المناطق الأخرى
بينما المناطق الأخرى، ستعرف انتخابات تعددية في نتائجها، تعدد القوى السياسية المنتخبة، محققاً – بذلك – إختراقاً في تلك المناطق لمصلحته ومصلحة حلفائه.
فحقق ما أراد… وكذلك في الحكومة
وكان له ما أراد، وإستخدم ذات الأساليب في تعطيل تشكيل الحكومة، فرض ما شاء مانعاً تشكيل حكومة إلاّ وفقاً لمصلحته وهيمنته.
وإنتقل إلى إطلاق معركة عنوانها: «معركة الفساد» والهدف السنيورة
وبعد ذلك أطلق معركة جديدة تحت إسم «محاربة الفساد»،
ولم تعد المعركة اشارات عامة بل حولها إلى معركة التعيين والتحشيد، مصوباً المعركة ضد خصم له كان في السلطة في الأيام الحرجة من تاريخ لبنان في السنوات الماضية وهو الرئيس فؤاد السنيورة.
الرئيس السنيورة: إنها «عاصفة في فنجان»
في تقديري، ان اختيار «حزب الله» «المعركة ضد السنيورة» هو:
«اختيار السياسة،
لا الإصلاح ومحاربة الفساد»،
وذلك لأن المعركة ضد الرئيس السنيورة، والتي بدأت منذ سنوات بعيدة ومن عدة قوى، لن تصل إلى شيء،
إما لأن موقف السنيورة وإلتزامه القانون ومصلحة تسيير البلاد في ظل العصيان، وإحتلال «حزب الله» الشوارع وتوقف مجلس النواب لسنين عن العمل، وعن تصديق الموازنات،
وفي ذات الوقت،
رفع الأجور وزيادة المصاريف،
مما يجعل هذا البحث يحتاج إلى وقت طويل وصراع مرير، ونتائج، في تقديري، أنها ستكون كما قال الرئيس السنيورة «عاصفة في فنجان».
إرادة «حزب الله» تعطيل «محاربة الفساد»
وأظن أن «حزب الله»، لا يريد أكثر من هذا، إ رادته تعطيل محاربة الفساد. وهنا لا بد من التفريق بين الاصلاح وتأسيس الرقابة الصارمة لمنع الفساد عن الاستمرار، وبين المحاسبة،
إن الدعوى التي أقيمت ضد مجهول و«هدفها المجهول معلوماً وهو السنيورة»، لا توقف الفساد المستشري ولا تمنع من استمرار الارتكابات الفاحشة.
«الإصلاح أولاً» هو المطلوب… فالمحاسبة
لأن المحاربة الجديدة للفساد تبدأ من الاصلاح أولاً لأنه هو الأهم الآن، ولا مانع بل من الضروري أن تجرى المحاسبة لاحقاً. ومن أجل البدء بالإصلاح الحقيقي الذي يحول البلاد الغارقة بالفساد والرشوة والاعتداء على القوانين،
تحويل القضاء إلى سلطة
يجب أن نبدأ، بتحويل القضاء اللبناني إلى سلطة قضائية،
وهناك فرق هائل بين القضاء بصورته الحالية وبين «السلطة القضائية»، وذلك لأن قضاءنا تابع «للسلطة السياسية» وهي التي تشكل الهيكل والمؤسسات القضائية وهي التي تتحكم بصورة «فظة ومستهترة» بمصير القضاة الشرفاء، وبذلك تضع يدها على القضاء، وأحدٌ لا يستطيع أن يطمئن إلى أي محاكمات تجرى تحت شعار «محاسبة الفاسدين».
وتحريره من هيمنة السلطات الحاكمة
ولهذا لا بد من أن يتحرر القضاء من هيمنة السياسيين والسلطات الحاكمة ويكون ذلك بأن تنشأ سلطة قضائية، وهذه السلطة تعتمد آلية قانونية صارمة ودقيقة ومتحررة في اختيار القضاة وتشكيل المؤسسات القضائية العليا.
أساس تحرير القضاء
وأساس هذا التحرر، هو ان يختار الجسم القضائي: المحاكم العليا ، والمؤسسات الناظمة والمنفذة للقوانين، والمشرفة على سلامة العمل القضائي وأمنه وكرامته،
وعندها يطمئن المواطن
وبتحرر السلطة القضائية، يمكن أن يطمئن المواطن بأن ما قد يجري في ساحة القضاء هو تنفيذ القوانين وليس تجسيد إرادة الحاكمين السياسين.
ويدرس القضاء قانونية الـ 11 ملياراً بعد التمسك بالقوانين وتفعيل الرقابة والمحاسبة الشاملة
المهم الآن، ان تتمسك السلطة بالقوانين وتفعيل الرقابة والملاحقة القضائية لكل فساد يرتكب اليوم وغداً،
وبذلك نكون قد ضَمَنَّا أن هناك خطاً عريضاً أحمر يفصل الحاضر والمستقبل عن الماضي،
بعد:
– تحقيق السيطرة على الإدارة،
– وتفعيل القوانين،
– وتوقف الهدر والسرقة والصفقات،
– ثم تلتفت إلى الماضي لإجراء المحاسبة، وان تكون المحاسبة شاملة،
– ووضع وزراء الكهرباء في المساءلة لهدرهم لسنوات.
– يجب ان يدرس القضاء قانونية صرف المليارات الأحد عشر،
– وفي ذات الوقت وضع جميع وزراء الكهرباء والطاقة في موضع المساءلة لأنهم هدروا الأموال ولعشرات السنوات دون تأمين الكهرباء،
– وكذلك محاسبة وزراء المالية والاقتصاد…… الخ.
والمرفأ والمطار والجمارك
وان توضع جميع المؤسسات ذات المنفعة العامة، والتي تدير قسماً كبيراً من اقتصاد القطاع العام ومصالحه،
موضع التساؤل والمحاسبة وخاصة المرفأ والمطار والجمارك.
وان يكون هدف المحاسبات إقامة العدل لا التشهير
وأن يكون هدف فتح هذه المحاسبات لا الانتقام أو التشهير،
بل إقامة العدل،وبيان الحقيقة،واسترجاع أموال الشعب،
ومعالجة الدين العام الذي يشكل التهديد الدائم للوطن بأسره.
نعم للإصلاح… ألف نعم
نعم لمحاربة الفاسد فوراً وفي كافة المؤسسات والمجالات،
ونعم لتنفيذ القانون والرقابة،
ومن ثم نعم للمحاسبة الشاملة.
بذلك نكون قد صنعنا:
أفقاً مشرقاً لمستقبل لبنان، مستقبلنا،ومستقبل أبنائنا، كرامتنا وكرامة أبنائنا،وحريتهم.