من نوائب الدهر… الشيخ غالب سنجقدار يروي ما حدث معه: «يوم قال عنصر في الأمن العام إن المدعي العام وليد عيدو يريدك»!!

لا، ولن أنسى طول عمري مواقف العز لـ «جريدة التمدن» الغراء وصاحبها الأستاذ فايز السنكري إزاء الحدث الذي افتعله المدعي العام في طرابلس، آنذاك، وليد عيدو،
وفيما يلي تفصيل ذلك:
كنت متابعاً للأحداث التي تجري على الساحة اللبنانية سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو أخلاقية وأُصدر النداءات، منتقداً التجاوزات التي تمس حقوق كل مواطن، بغض النظر عن عقيدته وانتمائه ومنطقته، داعياً الشرعية اللبنانية لوضع حد لتجار السياسة والوطنية والطائفية والمذهبية، أصحاب الشعارات المزيفة التي لا أثر حقيقياً لها على أرض الواقع، مدافعاً عن:
حقوق طرابلس الحيوية،
ومشاريعها الانمائية،
وحقوق المظلومين المحرومين من العدالة،
داعياً لمحاربة الفساد والمفسدين وحيتان المال واللصوصية المُبرمجة والمافيات المنتشرة انتشار الجراد.
نعالج تلك القضايا الحيوية الهامة التي تهم كل لبناني على الإطلاق.
النداءات تصدر من «مجمع التوجيه الإسلامي» موقعه باسمه لأن الصراحة والوضوح من أسس عقيدتنا. ومبدأ نشأنا عليه، منذ نعومة أظفارنا، ولا شيء عندنا يُحاك بالخفاء وتحت الطاولة، وصدق الشاعر حيث قال:
ما قيمة الناس إلاّ في مبادئهم
لا المجد يبقى ولا الألقاب والرُّتب
تلك مهمتنا في مجال الخدمة العامة التي نعتبرها «عبادة»، والخيرة من الناس يتنافسون فيها لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
«خير الناس أنفعهم للناس».
كنا نصدر تلك النداءات بدون إذن من أحد… داعين للإصلاح والصدق وحماية الناس ومصالحهم.
وليد عيدو المدعي العام ساءه ذلك وأراد ان يطلّع على كل نداء قبل أن نصدره ليعطي رأيه، ويحذف منه عبارة، أو يزيد أخرى أو ليشطب ما لا يعجبه.
طبعاً هذا ما ولن نوافق عليه، فحرية الرأي مكفولة حتى في اختيار العقيدة }لا إكراه في الدين{.
وأتابع ما حدث معي في حينه:
ففي سنة 1996، حين كان يعتلي المنصب، أرسل لي موظفاً في الأمن العام يبلغني ان المدعي العام يُحب ان يجتمع بي في مكتبه بالسراي،
– فقلت له: «قل لسيدك: من يُريدُنا يأتي إلينا».
وعلى الفور أخبرت أخي، فايز سنكري، الحبيب المحب رفيق النضال بالحدث فرفض ما طلبه عنصر الأمن العام وكتب في جريدته «التمدن» وفي الصفحة الأولى وبالخط العريض:
«يا شيخ لست وحدك بل كل طرابلس معك»،
وهذا العنوان كان لمقالات عدة صريحة وشفافة دفاعاً عن الحق والحرية والكرامة والعدالة طبقاً لمسيرته التي اشتهر بها، الأمر الذي أثار حفيظة من يعشق تلك الصفات المثلى فكان أول من زارنا في «مجمع التوجيه الإسلامي» رئيس الوزراء الأسبق المرحوم عمر كرامي مثنياً على موقفي قائلاً:
«رجل الدين في مقره ومن يريده يأتي إليه، كرامتنا من كرامتك، كل امكانياتنا الشخصية وما نملكه من وسائل الإعلام وسواها بتصرفكم»، وانهى قوله:
«يا جبل ما يهزك ريح»،
وتوالت على «مجمع التوجيه الإسلامي» الشخصيات السياسية والاجتماعية منهم: أحمد كرامي، المرحوم فاروق المقدم والمرحوم فتحي يكن والأستاذ مصطفى عجم وسواهم.
وعُلم ان الذي شجع المدعي العام على اتخاذ هذا الموقف تجاهنا صحافي من طرابلس سامحه الله وسامح المدعي العام الذي أصبح في ذمة الله،
ومن أراد الوقوف على تفاصيل القضية فليراجع «جريدة التمدن» العدد 624 الصادر في 20/11/1996 والذي يليه يجد فيه ما يشفي صدور قوم مؤمنين بالحرية والكرامة والعدالة.
وختاماً بورك فيك وعليك يا أخ فايز على ما بذلت من جهد وتلك مسيرة الرجل الصامد… والرجال قليلُ.
وإذا كانت النفوس كباراً
تعبت في مرادها الأجسام.