طرابلس لبنان - سياسية مستقلة

الحزب القومي: تاريخ من الانقسامات والانتخابات تفضح «المستور»

الانقسام داخل «الحزب السوري القومي الاجتماعي» هو تقليد قديم يعود أساساً إلى المرحلة التي تلت إعدام مؤسسه الزعيم أنطون سعادة.
فمنذ أيام الراحل جورج عبدالمسيح بدأت تتناسل الخلافات داخل هذا الحزب بشكل غريب.
وأهم هذه الخلافات كان في النصف الثاني من سبعينيات القرن العشرين، عندما حدث انقسام بين فريقين في الحزب، واحد كان مؤيداً للتدخل السوري في لبنان والآخر كان معارضاً له، وجاءت الثمانينيات ليصبح الفريقان من مؤيدي سوريا في لبنان، لكن دون ان يتوحدا، حتى حصل بعد ذلك هذا التوحيد بتدخل سوري، لكن الخلافات بعدها لم تتوقف، خاصة بين مؤيدي النائب الحالي والوزير السابق أسعد حردان ومعارضيه.
وفي مرحلة الانتخابات الحالية خرجت كل الأمور إلى العلن، وبات واضحاً التباين الانتخابي الحاد بين فريق حردان والفريق الآخر المسمى «قومي الروشة»، في إشارة إلى مركز هذه الجناح في بيروت، وهو الذي يتولى رئاسته ربيع بنات.
ولتكون الصورة أوضح، فلقد أعلن حردان أسماء مرشحي الحزب (جناحه) وهم: غسان غصن عن بيروت الثانية، وحسان العاشق عن بعلبك – الهرمل، وانطوان سلوان عن البقاع الغربي – راشيا، وجوزيف كساب عن بعبدا، وعبدالباسط عباس عن عكار (الشمال الأولى)، وسلفادور مطر عن عكار (الشمال الأولى)، وأسعد حردان عن مرجعيون – حاصبيا، كما أعلن دعم ترشيح سليم سعادة عن الكورة (الشمال الثالثة).
في المقابل، أعلن ربيع بنات أسماء مرشحي جناحه (الروشة) وهم: وليد العازار في الكورة (الشمال الثالثة)، وانطوان خليل في دائرة جبل لبنان الثانية، وجودت بطرس في طرابلس (لم ينضم إلى أي لائحة واعتُبر منسحباً)، وشكيب عبود في عكار (الشمال الأولى)، وحنا جعجع في البقاع الثالثة.
وهكذا، صار الجناحان وجهاً لوجه، انتخابياً.
وفيما حاول الجناحان الاستقواء بـ«حزب الله»، لترجيح كفة هذا الفريق على حساب الآخر، بدت الأمور أكثر تعقيداً.
فباختصار، أصرّ النائب والوزير السابق سليمان فرنجية على ترشيح النائب سليم سعادة على لائحة «وحدة الشمال» في دائرة الشمال الثالثة، وسعادة يُعتبر من حصة حردان (ولو كان يحاول البقاء على شيء من الحيادية نظراً لحيثيته الكورانية الشخصية).
كذلك، أصرّ الرئيس نبيه بري على ترشيح النائب أسعد حردان على لائحة الثنائي الشيعي (الأمل الوفاء) عن المقعد الأرثوذكسي في مرجعيون – حاصبيا.
وفي دوائر عديدة، تُركت الأمور للأوضاع المحلية، وخاصة في جبل لبنان حيث يوجد «التيار الوطني الحر» الذي مال إلى مرشحي حردان إجمالاً، للتحالف في هذه المناطق.
لكن، بقيت عقدتان أساسيتان، هما عقدتا الترشيح القومي (بجناحيه) في عكار والكورة.
كيف حُلت هاتان العقدتان؟
يروي سالم زهران ان حل العقدتين جاء على سبيل «المقايضة» مع عقدة البساتنة (فريد وناجي) على لائحة أرسلان – وهاب في الشوف – عاليه. إذ فيما كانت الأمور تتجه إلى مواجهة بين العونيين وفريق أرسلان – وهاب في لائحتين منفصلتين في هذه الدائرة، جاء الحل من عند السيد حسن نصرالله، الذي دعا النائب جبران باسيل إلى إفطار (غير دعوة فرنجية – باسيل إلى إفطار حارة حريك)، وحدث ذلك قبل ساعات قليلة من اغلاق باب تسجيل اللوائح في منتصف ليل الرابع من نيسان.
فلقد قرّر نصرالله ان «يسمح» بترشيح فريد البستاني (العوني) إلى جانب ناجي البستاني (المستقل) على لائحة أرسلان – وهاب – العونيين في الشوف (وكان فريق أرسلان –وهاب يرفض هذا الأمر ويصرّ على ان يكون ناجي «البستاني الوحيد» على هذه اللائحة.
لكن ما الذي «فرضه» نصرالله على باسيل مقابل هذا التنازل الارسلاني – الوهابي؟
طلب من باسيل ان يكون على لائحة «التيار» في عكار مرشح القومي (جناح الروشة) شكيب عبود (عن المقعد الأرثوذكسي) بدلاً من مرشح القومي (جناح حردان) عبدالباسط عباس (عن المقعد السني).
وفي الكورة طلب ان يتم ضمّ مرشح جناح الروشة، الدكتور وليد العازار، (عن المقعد الأرثوذكسي)، إلى لائحة «التيار» المسماة «رح نبقى هون».
وبعد إفطار باسيل في حارة حريك، جاء إفطار فرنجية – باسيل في المكان نفسه، والهدف كما قال فرنجية لاحقاً هو «فتح صفحة جديدة وامكانية تتابع اللقاء بجلسات تنسيقية».
أما باسيل فاعتبر في تغريدة، بعد إفطاره مع فرنجية بضيافة السيد نصرالله، أن «لا شيء يمنع التعاون السياسي مع فرنجية بعد الانتخابات، وأصلاً لم يكن يجب أن يكون هناك خلاف، فلا سبب للحدّية والنفور».
يا لمحاسن الصدف!!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.