طرابلس لبنان - سياسية مستقلة

النائب علي درويش: لائحة «للناس» هي لائحة اعتدال وفيها انسجام وعنصر شبابي واعد

في العام 2018 خاض النائب علي درويش الانتخابات النيابية للمرة الأولى، وكان ذلك ضمن «لائحة العزم»، التي شكّلها الرئيس نجيب ميقاتي، وفاز منها أربعة مرشحين شكّلوا كتلة نيابية حملت اسم «كتلة الوسط المستقل». واليوم يخوض درويش المعركة مجدداً، وعلى لائحة يدعمها ميقاتي وتحمل اسم «للناس»، ويعتبرها درويش امتداداً لكتلة «الوسط المستقل»، «إذ لا يخفى على أحد أن دولة الرئيس نجيب ميقاتي هو ناخب أساسي على مستوى طرابلس والشمال».
في هذا اللقاء مع «التمدن» يتحدث درويش عن علاقته بمدينته، وعن الطموحات والآمال التي حملها قبل 4 سنوات، وما تحقق وما لم يتحقق منها، وعن رأيه في القانون الانتخابي، حسناته ومساوئه، وعن «شيطنة طرابلس» والثقة بأن من كانوا يغذون الفتنة لن يستيطعوا النجاح حالياً، بفضل الوعي وسهر أجهزة الدولة.
وفي النهاية، وجّه درويش كلمة إلى الناخب، شاجباً ما يقوم به البعض من بث للشائعات والافتراءات، ويقول: «أنا كنت أصلي في مسجد السلام لحظة التفجير، لذلك أعتبر نفسي الشهيد الحي في هذا الملف… ونقطة على السطر». في ما يلي تفاصيل الحوار:

في البداية دعني أسألك عن سبب تسمية لائحتكم «لائحة للناس»؟
– في الحقيقة كلمة للناس محبّبة، وهي تعبّرعن ضمير وروحية أي مجموعة معيّنة، وعندما نخاطب الناس فإننا نقصد مجموعة من البشر في منطقة جغرافية محددة، وهي طرابلس – المنية – الضنية (المنطقة الإنتخابية)، وهذا التعبير شكلاً ومضموناً يمثّل روحية هذه المجموعة.
لائحة اعتدال
وهل أنتم مرتاحون للتوافق بين أعضاء اللائحة؟
– أعتقد أنّ هناك أولاً العنصر الشبابي الذي ترتكز عليه هذه اللائحة، وهو الأمر الطاغي، وثانياً إنّ السمة الأساسية للائحة هي الإعتدال، وليس لدينا إصطفافات عنيفة تعبّرعن الإنقسام اللبناني، وهذا أمر يساعدنا على العمل، وعلى الخطاب الهادىء والرصين، إضافة إلى أننا نعتبر أنّ العناصر المكوّنة لللائحة فيها تجانس وعنصر شبابي واعد، إلى جانب البصمات الخاصة لأعضاء اللائحة، والتي يمكن أن تنطبع في حال وصولهم إلى الندوة البرلمانية، وهذا أمر نحن نرغب به ونعمل لتحقيقه، لأننا في الحقيقة إمتداد لكتلة حصلت على نصف عدد نواب طرابلس في الإنتخابات السابقة، ولا يخفى على أحد أنّ دولة الرئيس نجيب ميقاتي هو ناخب أساسي على مستوى طرابلس والشمال، وكذلك على المستوى اللبناني، ولديه الكلمة الفصل التي قالها وسيقولها عند كل إستحقاق وطني.
العلاقة بالمدينة
سؤالي للدكتور علي درويش كإبن طرابلس، كيف تشرح تلك العلاقة التي تربطك بعاصمة الشمال؟
– أولاً شاء القدر أن يكون مسقط رأسي هو طرابلس، وهذه المدينة أرتبط بها جوهرياً وعضوياً، إنطلاقاً من تاريخ عائلتي في سوق القمح (التبانة)، وعمل والدي في دائرة المساحة في الشمال، وصولاً إلى أنني كنت أصغر مدير بنك في هذه المدينة، وكان التفاعل من أفضل ما يكون على مستوى هذه العائلة الطرابلسية، إلى جانب أنّ هذه المدينة تزخر بكثير من الأماكن التي تحفر في الذاكرة، الكثير من المواقع في مدينة فيها من التنوّع والعمق والرقي والتاريخ العبق بمحطات ساهمت في إطلاق تسميتها بأنها «مدينة العلم والعلماء»، وبالتأكيد أنّ علماءها هم من خيرة وصفوة الناس، وبالطبع فإنّ الأماكن لديها التأثير المباشر في تحديد معالم الشخصية، فأنا وُلدت في ساحة الأميركان (القبة)، التي كانت ملتقى للعائلات الطرابلسية، وفي كل مكان في طرابلس كانت لي ذكريات، سواء على المستوى الرياضي أو التربوي أو الإجتماعي، لذلك هناك رابط عضوي يجمعنا بطرابلس تاريخياً وروحانياً أو على صعيد البنية الإجتماعية، والناس تدرك ولا شك مدى التداخل مع المدينة.
ماذا تحقق من الطموحات؟
نجحت في الإنتخابات النيابية الماضية وتترشح اليوم وفق القانون الإنتخابي نفسه، هل إستطعت تحقيق بعض طموحاتك، وما كنت تأمله بالنسبة لتأمين مطالب وآمال الناخبين؟
– أعتقد أنه تم بذل جهد كبير بشأن نقطتين أساسيتين، أولاً كنائب عن طرابلس، فإن الطرابلسيين شعروا بل لمسوا مدى حضورنا، من خلال الإضاءة الإعلامية على المستوى اللبناني وحتى الإعلام الدولي، في ما يتعلق بشؤون طرابلس وشجونها، وهذا الأمر ساعدنا في وضع الأمور الطرابلسية على سكة التنفيذ وهذا كان جيداً، وحتى على مستوى المقعد النيابي الذي شغلته في إطار كتلة نواب طرابلس، وهو المقعد العلوي، وذلك لأول مرة على إمتداد فترة طويلة، إذ تمّ إنشاء مكتب خاص في هذه المنطقة التي هي جزء لا يتجزأ من طرابلس، وأصبح هذا المكتب مقصداً لكل أبناء طرابلس المحبين، وهذا الأمر من شأنه إنتاج علاقة عضوية مع سائر أبناء المدينة، بإعتبار أن هذا المقعد العلوي هو جزء طرابلسي، ونحن أقمنا حضوراً وعلاقة لملاحقة شؤون الناس، وربما أن الظروف لم تساعدنا لتحقيق كافة ما نطمح إليه، في وقت زادت فيه المآسي والآلام والجراح على صعيد الوطن ككل، في ظروف إقتصادية ومعيشية صعبة للغاية، وأعتقد أن الناس رأت ولمست أننا إستطعنا أن نحلّ مشاكل عديدة ونضع أنفسنا في خدمة أهلنا وأبناء مدينتنا، لاسيما على صعيد الكهرباء والمياه والقضايا الصحية، وما يتعلق بالشؤون العامة والأمور التشريعية، والمنصف لا شك يعرف كمية الجهد الذي بُذل ونعتبر أنّ هناك ضرورة أيضاً لرفع منسوب هذا الجهد، وكذلك لامسنا القضايا العامة التي تخص مدينة طرابلس بشكل علمي وحضاري، وهذا ما تتميز به طرابلس، فهي عاصمة الشمال وليست مدينة عادية فحسب، وهي عاصمة إقتصادية، علينا أن نسعى جميعاً لتأمين كافة المتطلبات لتمكينها من النهوض والإنطلاق إقتصادياً في هذا المجال.
كنائب ومرشح حالي هل لديك ملاحظات بشأن القانون الإنتخابي الحالي، الذي يتم العمل به للمرة الثانية، وهل هناك من ثغرات؟
– لا شك أنّ هذا القانون يتضمن الكثير من الثغرات، والثغرة الأساسية أنه لا يسمح للناخب أن يختار أكثر من صوت تفضيلي واحد، كما هي الحال اليوم، وإذا قارنّا هذا القانون بالقانون السابق الأكثري، الذي كان ساري المفعول من الستينات إلى الإنتخابات السابقة، فإننا نجد أنّ هناك نقلة نوعية إيجابية من حيث موضوع النسبية في القانون الحالي، بمعنى أنّ كل كتلة تستطيع أن تستحصل على حجمها المنصف من خلال الحاصل الأول، لكي تستدل على مدى الثقة التي حصلت عليها من مجموع الناخبين، بالإضافة إلى الحاصل الثاني بعد إلغاء اللوائح التي لم تستطع نيل الحاصل الأول، وهذا الأمر فيه شيء من الإيجابية، إنما هناك تموضع معيّن بمعنى أنه لم نبتعد كثيراً عن القيد الطائفي، لأن الأصوات التفضيلية أغلبها ستنصبّ بإتجاه طائفي، نحو مرشحين معيّنين. مع أننا كنا نفضّل إبعاد الموضوع الطائفي، لأن الجيّد يمثل الجميع والسيىء يمثل نفسه، وهذا الأمر يفترض السير به، إذ أنك كلبناني لك حقوق وعليك واجبات، ومتى دخلنا إلى المواطنة نختصر كثيراً من المسافات، وهذا القانون لم يدخلنا إلى المواطنة، إنما كانت هناك صدمة إيجابية من خلال النسبية إلى حد ما، ومع ذلك هناك أمور لا يزال فيها الكثير من الشوائب.
هل تتخوفون من إمكانية تطيير هذه الإنتخابات؟
– لا، لأنه بوجود الحكومة الحالية، التي همّها وقف الإنهيار وإجراء الإنتخابات، وبوجود رئيس حكومة من أبناء طرابلس، وبوجود وزير داخلية هو أيضاً من طرابلس، ومعرفتي الخاصة بهما شخصياً، بأنهما جادون في تحقيق كل ما هو مطلوب لإجراء الإنتخابات في وقتها، وعملياً لا أعتقد بوجود أي إمكانية لعدم إجراء هذه الإنتخابات في 15 أيار.
«شيطنة طرابلس»
هل تعتقدون أن محاولات شيطنة الوضع في طرابلس قد توقفت؟
– لا شك أنّ طرابلس دفعت أثماناً وإستُعملت كصندوقة بريد، وبالعمق هناك كلام كثير يقال حول هذا الموضوع، ولا شك أنه سيقال ويقال حتماً، والذي أستطيع قوله بهذا الصدد إنّ هناك من يحاول بشتى الطرق وبشكل مستمر حل مشاكل لبنان من طرابلس، وهذا الأمر برز كثيراً في المرحلة السابقة، إنما في هذه المرحلة أعتقد أنه أصبح هناك وعي أكبر، إن كان على مستوى الطرابلسيين جميعاً، أو على مستوى من يسوّق لهذا الأمر، بشكل يمنع عملية الإنزلاق وإستعمال طرابلس بالعناوين التحريضية، طرابلس مدينة وادعة سكانها من أكرم السكان، ونسبة الطيبة عندهم مرتفعة، والبعض منهم يبالغ في هذا الأمر، وأعتقد أن الدولة بأجهزتها ساهرة لمنع أي تسلل أو أي رغبة لدى البعض لإفتعال مشاكل وإلصاقها بأبناء طرابلس، واليوم هناك صعوبة لإستخدام طرابلس كما في السابق، بنتيجة الوعي وحرص أجهزة الدولة وفي طليعتها الجيش اللبناني، وأعتقد أنّ الرسائل التي اُطلقت في السابق إنتفت الحاجة إليها، وإذا أردنا القراءة إقليمياً ومحلياً أعتقد أنه ليس في مصلحة لبنان زيادة الإصطفافات في هذه المرحلة بل بالعكس، الكل يتكلّم مع الكل على المستوى الإقليمي، والمتعادون سابقاً أصبحوا أقرب إلى المتحابين، فحريّ بلبنان التوجه نحو الإنفتاح والإستقرار، ونحن في لبنان نستفيد من التوافق إن كان عربياً – عربياً أو حتى إقليمياً، إضافة إلى أن تقوية الأجهزة اللبنانية وعلى رأسها الجيش اللبناني هو حاجة ملحة.
طرابلس صيغة إلتزام ديني راقٍ وصحيح وإنفتاح، وهي حاضنة وعاصمة لجميع أبنائها، لأي مشرب إنتموا، وصيغة طرابلس لن تكون إلا صيغة إنتاج وحتى لو كان هناك كبوة على المستوى الأقتصادي بمراحل زمنية صعبة على لبنان، ولا بد من نهضة بلحظة من اللحظات ونمتلك كل المقدرات لفعل ذلك.
طرابلس لن تكون إلّا حاضنة وعاصمة
هل إنتهينا من المواجهات الدامية بين (فوق وتحت) أي بين التبانة وجبل محسن؟ وهل طويت هذه الصفحة نهائياً؟
– أنا أدّعي أني أمثل (فوق وتحت)، وحتى إنتخابات 2018 عكست هذا الأمر، وأعتقد أن إنتخابات 2022 ستعكس أيضاً ذلك، ووفق الضمير الطرابلسي علي درويش يمثل الجميع، وبأنه عن المقعد العلوي إنما كذلك عن كل طرابلس وأنّ هذين الأمرين يمشيان بالتوازي، ومن كان يغذي ما حدث سابقاً في طرابلس لا أعتقد أن له مصلحة بالضخ في المرحلة القادمة لأنه سيدفع ثمناً غالياً في حال أعاد إحياء فتنة ماتت إلى غير رجعة، ولن يكون هناك شعار إيقاظ فتنة، فهي دُفنت نهائياً وإلى لا عودة، هذا الأمر إنتهى وإستحضاره لإفادة البعض من الأفراد أعتقد أنهم سيدفعون ثمناً غالياً في حال إستعملوا فقط هذا الشعار، فلا مصلحة لأحد إلّا صيغة الإنفتاح والإستقرار والإقتصاد وهذا الأمر دولياً وإقليمياً نحن نحتاج إليه، ومن يحاول عكس ذلك أعتقد أنه سيدفع الثمن غالياً، لأنه ليس للطرابلسيين خيار آخر إلّا العيش الواحد في مدينة واحدة في نسيج واحد مع تنوع المشارب على المستوى الديني، وما يجمع هو يجمع التاريخ والحاضر والمستقبل ولن تكون طرابلس إلا حاضنة وعاصمة، وليست شوارع بل هي تراث مدينة بكل ما للكلمة من معنى.
كلمة إلى الناخب الطرابلسي
وماذا تقول للناخب الطرابلسي والشمالي عشية الإنتخابات النيابية، سواء كان علوياً أو سنياً أو مسيحياً؟
– البعض يحاول الإصطياد بالماء العكر، وذكر موضوع تفجيرَي التقوى والسلام، علماً أنه في النهاية من أُصيب هو من أبناء هذه المدينة التي إذا أُصيب جزء منها تداعت كل الأجزاء، وخاصة في ما يتعلق بهذا الأمر، وهناك البعض الذي يستغل البعض الآخر في المناسبات أو يحرّف لغايات آنية حتى لا أقول أكثر، وأنا أقول إني كنت في «مسجد السلام» لحظة التفجير لذلك أعتبر نفسي الشهيد الحي في هذا الملف، ونقطة على السطر، وهذا الأمر يُجيب على السؤال بحد ذاته. وعدا عن ذلك نحن نرغب أن يأخذ القضاء مجراه، وهذا الملف في عهدة القضاء وهذا أمر أساس وسبق وذكرناه لمن لم يسمع هذا الموضوع، وبموضوع من هم مسجونون ومن هم خارج الأراضي اللبنانية ذكرنا أن هناك قضاءً لبنانياً وجب أن يأخذ مجراه وتسريع العملية القضائية، وإقفال هذا الملف نهائياً وبالتالي إعطاء كل ذي حق حقه من خلال الدولة اللبنانية وأجهزتها المتمثلة بالقضاء اللبناني، هذا ما قلناه وهذا ما نكرره وليسمع من يريد، ومن يريد الفتنة لأنه مستفيد منها نضعه برسم الأجهزة الأمنية والقضاء اللبناني، ومن يريد أن يصطاد بالماء العكر أعتقد أن المياه أصبحت صافية وأن الناس ترى وتعرف، وبالنهاية أقول لأبناء طرابلس وجبل محسن تحديداً أنتم إختبرتم علي درويش لأربع سنوات والبعض إختبره لعشرات السنين السابقة، وتعرفوننا أباً عن جد، وان همّنا التواصل مع الناس إن كان في عملنا أو في مركزنا الحالي، وثقتكم بنا أوصلتنا إلى موقعنا وإلى الندوة البرلمانية ونتمنى أن نستمر في ذلك بثقتكم، ولكن هل المطلوب أكثر، وأن نسعى، نعم هذا مطلوب وفي الضمير الطرابلسي أصبحت صورة علي درويش محفورة وهذا الأمر أضعه برسم الناس وهم من يقرر ونحن نحتكم إليهم في البداية وفي النهاية.

«لتوقيف من يستغلون معاناة الناس»

علق النائب علي درويش على غرق الزورق في بحر طرابلس بالتالي:
«حياة الناس ليست رخيصة والجهات المختصة مطالبة بالكشف السريع عن مافيات الموت التي تتاجر بشبابنا وكان آخرها غرق القارب على شواطئ طرابلس وتوقيف المتورطين ممن يستغلون معاناة الناس والأزمات المعيشية وإنزال أقصى العقوبات بهم.
السلام لأرواح من قضوا غرقاً والعزاء لذويهم».

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.