طرابلس لبنان - سياسية مستقلة

الياس خوري: طرابلس بحاجة لعمل مؤسساتي وليس لأشخاص يرتجلون وينتظرون الانتخابات «ليعملوا نواباً»

هو من القبة في طرابلس، المدينة التي نشأ فيها وتعلّم في مدارسها، والتي يحتضن ترابها أهله وأجداده المدفونين فيها، هو الياس خوري، المرشح عن المقعد الماورني في المدينة، على لائحة «إنقاذ وطن»، التي يرأسها الوزير السابق اللواء أشرف ريفي.
عندما سألناه عن علاقته بمدينته، بدأ الكلام بتأثر، ثم استرسل ليروي تفاصيل الحياة اليومية في القبة، ثم رحلاته اليومية مشياً على الأقدام، إلى «البلد» عبر الأدراج التي تصل القبة بالنهر.
وعن الرسالة إلى أبناء المدينة الواحدة، يقول: «علينا ان نطوي صفحة الماضي، حتى نستطيع تنقية ذاكرتنا، وحتى نتعاون بعضنا مع البعض الآخر، كي نستعيد وطننا المخطوف». أما عن التصويت فيركز على ان المطلوب الآن هو التصويت للأشخاص الذين يمثلون مؤسسات ذات مشروع، فالمدينة «بحاجة إلى عمل مؤسساتي ولأناس يعملون بعقلية مؤسسات ولديهم استراتيجية العمل، وليس لأشخاص يرتجلون وينتظرون الانتخابات لـ «يعملوا» نواباً. أما في الشق المضيء، فيعتبر خوري أن هناك حراكاً اقليمياً قد يبدأ يُترجم في الأشهر المقبلة بشكل ايجابي بالنسبة إلى لبنان… «فالأمور تذهب باتجاه التسويات في المنطقة وهذا أمر ايجابي». في ما يلي تفاصيل الحوار:

معنى طرابلس
علاقتكم التاريخية مع طرابلس، ماذا تحدثنا عنها؟ وماذا تعني لك هذه المدينة؟
– المدينة تعني لي طفولتي أساساً، والمكان الذي وُلِد فيه والدي وقبله جدّي، ومكان مدافن عائلتي، أمي وأهلي وأجدادي، طرابلس هي تاريخ ولادتنا ومكان طفولتنا ونشأتنا وزمن البراءة والمكان الذي كبرت فيه وتعرفت فيه على الحياة، وحيث درست في (معهد الفرير) وله الفضل الكبير عليّ في نشأتي وفي ما وصلت إليه، طرابلس هي أساتذتي ومعلماتي ورفاقي وجيراني المسلمون والمسيحيون. طرابلس تعني لي عندما كنا وأبناء حارتي في القبة نحضّر لإستقبال الحجّاج العائدين من الحج، فنذهب لجمع سعف النخيل ولتزيين الشارع ومدخل المنزل ونأتي بأغصان الزيتون، لإقامة أقواس النصر ونذهب ونشارط بعضنا من سينتهي أولاً من الزينة المكلَّف بها.
طرابلس تعني لي مكان نشأتي وحيث يوجد بيت أهلي وجدي، ذلك المكان الذي كل زاوية فيه في القبة أعرفها وتعرفني، في مكان «شيطنتي» ونشأتي، وحيث تعلمت وتثقفت، طرابلس تعني لي «الجامعة اللبنانية» حيث تابعت دراسة الحقوق قبل ذهابي إلى الولايات المتحدة الأميركية، لمتابعة دراساتي العليا.
كنت أذهب مشياً على الأقدام من القبّة عبر أدراجها، بإتجاه مجرى نهر «أبو علي»، ومن «البرانية» إلى «ساحة التل» في وسط المدينة، لحضور فيلم سينمائي في إحدى الصالات في «البالاس» أو «الأوبرا» أو «الكولورادو»… ونلتقي برفاقنا. هذه هي طرابلس التي كان «شارع عزمي» أجمل شوارعها ونقوم بـ «الكزدورة» اليومية.
وطرابلس تعني لي عندما كنت أعزف في إحدى الفرق المدرسية الموسيقية في أماكن مختلفة، هذه هي طرابلس بالنسبة لي قبل أن أركب الطائرة وأذهب إلى أميركا.
علينا طي صفحة الماضي لتنقية الذاكرة
وماذا تقول اليوم للناخب الطرابلسي؟
– العبرة من التاريخ والماضي، بأنه على اللبنانيين الإتعاظ من التجارب السابقة، وعلينا أن نطوي صفحة الماضي حتى نستطيع تنقية ذاكرتنا، وبإعترافنا أن اللبنانيين مسؤولون عن ما وصلنا إليه جميعاً، ويمكن أن نقول بنسب متفاوتة وهذا صحيح، ولكننا جميعاً مسؤولون وعلينا التعاون مع بعضنا، حتى نعود ونستعيد وطننا المخطوف ونرجع ونعيد بناء وطننا وهيكل الدولة على أسس صحيحة وسليمة، وفي هذا الإطار أرى أن الإنتخابات الحالية علينا أن نخوضها بروح ديمقراطية ورياضية وأن تكون نزيهة وشريفة، وعلى المواطن المقترع أن يشارك بكثافة وأن يفكر بطريقة صحيحة ويقترع لا أن يعتكف أو يتراجع، لأننا في مرحلة حساسة جداً وبلدنا على مفترق طرق وعلى المواطن أن يختار الأنسب بالنسبة له ولوطنه، وهذه محطة لمحاسبة الناس لاسيما وان السلطة هي نفسها، والذين يمارسونها اليوم هم أنفسهم الذين كانوا في السابق وعلى الناخب أن يطرح السؤال على نفسه من المسؤول؟ والسؤال الثاني من هو الأفضل الذي يمكن أن ينتقل معه إلى المكان الأفضل. وهذا واجب وطني على كل مواطن أينما كان.
طرابلس بحاجة إلى عمل مؤسساتي
برأيك ما هو تأثير الماضي على خياره وإقتراعه؟
– الماضي لا يمكن أن يكون خياراً، وحده المستقبل هو الخيار وعلى الناخب أن يختار مستقبله، وطرابلس التي قيل عنها أنها فقيرة لا يجب أن تبقى فقيرة، بل عليه الذهاب والتصويت لمشروع مؤسسات، يصوّت أولاً لأبناء المدينة الذين يعرفهم، ويعرفونه ويعيشون هموم المدينة، وللشخص الذي عبر المؤسسات والصفة الحزبية التي لديه قادرعلى حملها معه، وأنا هنا لا أسوّق لنفسي وإنما أسوّق لكل شخص منتم إلى حزب ولديه مشروع وطني، وأنا اليوم إذا وصلت إلى المجلس النيابي إن شاء الله أو لم أصل إذا حملت أي ملف عن مدينة طرابلس ومنطقتي إن كان ذلك يخص القبة أو الميناء أو باب الرمل أو محرّم، أو سوق القمح أو أي مكان كسوق الخضار الذي ما يزال مقفلاً والذي نأمل أن يتم إفتتاحه قريباً بجهود المخلصين، هذا الملف إذا حملته كنائب سيحمله أيضاً إلى جانبي نواب الحزب، وإذا كان لدينا وزير أو عشرة وزراء سيحملونه معي، وأنا إذا كان لدي علاقات دولية أو إقليمية ومع دول عربية، مع أميركا أو الصين سأوظّف كل هذه العلاقات الخارجية لصالح هذا المشروع، وأنا أريد أن يعرف إبن طرابلس كيف ينظر إلى البعيد ويدرك أن طرابلس بحاجة لعمل مؤسساتي ولأناس يعملون بعقلية المؤسسات ولديهم إستراتيجية العمل، وليس أشخاص يرتجلون وينتظرون الإنتخابات لـ «يعملوا» نواباً وبعد ذلك لا يكون لديهم أي مشروع عملي أو إستراتيجي لصالح المدينة.
وعلى إبن مدينتي الناخب أن لا يفكر كيف يمكن ان يستفيد في هذا الشهر وفي زمن الإنتخابات بل أن يفكر أن الذي حُرم منه عليه أن يؤمّنه لإبنه وعند ذاك عليه ان يعمل بمنطق المؤسسات التي تبني وطن وتعيد هيكلة المؤسسات، جامعة كانت أو مدرسة أو مستشفى، وإذا إحتاج لها يكون بإستطاعته تأمين الوصول إليها بكرامته دون إذلال، لا أن يقف على باب زعيم أو مسؤول، لأن ذلك حقّه.
قانون الانتخاب
برأيك قانون الإنتخابات الحالي هل هو القانون المثالي أو يحتاج إلى تعديل مستقبلاً؟
– بالطبع ليس هناك في الدنيا شيء مثالي وبالإمكان صياغة قانون أفضل من آخر، وبالممارسة علينا التعلم من السيئات والسلبيات ونقاط الضعف والقوة لهذا القانون أو ذاك، ولكن علينا نحن كمسؤولين أو كدولة أو حكومات أن لا نكون جامدين في أفكارنا، وإذا ثبت لنا بالتجربة أن هناك ثغرات في القانون يجب في كل محطة ان نسعى لنطوّره وهذا دور المجلس التشريعي ودور النواب، وعلى الحكومة مجتمعة أن تعمل على تحسين قانون الإنتخابات. والدساتير ليست مُنزلة، وإذا قانون الإنتخابات الحالي إعتبرناه أفضل من قانون الـ 60 علينا أن نسعى بقلب مفتوح وبعقل مرن على تطويره وإدخال ما يحتاجه من تعديلات لازمة، وهذا ليس بغلط بل الغلط هو التقاعس عن القيام بذلك لأن التاريخ هو حالة دائمة وليس ثابتة وبقدر ما نتحرك مع الزمان والتاريخ بإتجاه المستقبل بقدر ما نكون نفكر بشكل متطور.
كيف الخروج من «الجحيم»؟
بالتأكيد نحن وسط الجحيم على كافة الصعد، برأيكم هل ستكون الإنتخابات البوابة التي من خلالها سينهض لبنان من كبوته؟
– أنتم تعرفون أني مستشار لرئيس حزب «القوات اللبنانية» للعلاقات الخارجية، وأنا أعمل في هذا المجال وناشط وأهتمّ بملفات محددة على مستوى العلاقات الخارجية، ومؤمن وآمل بشكل كبير أن الأيام القادمة بعد الإنتخابات وأعني أنّ الأشهر القادمة ستكون الأفضل لبلدنا، وهذا يرتبط بدينامية المنطقة التي نشهدها من خلال المفاوضات، حيث تشهد المنطقة مفاوضات متعددة ولا تقتصرعلى «مفاوضات فيينا» بشأن الموضوع النووي، هناك مفاوضات أخرى عربية – إيرانية، ومفاوضات عربية في المنطقة، وأوروبية أميركية إسرائيلية في المنطقة، والأمور ذاهبة بإتجاه التسويات، وهذا أمر إيجابي، والمنطقة تتحوّل بشكل إيجابي وطبعاً دونها صعوبات، أحياناً تتأخر في مكان أو تتعرقل في مكان آخر، ولكنها برأيي ذاهبة إلى الإستقرار الطويل المدى وبخلفية وضرورات وحاجات ومصالح إقتصادية للدول الكبرى، وهذا الأمر أتوقع أن يأتي إلينا بظروف ومناخ سياسي أفضل لنا كلبنانيين، والذي يدعونا للذهاب والجلوس إلى طاولة مفاوضات.
وهذا الأمر يجب أن نستفيد منه كلبنانيين ويجب أن لا يشكل لنا أي مشكلة في الجلوس مع بعضنا البعض كلبنانيين للحوار وأعني بذلك كل اللبنانيين دون إستثناء، وبالتالي بقلب مفتوح، ذلك لأنه بات علينا أن نطور نظامنا السياسي، والطائف هو إطار صالح وجيد للإنطلاق منه، والطائف فيه شق يتعلق باللامركزية الإدارية التي هي بوابة اللامركزية المالية التي تسمح لنا الذهاب إلى مجالات التنمية وإعادة هيكلة مؤسساتنا والإلتفات إلى إعادة بناء الدولة. لكن هذا يتعلق بشرط مسبق ان على اللبنانيين أن يقبلوا بالحوار بقلب مفتوح وأن يعملوا تنازلات لبعضهم البعض، لإنهاء أزماتهم.
عندما يفقد سلاح «الحزب» مبرّر وجوده
برأيك هل هذا الأمر يمكن حصوله مع وجود سلاح أحد الأطراف على الطاولة؟
– بالتأكيد لا، فعندما نقول بظروف أفضل، هذا يعني أن وجود السلاح عند فئة من اللبنانيين وبالتحديد مع «حزب الله»، تنتفي مبرراته بعد التسويات التي ستحصل في المنطقة إذ تنتفي حاجة الحزب لتوظيفه في إطار المشروع الإيراني في المنطقة، على أمل أن التسوية تشمل إيران ومصالحها في المنطقة كما نأخذ في عين الإعتبار مصالح الدول العربية والآخرين بتوافق الجميع، وهنا أشير إلى أننا دائماً نسعى أن يكون «حزب الله» جزءاً منا كلبنانيين وشريكنا في الوطن كونه يمثل الطائفة الشيعية وبالضرورة ساعتئذٍ يجب أن يلتفت إلى الداخل اللبناني وأن يعود إلى حالته اللبنانية ليجلس مع إخوانه اللبنانيين ليتشاركوا في هذا الحوار نحو أفضل وسيلة للتعايش في أفضل نظام سياسي متطور علينا السير به.

«طرابلس تدفع مرة أخرى ضريبة الموت»

عبر المرشح عن المقعد الماروني في طرابلس الياس خوري عن «الحزن والفجيعة» بعد غرق المركب في بحر المدينة وقال:
«فجعنا بموت أهلنا الهاربين من فداحة الوضع المعيشي الكارثي في طرابلس ولبنان. لعلها أكبر الجرائم أن يموت المواطن بحثاً عن عيش كريم. محزن أن تدفع طرابلس مرة أخرى ضريبة الموت فيما المسؤولون المباشرون عن هذه الجريمة مستمرون في إغراقنا جميعاً بالإستلشاق والفساد. عزاؤنا القلبي لأهلنا في طرابلس، وعلى أمل إنقاذنا من هذا الجحيم».
وعلق رئيس حزب «القوات اللبنانية» على ما شهدته طرابلس بعد غرق الزورق قبالة شاطئ المدينة، عبر حسابه على «تويتر»:
«زورق الموت قبالة طربلس هو نتيجة اليأس والحرمان والتهميش الذي يطال المدينة وأهلها. على القضاء والأجهزة الأمنية التحرك سريعاً لتوضيح ملابسات هذه القضية ومحاسبة المرتكبين من أي جهة كانت».

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.