طرابلس لبنان - سياسية مستقلة

مرشّح عن المقعد السنّي في طرابلس على لائحة «لبنان لنا»… علي عبدالحليم الأيوبي: طرابلس مأزومة ومحرومة والدولة تتحمل المسؤولية… وكذلك زعماء المدينة

من عائلة نضال وطني وقومي، نشأ وترعرع في طرابلس القديمة (الأسواق) وفي «السرايا العتيقة» تحديداً.
تعلّم حبّ مدينته ووطنه وأمّته منذ نعومة أظفاره، مراقباً معجباً بمسيرة شقيقه الراحل أحمد عبد الحليم الأيوبي، ثم خطّ طريق المجابهة، فاعتقلته المخابرات السورية مما اضطره للابتعاد عن المدينة زهاء سبع سنوات «لأنني كنت حريصاً على الدفاع عن مدينتي وأهلها بكل ما أوتيت من قوة وبكل أشكال المقاومة، السياسية والمدنية والشعبية».
ينتقد إهمال الدولة لطرابلس منذ عشرات السنين، لكنه لا يعفي زعماء المدينة من التقصير الفادح، إذ يقول: «كان الزعماء على امتداد لبنان يحاولون «تظبيط» مناطقهم سياسياً واجتماعياً وعلى صعيد الوظائف، إلّا مدينة طرابلس التي كانت مهمشة، وبرأيي ان زعماءها هم الذين همّشوها».
وعندما يُسأل عن برنامجه الانتخابي، يُجيب بأن أهم شيء هو «استعادة دور النائب في المراقبة والتشريع والقيام بدور اجتماعي حياتي… لأن ما يجري اليوم هو ان النائب قد تخلّى عن دوره الأساسي في التشريع ومراقبة تطبيق القوانين، وفي الانغماس في ملاحقة حصول المواطنين على حقوقهم الطبيعية».
ويختم الأيوبي حواره مع «التمدن» بتوجيه رسالة إلى الناخبين يقول فيها «غيّروا، جدّدوا، وانتخبوا من ترونه مناسباً، وليس بالضرورة أنا، انتخبوا أي شخص تجدونه صالحاً ومصلحاً وقادراً على أخذ القرار وأن يغيّر».
فيما يلي تفاصيل الحوار:

كيف تقدم نفسك إلى الناخب في الدائرة الثانية وماذا عن تلك العلاقة والرابطة التي تجمعك مع طرابلس؟
– على الصعيد الشخصي أنا بدأت مسيرتي كناشط إجتماعي وسياسي من خلال جمعيتي أولاً حيث سعينا إلى تأمين بعض المساعدات، وقد إنطلقنا قبل العام 2010 من خلال شقيقي الذي سبق أن ترشح إلى الإنتخابات النيابية في 1996، ولذلك يمكنني القول أن العلاقة مع السياسة متوفرة لدي ولكن دون وجود زعامة سياسية، وقد بدأنا هذه الإنطلاقة السياسية لا حباً بالسياسة وإنما حباً في خدمة الناس وتأمين حاجياتهم والدفاع عن قضاياهم، ونحن أبناء هذه البيئة وتربينا وعشنا فيها فمنزل أهلي كان في منطقة «السرايا العتيقة» (الأسواق القديمة) حيث أبصرت النور وعشت، وتحسساً مني بالأوضاع الإجتماعية التي كانت تعاني منها طرابلس أردنا أن نكون في خدمة أهلنا في تلك الظروف الصعبة التي مرت بها طرابلس عبر سنوات طويلة حيث مضى حوالي قرن من الزمن وطرابلس تعاني الحرمان، لذلك تمكنا من بلسمة بعض الجراح.
هل الأوضاع الإقتصادية في طرابلس هي الدافع الأول لترشحك إلى الإنتخابات في محاولة لإصلاح قضايا المدينة؟
نضال واعتقال
– أنا شخصياً كان لي ماضٍ سياسي وأمني وقد تم «إعتقالي» من قبل المخابرات السورية بسبب مواقفي مما إضطرني إلى الإبتعاد عن المدينة زهاء 7 سنوات لأني كنت حريصاً على الدفاع عن مدينتي وعن أهلها بكل ما أوتيت من قوّة وبكل أشكال المقاومة السياسية والمدنية والشعبية، وكان همنا وضع هذه المدينة لأنها تمثل الشريحة الأكبر في لبنان شعبياً وأعني بذلك أهل السنّة مع كل إحترامنا لبيروت ولكل المناطق، ولكن طرابلس في الذاكرة الجماعية أنها مدينة السُنّة ونحن في الحقيقة حرصنا منذ نعومة أظفارنا ومنذ طفولتنا بأننا يجب أن ندافع عن مدينتنا لتأخذ كل حقوقها.
وللأسف الشديد طرابلس كانت مغبونة من قبل الدولة ومحرومة من قبل السلطة منذ الإستقلال وحتى اليوم وكان هناك تقصير، ولا أريد أن أشمل الجميع في هذه المسؤولية ولكن التقصير كان موجوداً من قبل بعض زعماء المدينة بإتجاه طرابلس على صعيد الخدمات وفي ما يتعلق بكل مرافق الـ «ميم» من مرفأ ومعرض ومصفاة إلى كل المواقع التي تبدأ بحرف الميم.
ونحن إعتبرنا أن بإستطاعتنا القيام بكل ما يترتب علينا من تحركات لتحصيل حقوق طرابلس والطرابلسيين فهذه المدينة ظُلمت من الدولة اللبنانية وحُرمت وقُهرت من القوات السورية التي كانت متواجدة فيها.
تقصير زعماء طرابلس
هل برأيك أنّ الدولة كانت قادرة على إنصاف طرابلس وتحقيق مطالبها الإنمائية والخدماتية؟
– كلنا يعرف أن الدولة اللبنانية كان فيها سلطة تتحكّم بها «المارونية السياسية» التي كانت حاصلة على كل شيء في البلد، ولكن في الوقت نفسه كان هناك تقصير، ونظرية المؤامرة أنا لا أؤمن بها وخاصة تجاه طرابلس، فكل جهة تشد الحبل بإتجاهها ولمصلحتها، وفعلاً كان الزعماء على إمتداد لبنان يحاولون «تظبيط» مناطقهم سياسياً وإجتماعياً وعلى صعيد الوظائف، إلّا مدينة طرابلس التي كانت مهمشة، لا أعرف، هل لأن الدولة قصدت ذلك؟ برأيي أنّ زعماءها هم الذين همّشوها، لأنه «ما ضاع حق وراؤه مُطالب»، مع أنه كان هناك سياسيون كبار في البلد على مستوى دولة الرئيس رشيد كرامي، وغيره من السياسيين المهمين في طرابلس، ولكن كان هناك تهميش وتقصير ليس من الدولة بل من زعماء المدينة من بداية الإستقلال وحتى اليوم.
كارثة غرق الزورق
هل تندرج في هذا الإطار جريمة غرق الزورق الذي كان يقل مهاجرين من طرابلس إلى الخارج؟ وهل ما حصل هو حادث عرضي يندرج في إطار شيطنة الأوضاع المحلية عشية الإنتخابات؟
– بداية لا بد من التطرّق إلى الأسباب التي دفعت بهؤلاء الركاب إلى الهجرة، وحسب معلوماتنا بنتيجة ما سمعناه أنه في كل فترة كان هناك مركب محمّل بأشخاص يستقلونه للهجرة إلى أوروبا، وما هي الأسباب التي تدفع هؤلاء إلى هذه المخاطرة في مراكب الموت وتعريض أنفسهم وعائلاتهم للخطر وللموت؟ هناك مأزق فالمدينة مأزومة والناس جاعت وهي محرومة من أبسط مقومات الحياة وكل ذلك تتحمّل مسؤوليته الدولة والسلطة اللبنانية وأيضاً زعماء المدينة بالدرجة الأولى. وكانوا يقولون أنّ هذه الأزمة تشمل كل لبنان، فتنكة البنزين تقارب الـ 500 ألف ليرة في طرابلس وفي بيروت، وأسعار الخضروات هي بأرقام فلكية ولكن الفرق أن المواطن ما أن «يطلع» من طرابلس يمكن أن يشتري تنكة البنزين أو حاجياته اليومية والحياتية، ولكن في طرابلس المواطن الطرابلسي ليس بإمكانه ذلك، والناس في مدينتنا يعيشون على صندوقة الإعاشة من السفارات والجمعيات الإنسانية وهذا ما يدفع الناس إلى الهجرة، أما بالنسبة للمركب وما إذا كانت هناك محاولة لإغراقه أو لا لشيطنة المدينة فإن هناك دائماً محاولات مماثلة لهذه الشيطنة، رغم أن هذه المدينة بعد توقف جولات العنف بين جبل محسن والتبانة أثبتت بأنها كما اُطلق عليها «عروسة الثورة»، وأنها مدينة العيش المشترك وأنها عبر سنوات طوال منذ العام 1975 إلى اليوم هي المدينة الوحيدة التي حافظت في لبنان على نسيجها الإجتماعي بالكامل المسيحي والمسلم بكل مذاهبه.
وأنا أذكر عندما كنت صغيراً وفي منطقة «السرايا العتيقة» حيث منزل الأهل كنّا نستيقظ صباح الأحد على صوت أجراس الكنائس، وكنا نتابع من الشرفات جموع المواطنين يحملون الشعارات المسيحية ويتوجهون كل إلى كنيسته، ولا أذكر أنّ أحداً كان يعترضهم حتى بكلمة، لذلك طرابلس هي مدينة العيش المشترك والمدينة الوطنية الأولى التي كان حري بقيادات الوطن أن يمنحوها «ميدالية» بهذا الخصوص.
وأعود إلى قضية المركب وأسأل هل هناك شيطنة؟ ومن وراءها؟ في الواقع هناك محاولات لشيطنة المدينة مستمرة، أما بالنسبة لهذا المركب بالتحديد هل هناك مؤامرة أم لا؟ لا أعرف، ولنترك هذا الأمر للتحقيق.
رسالة إلى قائد الجيش
ولذلك نحن دعونا قائد الجيش وقلنا له كن «نجاشي» لبنان، وكلنا يذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما طلب من المهاجرين المسلمين الأوائل الذهاب إلى بلد النجاشي طلباً للأمان والإطمئنان وقال لهم: «في ذلك البلد ملك لا يُظلم عنده أحد»، والنجاشي كما نعرف لم يكن مسلماً ولكنه كان على دين سيدنا المسيح عليه السلام، وكان عادلاً.
ونحن نقول لقائد الجيش كن نجاشي هذا البلد وسارع في عملية التحقيق حتى تزيد من محبة الجيش في قلوبنا، لأنه الضمانة والمؤسسة الوحيدة لنا اليوم، وضمانة الإستقرار وأمن هذا البلد. ونريد كشف الحقيقة.
يقال أن إستهداف المؤسسة العسكرية وقائد الجيش تحديداً هو محاولة للنيل منه كمرشح محتمل لرئاسة الجمهورية؟
هذا جائز وممكن ولذلك نحن نقول التقصير اليوم مسؤولة عنه السلطة السياسية، قبل أن يكون قائد الجيش، لأن القرار هو قرار سياسي أصلاً، وكذلك الأمر بالنسبة للتحقيق، وربما الهدف في هذا الموضوع تحديداً المستهدف الأول هو قائد الجيش.
نريد استعادة دور النائب الأساسي
على صعيد آخر هل يمكن ان تطلع القارىء والمتابع على أهم بنود برنامجك الإنتخابي؟
– كما يعرف الجميع البرامج الإنتخابية هي واحدة عند كل المرشحين، كالإنماء المتوازن وقضايا المرفأ والمطار ومجموعة الـ «ميم» كما أشرت سابقاً ونحن نقول بأننا نريد النهوض الشامل لهذه المدينة ولكل لبنان، وإحياء كل المرافق الموجودة في المدينة وهي تعاني من الشلل العام، وهناك مرافق أساسية ولكنها في حالة موت سريري، ونحن نريد إستعادة دور النائب بالأساس، إضافة إلى المراقبة والتشريع هو القيام بدور إجتماعي وحياتي، فأي مواطن من حقه الحصول على التعليم لأبنائه وتأمين العمل لهم إلى جانب ما يتعلق بالطبابة والصحة وكل ذلك هو من الحقوق المطلوب من الدولة تأمينها للمواطنين، وهي حقوق مكتسبة، في حين أن ما يجري اليوم هو أن النائب قد تخلّى عن دوره الأساسي في التشريع ومراقبة تطبيق القوانين وفي الإنغماس في ملاحقة حصول المواطنين على حقوقهم الطبيعية.
هل التغيير ممكن؟
في أحد مهرجاناتكم الإنتخابية خاطبتم المواطنين: «إذا أردتم التغيير عليكم المشاركة بكثافة في الإقتراع»، كيف؟
– لا شك أن كل زعيم لديه «بلوك» يساعده في عملية الفوز، وفي حال إحجام الناس عن المشاركة في الإقتراع فإني أدعوهم إلى تغيير هذا الموقف السلبي والمشاركة بكثافة في الإقتراع لأن الإحجام عن ذلك وحتى الإقتراع بورقة بيضاء فيه مساهمة بإنجاح أهل السلطة، وليس هناك أي عذر أمام المواطن للقيام بدوره الوطني المطلوب في عملية الإقتراع.
ولكن التغيير الذي طالبت به هل يمكن أن يحصل وهناك طرف معين هو حزب الله وسلاحه على الطاولة؟
– سيكون تغيير محدود بوجود سلاح حزب الله أي بوجود فائض القوة لدى فريق واحد من اللبنانيين، وهذا سيكون له تأثير كبير في العملية الإنتخابية على صعيد كل لبنان.
زميلكم في اللائحة الدكتور مصطفى علوش رأى أن هذه الإنتخابات هي مصيرية وترسم صورة المرحلة القادمة؟
– بالنسبة لي لا أريد أن أرسم صورة قاتمة للوضع ولكني ذكرت أنّ هناك فائض قوة في البلد ونحن كطائفة سنية في هذا البلد هناك إحجام من قبل القوى السنية الأساسية عن المشاركة في هذه الإنتخابات وترك هذه الساحة ضائعة مع عدم وجود حاضنة إقليمية لها، وبرأيي مع وجود فائض القوة لن يكون هناك تغيير كما ترغب الناس.
القانون الانتخابي خبيث
وصفتم القانون الحالي للإنتخابات بأنه ظالم وخبيث، كيف ينسجم ذلك مع المطالبة بالتغيير؟
– منذ ثلاثة أشهر سُئلت عن هذا الموضوع وأشرت في حينه أنني لست مرشحاً للإنتخابات، ولن أخوضها بوجود هكذا قانون يفرض عليّ الذهاب وفق ما خططوه لي كمرشح، للأسف الشديد، وكذلك عملية إختيار اللوائح وكيفية الإقتراع، وفي العام 2018 أذكر أنه تم إلغاء حوالي 5800 صوت للائحتنا، هل كان هناك أخطاء من قبل المقترعين؟ إذا كان كذلك فهذا دليل على أنه قانون خبيث وإلا فهناك عملية تزوير وتم إلغاء هذه الأصوات في محاولة لعدم حصولنا على «حاصل».
ولماذا وصفتم عند ذاك هذه السلطة بأنها مرتكبة؟
– لأنهم فصّلوا هذا القانون على قياس أشخاص وطوائف ومناطق معينة، ولذلك طلعت القصة برأس الرئيس سعد الحريري وبرأسنا.
عشية الإنتخاب كيف تتوجه إلى الناخب؟ وماذا تقول له؟
– أقول له «من جرّب المجرّب كان عقله مخرّب» غيّروا، جددوا، وإذا كانت لديكم نيّة حقيقية بالتغيير ترجموها بالفعل، ولا بد أن تقترن النيّة بالعمل، وإنتخبوا من ترونه مناسباً وليس بالضرورة أنا، أيّ وجه آخر تجدونه صالحاً ومصلحاً وقادراً على أخذ القرار وأن يغيّر، وجرّبوا وهذا ليس بخطأ، ولكن لا تبقوا حيث أنتم دون القيام بالتغيير المطلوب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.