طرابلس لبنان - سياسية مستقلة

كنت حاضراً أو أُخبرت أن هذا قد حدث… مع التنويه والتقدير للمديرين المرحومين محمد حسين الصوفي وجميل شماس نائب طرابلس السابق سليم حبيب هذا المحب لمدينته إقترح حلاً إنقاذياً متقدماً لأخطر أزمة «سيولة نقدية» تعرضت لها طرابلس في 1976

حبيب

سأروي في هذه الزاوية البعض من وقائع كنت حاضراً أو مشاركاً فيها أو أخبرت بوقوعها.
حصار طرابلس وفقدان السيولة النقدية
تعرضت طرابلس في صيف 1976 لعملية حصار من مختلف الجهات، وفي مختلف مجالات الحياة، ومنها «حصار المصارف» مما أدى إلى شح في السيولة نتيجة إنقطاع إتصالها بمراكزها الرئيسية في بيروت – بما فيها مصرف لبنان – .
ومع هذا الواقع «الشح في السيولة النقدية» أصبح أمن الناس المالي في خطر، فتحرك مدراء المصارف وشكلوا «لجنة» تحت عنوان «تجمع مدراء المصارف في طرابلس»، للتنسيق بين المصارف والعمل على معالجة ما قد يتعرضون له من ناحية تأمين السيولة النقدية للمودعين – وقد ضمت اللجنة ثلاثة مدراء كنت من بينهم.
تدابير للمعالجة
وقررت اللجنة القيام الفوري بعدة إجراءات تحمي المدينة وناسها وإقتصادها كما يلي:
1- تعديل دوام يوم الجمعة بأن ينتهي الساعة 11:00 بدل الساعة 2:00 كما كان متبع (وهذا الدوام لا يزال معمول به حتى اليوم).
2- تعديل دوام إستقبال العملاء من الساعة 9:30 صباحاً إلى 12:00 ظهراً بدل 8:30-12:30.
3- تحديد المبلغ الذي يمكن أن يُسحب بـ 500 ليرة اسبوعياً.
4- معرفة كم تبلغ موجودات فرع «مصرف لبنان» في طرابلس من النقد.
5- توحيد عملي – دون قيود حسابية – لصناديق كل المصارف بحيث نطلب ممن لديه فائضاً نقدياً إيداع دفعة نقدية لدى المصرف الذي بحاجة مقابل قيد ذات القيمة من المودع لديه إلى حساب المودع بواسطة المصرف المركزي في طرابلس.
تقدير وتنويه بالمديرين محمد الصوفي وجميل شماس
وهنا لا بد من تسجيل كل التقدير والشكر للمرحومين السيد محمد حسين الصوفي (مدير البنك العربي في حينه) والسيد جميل الشماس (مدير البنك اللبناني للتجارة) لما قدماه من مساهمات بتأمين سيولة نقدية لمصارف كان وضعها النقدي في غاية الصعوبة (أحدهما كان كل ما في صندوقه 72 ل.ل. فقط).
«جيش لبنان العربي» والأحزاب
وتوجهتُ مع:
– مندوب عن «جيش لبنان العربي» العميد محمد جلول.
– ومندوب عن الأحزاب المرحوم فؤاد حكمت الأدهمي.
إلى فرع «مصرف لبنان»، وكان مديره يومها المرحوم سعدالله خوري، وطلبنا منه معرفة واقعه النقدي، فأعطانا كل ما طلبناه، ونزلنا إلى المستودع حيث وجدنا أوراقاً نقدية بالية ومعدة للإرسال إلى بيروت للتلف، وطلبنا منه إنزالها إلى السوق بالرغم من التلف لأن همنا تأمين السيولة النقدية للناس… وهكذا كان.
سليم حبيب
ولكن بالرغم من إنزال كل ما لدى فرع «مصرف لبنان» في طرابلس من أوراق نقدية بقي الوضع صعباً، وهنا زارني في المطبعة (دار البلاد) الأستاذ سليم حبيب (مدير «البنك اللبناني الفرنسي» في حينه ونائب طرابلس في 1992 ورئيس مجلس إدارة «بنك إنتركونتيننتال لبنان» (IBL) حالياً) وقال:
«عملة محلية طرابلسية» مغطاة قانوناً ومالياً
«طرابلس في وضع مالي صعب لذا لا بد من العمل الفوري لإنقاذها وإيجاد حل سريع لفقدان السيولة النقدية»،
وأضاف: «لدي إقتراح بإيجاد «عملة بديلة» «عملة محلية طرابلسية» مغطاة قانوناً ومالياً» وأوضح مشروعه بأن ذلك يكون عبر طباعة شيكات – ووضعها في السوق للتعامل بها – من فئة:
– الـ 25
– والـ 50
– والـ 100 ليرة،
مسحوبة على «مصرف لبنان». وكل مدير مصرف يوقع على شيكات مجموع قيمتها يوازي قيمة الرصيد الذي لمصرفه لدى «مصرف لبنان» الذي يوقع مديره على كل شيك قيمته مغطاة في الحساب الدائن لديه لكل مصرف.
الحماية من التزوير
وقال الأستاذ سليم حبيب: «ولا بد من حماية هذه الشيكات من التزوير بأن نكلف رساماً إعداد نماذج نختار منها الأنسب والأضمن».
وبالفعل إتصلنا برسام معروف لهذه الغاية.
لهذا لم نحتج إلى تنفيذ هذا الحل المتقدم
إذ وبعد ان بدأ بإعداد نماذج للرسوم استعداداً لتنفيذ هذا الاقتراح المتقدم كان «مؤتمر الرياض» الذي دعت إليه «الجامعة العربية» ينعقد في الرياض لوضع آلية لفرض الأمن في لبنان على المتقاتلين.
وقرر المؤتمر إقامة «قوة ردع» عسكرية عربية للدخول إلى لبنان وللفصل بين المتقاتلين.
ومع هذا القرار رُفع الحصار عن طرابلس، وأمن المصرف المركزي، في بيروت السيولة الفورية لفرعه في طرابلس مما أعفانا من حل لا يمكن أن يُنسى،
لا الحل،
ولا صاحبه،
النائب السابق سليم حبيب.
إقتراح إنقاذي متقدم لا يمكن ان يُنسى
وأعود إلى مشروع الأستاذ سليم حبيب البالغ الأهمية، والذي كان حلاً فعلياً لأزمة لم تتعرض لها مدينة من قبل، مما يجعلنا نقدر لهذا الطرابلسي – الذي إنتخبته طرابلس بعد سنوات نائباً عنها في 1992، سعيه لحماية المدينة التي يحب وأهلها ومؤسساتها في مرحلة من أخطر ما مرت به طرابلس.

(المحرر)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.