مدرسة الفرير- ددّه (طرابلس سابقا): خطة مستقبلية لتطوير المدرسة
هي اوّل مدرسة إرسالية أُنشئت في الشّرق. يعود تاريخها الى سنة 1886. تطوّرت مسيرتها التّربوية والتّعليمية بشكل مضطرد حتى باتت تحتلّ حاليًّا موقع التّفوّق بين بقيّة المدارس في المنطقة. وها هي اليوم تعمد الىتطوير رسالتها التربويّة والتّعليميّة وإلى تحديث موقعها وأبنيتها. ويقود هذه المسيرة مديرها الأستاذ جيلبر الحلال. إنّها مدرسة الفرير- ددّه الكورة ( طرابلس سابقًا).
يرتبط عمل المدير بالخدمات كلّها التي تُقدمّها المدرسة من متابعة يوميّة لشؤون المدرسة على الأصعدة كافّةً وشؤون الموظّفين والمعلّمين والأقسام التي تبدأ بالحضانة مرورًا بالأقسام الاكاديمية حتى قسم ذوي الاحتياجات الخاصة، بمشاركة فعّالة من الهيئة الإداريّة، فيساهمون معًا بإنجاح هذا الصّرح التربوي. تتألّف الهيئة الإدارية من رؤساء الأقسام، يتشاورون ويتعاونون في طرح المشاكل وإيجاد الحلول المناسبة لها.
تتّبع إدارة المدرسة سياسةً تربويّةً موحّدة على كافّة الأصعدة وهذا هو أساس النّجاح في عالم التربية والتّعليم بالإضافة الى رؤية مستقبليّة لكيفيّة إدارة المدرسة ضمن إطار السّياسة التّربويّة اللّساليّة.
مع المدير حلال كان هذا الحوار:
كيف تطوّرت المدرسة مع مرور الزّمن؟
إرتكزت خطّة المدرسة التّربويّة على المشاركة الفعليّة والفعّالة للجسم التّعليمي في كافّة الأقسام من خلال مشروع المدرسة الذي هو جزء من المشروع التربويّ اللّسالي بالإضافة الى مواكبة التّطوّرات التّكنولوجيّة من ناحية إدارة الصّفوف، فيتابع المعلمون دوراتً متواصلة انطلاقا من الحاجات وذلك بالتّعاون مع مراكز التّدريب المختلفة وخاصّة مركز التّدريب اللّسالي. كما يشارك الطّلّاب في نشاطات لا صفّيّة عدّة، خارج المؤسّسة على كافّة الأصعدة التّربويّة منها والرّياضيّة والثّقافيّة والفنّيّة والتي تسمح بصقل امكانياتهم وقدراتهم.
هذا على الصعيد التعليميّ والتّربويّ. أمّا على الصعيد اللّوجستي، فقد طورت إدارة المدرسة الأبنية وتجهيزاتها إضافةً الى وضع مشروع مركزٍ ثقافيٍّ ورياضيٍّ، هو في طور الإنشاء وقد تمّ افتتاح الجزء الاول منه.
رسالة المدرسة و أهدافها
ترتكز رسالة المدرسة على ثلاث ركائز: الإيمان و الأخوّة و الخدمة. هدفها ينبع من الرّسالة اللساليّة الّتي محورها تكوين شخصيّة التلميذ وانخراطه في المجتمع بشكل يمكّنه من الاستقلاليّة في اتخاذ القرارات المناسبة والصّائبة. ويجب أن نذكر هنا بين مزدوجين بأنّ هذه المؤسّسة التّربويّة هي جزءٌ من شبكة مدارس منتشرة في لبنان و العالم والّتي يبلغ عددها في لبنان 7 و في العالم 83. كما تطال الرسالة اللّساليّة العائلات الأكثر حاجة الى المساعدة على كافّة الأصعدة وتُعنى خصوصًا بمرافقة الأولاد ومساعدتهم في مختلف حاجاتهم. كما تهيّئ المدرسةطلّابها لدخول الجامعات والنّجاح فيها واختيار الاختصاصات الملائمة لهم. فمشروع التوجيه في المدرسة يبدأ منذ الصف الاول الثانوي وذلك من خلال إخضاع التّلاميذ لتقييم طموحاتهم وكفاءاتهم وصولا الى الصف الثالث ثانوي.
بالإضافة إلى إقامة منتديات للجامعات، بحيث يكون التّواصل مباشرًا بين الطّلّاب ومسؤولي الجامعات، و تأمين زيارات لهم إلى الجامعات من خلال الأبواب المفتوحة وإفساح المجال امامهم للتعرّف إلى الإختصاصات جميعها وإلى واقع الحياة الاجتماعية.
كما تعمد المدرسة الى إشراك تلاميذها في معارض المهن التي يكون التّواصل فيها مباشرًا بينهم وبين أصحاب المهن ذوي الاختصاص وذلك لتعريفهم على هذه المهن وعلى واقعها.
وضروري ان نذكر اخيرًا بأنّ تواصل المدرسة يظل مستمرًّا مع طلّابها الّذين يدخلون إلى الجامعات من خلال زياراتهم المتقطعة إليها. وهم يقومون بمنح شهادات حيّة لحياتهم الجامعية والصّعوبات التي يلاقونها لإفادة زملائهم الذين لم يدخلوا إلى الجامعة بعد.
أهمّ مميّزات المدرسة
تمتاز مدرسة الفرير- ددّه (طرابلس سابقًا) بتاريخها العريق في طرابلس والذي يعود الى سنة 1886 وهي تعتبر اول مدرسة لساليّة في الشرق وقد انتسبت إليها أكثرية عائلات طرابلس .
كما تمتاز بالاحترام المتبادل بين طلّابها مهما كان لونهم أودينهم، بحيث تجسّد العيش المشترك اللبناني، فكثير من العائلات تفضّل هذا الانخراط البيئي الذي يسهّل انخراط التلميذ في المجتمع.
كما تولي المدرسة اهتمامًا خاصًّا بالتّلميذ من حيث المتابعة الدوريّة من قبل الهيئة التّعليميّة إن كان على صعيد التّربية او التّعليم. وقد واكبت المدرسة كافّة التّطوّرات التّربويّة والتّكنولوجيّة وباتت اليوم على اتّصال مستمرّ بكافّة الفعاليات التّربويّة، محلّيًّا وعالميًا، إلى أن حصلت اليوم على علامة CELF وهي شهادة يتم اعطاؤها من قبل السفارة الفرنسية نظرا لكفاءة الهيئة التعليمية باللغة الفرنسية. كما استحقّت علامة Franceducation التي هي علامة عالميّة في الدول الفرانكوفونية.وأخيرًا وليس آخرًا، ساهم موقع المدرسة الجغرافي بتأمين بيئة نظيفة للتّلاميذ بعيدًا عن الضجيج والتلوث من خلال مساحات خضراء واسعة خولتها ان تنضمّ الى شبكة Green School.
اجرينا ايضا تحديثا للابنية جميعها. ويجب ان نذكر هنا باننا بصدد تحديث مستمر للابنية ومتابعة دورية للمشاكل كافة التي تلم بها ومعالجتها من اجل تأمين راحة التلميذ والهيئة التعليمية.
استحقّت شهادة الـ green school والّتي تُعطى للمدارس التي تعنى باحترام معايير المحافظة على البيئة.
بالإضافة إلى كلّ ذلك، بلغت مدرسة الفرير- ددّه (طرابلس سابقًا) حدًّا من التفوق جعلها بين المدارس الأوائل على صعيد الشّمال ولبنان من حيث النّتائج في الشّهادات الرّسميّة عل مدى السّنوات وقد احتلّ طلّابها المراكز الأولى ان كان على صعيد الشمال او لبنان. وهدفها الأساسي استمرارية التفوق. وعليه فلقد قامت في السّنة الماضية، كعادتها كلّ سنة، بتكريم ٤٩ تلميذا متفوّقًا من بينهم الاول في الشمال والخامس في لبنان على صعيد القسم الثانوي الثالث، فرع علوم الحياة، والعاشرة على مستوى الشمال على صعيد البروفيه.
لا تركز تربية المدرسة على نجاح التلميذ في المدرسة وحسب بل على نجاحه في الحياة ايضًا، فطلّابها يتبوّؤون أعلى المراكز حيثما ذهبوا ويتميّزون بالقيم الإنسانيّة والاجتماعيّة الّتي ربّتهم عليها وبأخلاقً مهنيّة قلّ مثيلها. وما ازدياد اقبال التلاميذ عليها ، سنة بعد سنة ،وبشكل ملفت، إلّا برهانٌ على مدى ثقة العائلات بها وبتربيتها.
وكلّ هذا لم يكن ممكنًا لولاهيئة تعليمية، هي ركيزة المؤسسة التربوية بشكل عام. أفرادها اصحاب شهادات وكفاءات ويخضعون للدّورات التدريبيةّ المستمرّة. والهدف من ذلك كلّه مواكبة التطوّر التّربوي والتّعليمي وتلبية حاجات التلاميذ، وهم يتعاملون معهم كمعلمين وتربويين في آن معًا، والأهمّ من ذلك كأهل لهم .
التربية تأتي في مرتبة متقدمة على التّعليم لان هدف الهيئة التّعليميّة الاساسي، مدعومًا بتوجيهات المؤسّس لمدارس الفرير في العالم، هو التربية أوّلًا والتّعليم بعدها، فلا تعليم ناجح من دون تربية ومن هنا تأتي المواكبة الخاصّة للتلاميذ من قبل الهيئتين الإدارية والتّعليمية وبالتّعاون مع الاهل.
ترتكز هذه التّربية على قيمٍ تتمحور حول الركائز اللّساليّة الثلاث: إيمان وأخوّة وخدمة. وهذا ما وضع المدرسة في موقعٍ مؤثّرٍعلى الواقع الاجتماعي والتربوي للمنطقة. والدليل على ذلك أنّ رؤساء جمهوريات وأغلبية من المسؤولين في طرابلس على الأصعدة الاجتماعية والتربوية والماليّة هم من قدامى خريجي الفرير، فالمدرسة أنشئت لتلبية حاجات المجتمع وتطويره. وهي ليست مؤسسة تبتغي الرّبح بل هي مؤسسة مؤثّرة بشكل ايجابي على واقع المنطقة. وتقوم الهيئة التعليمية في المدرسة، إضافةً إلى مهمّتها التّعليمية بمنح التلاميذ المعلومات اللّازمة لتنمية شخصية قوية ومستقلّة، قادرة على اتخاذ القرارات المناسبة في اي موضوع يطرح عليهم.
وتشهد المدرسة تطوّرًا لافتًا على صعيد إقبال وتزايد التلاميذ. فبالنسبة لصفوف الحضانة والابتدائي فان المدرسة باتت عاجزة عن استقبال التّلاميذ الجدد فيها. وتحوي المدرسة 1727 تلميذًا من صفوف الحضانة حتى القسم الثاني مع صفوف ذوي الاحتياجات الخاصة كما تتوقع إدارة المدرسة زيادة مضطردة في عدد التلاميذ الوافدين اليها انطلاقا من الأرقام المتصاعدة وتطوّر المدرسة التعليمي والتربوي. والجدير بالذّكر، أنّ تلاميذ المدرسة يفدون من مناطق الشمال كلّها، من أقاصي عكار حتى أطراف مدينة البترون على الساحل مرورًا بمنطقتي زغرتا والكورة. وهذا ما يميّز مدرسة الفرير بالذات، أي استقطابها لتلاميذ من المناطق الشّمالية كافة والبعيدة منها ايضا. وهذا سببه الاندماج الاجتماعي الحاصل في المدرسة والانفتاح على الآخر حتى باتت المدرسة رمزاً حقيقيًّا بارزًا للتعايش في المنطقة.
التّركيز على أهمية التّواصل مع الأهل
الأهل ركيزة اساسية في نجاح العملية التربوية والتعليمية. ولا بد من التعاون الوثيق معهم من خلال اللقاءات والاستماع الى حاجاتهم ومشاكلهم وحتى بعض مشاكلهم الاجتماعية. ويكون هذا الامر بشكل مباشر او غير مباشر من خلال لجان الاهل. ويجب القول هنا بان الإدارة ولجان الاهل هما على تعاون كبير بهدف تطوير مستويات التلاميذ ومنحهم الخدمات الأفضل. وتعمل المدرسة إلى حلّ مشاكل التّلاميذ التّعليمية منها والاجتماعيّة والنفسيّة، و يتمّ ذلك من خلال المتابعة الدوريّة لمسؤول الصف ومسؤولي الاقسام بالتّعاون مع المرشدة الاجتماعية والنفسانية في المدرسة والأهل. مع العلم بأنّ كل ما يطلب من اولياء الامور يصبّ في خانة تلبية حاجات التّلميذ وتحسين اوضاعه.
كما تراعي إدارة المدرسة الأوضاع الاقتصادية للأهالي، من خلال أقساط مدروسة بشكل تتوافق مع المجتمع الذي نعيش فيه في الشمال وتتماشى مع الضغوطات الاجتماعية والمصاعب المادية التي يرزح تحت نيرها الاهل. وتقدم، ضمن إمكانياتها يد العون لأولياء الأمور في هذه المسألة.
النشاطات اللاصفية
النشاطات اللاصفية متعددة على الأصعدة التربوية والاجتماعيّة والصّحيّة والنفسيّة والرياضيّة وفي مراحل التعليم كافّةً، وليس في مرحلة محدّدة فقط. وذلك من خلال محاضرات ومشاريع داخل وخارج المدرسة تمكّن التّلميذ من تطوير إمكانيّاته وقدراته الذّهنية والجسديّة والفكريّة والرّوحيّة. ولابدّ ان نذكر بأنّ المسرح والموسيقى أصبحا جزءًا من التّعليم في المرحلة الابتدائية. وهما يدخلان ضمن الحصص الدراسيّة. أمّا في المراحل المتوّسطة والثاّنوية فيتحوّلان الى نشاط لا صفّي.
التّعاطي مع الطّلّاب
إنّ المدرسة، وفي جوهر رسالتها، تؤمن للتّلميذ الجيّد كلّ ما يدفعه الى التّفوّق والتّقدّم أكثر من خلال المتابعة الحثيثة وتقديم كامل الفرص التي تتيح له ذلك، عبر توفير الأجواء الملائمة للتّعليم.
اما بالنسبة للتلاميذ الذين يواجهون صعوبات في مراحل التّعليم، فيجري التّعاون مع الاهل من خلال الالتقاء بهم لدرس المشاكل وإيجاد الحلول. وهذا طبعًا ليس كافيًا لوحده، بل تعمل المدرسة على متابعة حالة كلّ تلميذ من خلال أساتذة الصّف، حيث تتمّ تقويته عبر متابعته يوميًّا ومنحه حصص الدّعم، خلال الدّوام الدراسي و ضمن الحصص الصّفّيّة في المرحلة الابتدائية والحصص خارج الصّف، بعد الظّهر، للمرحلتين المتوسّطة والثانوية.
كما تقدّم المدرسة الدعم المعنوي والمادي للطّلاب المتفوقين والمميّزين وأصحاب المواهب، من خلال تكريمهم في حفل خاص يقام كل سنة.
كلمة اخيرة
تعمل إدارة المؤسسة على استرجاع دور وحضور المدرسة في طرابلس من خلال القيام بنشاطات تربويّة وثقافيّة في طرابلس، وهي تقع ضمن خطّة العمل المستقبليّة.
وأخيرا بالنسبة للمدرسة، تعمل الإدارة على دراسة وضعها الحالي وتطويره من خلال المشروع المدرسي الذي يوفر لها خيارات عدة يتمّ تحديدها بحسب الأولويّة.