طرابلس لبنان - سياسية مستقلة

31 سنة مضت على مجازر «راوندا»

من مجازر راوندا

السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا التطرق إلى تلك المجازر التي مضى على ارتكابها أكثر من ربع قرن، والجواب سرعان ما يوضح الغاية من هذه الذكرى!

لقد صدر في شهر آذار 2018 كتاب من قبل ضابط فرنسي يدعى «غيوم أنسل» كان من بين ضباط قوة «الليجيون أترنجير» (أي الفيلق الأجنبي في الجيش الفرنسي)، التي شاركت في تنفيذ مهمة قام بها الجيش الفرنسي تحت اسم «عملية تركواز» على أساس أنها مهمة تدخل إنساني في دولة «راوندا» في القرن الأفريقي وذلك في 6 نيسان 1994.

مليون إنسان قُتلوا في المجزرة

هذه المجزرة، ولأجل إنعاش الذاكرة نوضح، أنها أسفرت عن مقتل ما يلامس مليون مواطن رواندي من قبيلة «التوتسي» على يد قبيلة «الهوتو» التي كانت تتسلم مقاليد السلطة في راوندا.

في 3 أشهر

هذا العدد الهائل من الضحايا سقط في فترة لم تتجاوز ثلاثة أشهر (من 6 نيسان ولغاية 4 تموز من عام 1994). لقد فضح هذا الكتاب كل الأكاذيب التي تلطت وراءها «فرنسا» يوم ذاك، للتملص من مسؤوليتها عن تلك المجازر الوحشية.

وقائع تدين فرنسا

والكتاب لاقى رواجاً منقطع النظير في فرنسا والعالم، بسبب ما ضمّنه هذا الضابط الفرنسي الذي شارك في المعارك، من وقائع تدين التدخل الفرنسي، ابتداء من اليوم 75 لتدخل قواتها، وبأوامر صريحة من الرئيس الفرنسي يومها الراحل «فرنسوا ميتران» وذلك لحماية النظام القائم بعد القيام بهجوم  على طائرة الرئيس الرواندي في حينه المدعو «جوفينال هابياريمانا» والذي إتُهمت بتنفيذه الجبهة الوطنية الرواندية، التي تنتمي إلى قبيلة «التوتسي».

الطائرات الفرنسية قصفت المدنيين

وقد جاءت الحقائق التي كتبها هذا الضابط الفرنسي، لتؤكد على تحمل فرنسا وزر تلك المجازر المليونية، ولنتصور الكم الهائل لعدد الضحايا «مليون ضحية» في أقل من ثلاثة أشهر، لكن عندما يقول هذا الضابط ان سلاح الجو الفرنسي شارك بقصف المجموعات البشرية (من مدنيي قبيلة «التوتسي»)، بشتى أنواع الأسلحة المزودة بها الطائرات الفرنسية، هنا تنكشف خفايا ضلوع فرنسا في هذه المجزرة البشرية غير المسبوقة، والتي أرتُكبت مِن مَن؟

من دولة الحريات وحقوق الإنسان والثورة الفرنسية ضد الطغاة!!

تراجع القيم أمام المصالح

لكن  قراءة هذا الكتاب، سرعان ما تكشف تراجع القيم والشعارات الإنسانية أمام المصالح الدولية، حيث يؤكد هذا الكتاب ان فرنسا «ميتران» لم تتقبل واقع تراجع نفوذها في القرن الأفريقي، لا سيما في منطقتي «راوندا» و«السودان»، وتحديداً في منطقة «البحيرات العظمى» التي تشكل منطقة «جيواستراتيجية».

أفرنسا تقوم بذلك

للأسف هذه هي حالة المصالح الدولية التي تتخطى كل القيم الإنسانية، وهل من يعتقد أن فرنسا تقوم بذلك؟

نعم لقد قامت بالانخراط بهذه المجازر الكبيرة، دفاعاً عن مصالحها، والمؤسف أكثر من ذلك،أن خفايا تلك المجازر وعدم وضوح خلفياتها السرية في حينه، حملت خبير «المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا» المدعو «برنارد لوغان» إلى تبني مقولة «أن فرنسا تدخلت لأسباب إنسانية».

أي إنسانية هذه!

ماذا تُخفي قضية «سد النهضة» الأثيوبي؟

واليوم، الله يستر، ماذا تخفي أزمة سد «النهضة» الذي تستمر الحبشة بإنشائه ضمن أراضيها والذي من شأنه أن يحرم مصر والسودان من حقوقهما بمياه نهر النيل، على ما يبدو علينا التريث والانتظار لكي نتمكن من معرفة خفايا الأمور، أو الانتظار – ومن يعش يرى – لكي يصدر كتاب على غرار كتاب هذا الضابط الفرنسي، الذي أسقط وبالضربة القاضية، الحجج الواهية التي كانت تتلطى وراءها فرنسا من ان تدخلها كان بهدف إنساني.

فرنسا التي انتفضت على الظلم والظالمين وهدمت سجن الباستيل.

تُرى هؤلاء الظالمون الحاليون المنتشرون في دول العالم أجمع من سيهدم سجونهم وقلاعهم المحصنة؟

وسؤال استطرادي آخر، هل ما يحصل الآن في سوريا واليمن والعراق وليبيا، من مجازر، ستنكشف خلفياته يوماً ما؟

حتماً…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.