طرابلس لبنان - سياسية مستقلة

حول خطة مجلس الوزراء المستدامة لإدارة النفايات… «التفكيك الحراري» ليس «محارق» بل تقنية حديثة جداً مطلوب توضيح من وزارة البيئة… وكفانا تجارب فاشلة

«ان عزل المواد البلاستيكية عن المحارق هو الخطوة الأهم من استعمال تكنولوجيا المحارق للتخلص من النفايات المنزلية

أ-  ماذا ورد في خطة مجلس الوزراء لإدارة أزمة النفايات المنزلية

خطة من 9 بنود

بتاريخ 11/1/2018 أعلن مجلس الوزراء تصوراً لخطته المستدامة لإدارة النفايات المنزلية وقد احتوى الإعلان 9 بنود تتعلق بنفايات بيروت الكبرى.

وأضاف عليها 3 بنود أخرى تتعلق حصراً بطرابلس الكبرى.

وزير البيئة قال بأن مجلس الوزراء أقر خطة السياسة المستدامة لإدارة النفايات المنزلية الصلبة والتي تقدمت بها وزارته، وانه سوف يعرض تفاصيلها بمؤتمر صحفي (لم نسمع عنها شيئاً حتى الآن بالرغم من مرور أكثر من 6 أشهر على تصور مجلس الوزراء وتصريح وزير البيئة).

ما يهمنا الآن مناقشة ما ورد في البند رقم 7 من إعلان مجلس الوزراء:

«البند رقم 7: التأكيد على الالتزام بإطلاق مناقصة لمعامل التفكك الحراري وذلك خلال ستة أشهر مع تحديد المناطق».

وبالفعل بعد مضي ستة أشهر من إعلان قرار مجلس الوزراء في 11/1/2018، تناقلت وسائل الإعلام أنه في نية الحكومة:

– إنشاء 3 محارق للتفكيك الحراري أو التغوز  Gazeification(هكذا وردت في وسائل الإعلام).

– وأنها ستُنشأ في بيروت وطرابلس والجنوب.

وفور إنتشار هذا الخبر انطلقت الشائعات والشائعات المضادة ودخل على الخط نواب مرموقون وجمعيات أهلية تحلل وتشذب وتهدد:

– بمنع المحارق بالمطلق لأنها «أسوأ الحلول بيئياً ».

– ولأنها «ستنشر السموم».

– و«تلوث هواء» لبنان النظيف جداً خاصة في الساحل (…).

ب- التناقض والتردد ورداءة التخطيط كانت ظاهرة في خطة الحكومة كما في بيانات المعارضة المتعددة

لسنا بحاجة لإدراج النص الكامل لما ورد في قرار مجلس الوزراء ولا في ما أطلقه المعارضون من تصريحات.

يكفي أن ننتبه إلى أن خطتهم واضحة التردد في اعتماد حلولها:

– في «العمروسية».

– أم في «الكوستا برافا».

– أو في «الكرنتينا».

مع تفويض البلدية بالإقفال أو السماح بنشاطات غير محددة الخ…

وقل أكثر من ذلك بالنسبة للجمعيات الأهلية الرافضة لـ:

– المحارق.

– ولردم البحر.

– وللمعالجة الهوائية.

– مع المطالبة بالفرز في المصدر مما هو من صميم مهامها وهي النقطة الحرجة في عملية التخلص من النفايات المنزلية، إلى جانب تحديد موقع المعالجة والمساحة اللازمة وكلها مبهمات تحتاج إلى توضيح وضغط ومتابعة من الهيئات المدنية غير الحكومية (NGO’S).

لقد أصبحت إشكالية النفايات المنزلية مشكلة عالمية تحتاج إلى تعاون المواطن

ج- ما لم تقله الإدارة المركزية ولا الجمعيات الأهلية

لقد أكدت الحكومة انها ستطلق مناقصة لمعامل التفكك الحراري (؟؟)

وقد فهم الناس انها محارق خاصة على درجة حرارة عالية والأمر ليس كذلك:

معالجة النفايات بالتفكك الحراري هي تقنية حديثة جداً ويطلق عليها اسم

Torche a plasma

المميزات ونتائج المعالجة بحرارة فوق 4000-13000 درجة مئوية

وميزتها الرئيسية أنها تعالج جميع أنواع النفايات المنزلية الصلبة أو الطبية دون أي فرز مسبق، على حرارة مرتفعة جداً لا تقل عن 4000 درجة حرارية تتحصل من شعلة كهربائية حيث تصل في بؤرتها درجة الحرارة إلى 13000 درجة مئوية. وبذلك:

المعادن تتجمد قوالب

1- تنصهر جميع المعادن ثقيلة وغير ثقيلة وتسيل إلى أسفل حيث تتجمد قوالب.

العضوية إلى «كربون»

2 تتفكك جميع المواد العضوية سامة وغير سامة إلى العناصر الأولية وخاصة الكربون والهيدروجين: (H,CO,í) ويُطلق  على هذا المزيج Syngaz.

ثم مرحلة الإستفادة

ثم بعد ذلك تبدأ عمليات الاستفادة من المعادن المنصهرة بمعالجات خاصة ومن الغازت المتبقية كمصدر لطاقة جاهزة للحرق. وليس هناك حاجة للمطامر.

ما يجب أن تعلمه الحكومة كما الجمعيات الأهلية أن تطبيق هذه الطريقة يحتاج إلى:

بحاجة لرأس مال كبير

1- رأس مال كبير في مرحلة التأسيس وفي مرحلة التشغيل وبالتالي ان كلفة المعالجة للنفايات هي الأغلى من كل الحلول السابقة.

فنياً معقدة

2- أن هذه الطريقة مُعقَّدة فنياً وتحتاج إداراتها إلى مستويات فنية رفيعة تفتقدها حتى البلدان المتطورة.

الدول المستعملة لها محدودة جداً

وعدد المصانع التي تستعمل هذه الطريقة محدودة جداً في الولايات المتحدة التي اخترعتها. أما في فرنسا فيوجد منها معمل واحد وآخر تحت الإنشاء.

المردود ضئيل

3- ان المردود الاقتصادي الناتج عن الغاز الصناعي Syngaz أو تجميع المعادن الصلبة ضئيل بل هو الهم نفسه بتصريفه.

د. هل المحارق الفنية الحديثة هي الحل لأزمة النفايات

على ضوء هذا الواقع قد تتراجع الحكومة عن الحل المعلن باعتماد معامل التفكك الحراري وقد تستعمل المحارق الفنية الحديثة حيث يتم الحرق بين 850 درجة و1200 درجة مئوية.

والكلام عن هذه المحارق طويل جداً سلباً وإيجاباً.

وما يجب ان يعلم يقيناً هو ان هذه المحارق في جميع أنحاء العالم هي سيئة السمعة ولم تنشأ محرقة في العالم إلاّ وخرجت اعتراضات عليها ومع ذلك فإن دول العالم المتطورة كما النامية (أو المتخلفة) تستعمل المحارق للتخلص من النفايات على نطاق واسع.

في الدول المتطورة

في المانيا والدانمارك وهولندا واسكاندينافيا (الدانمارك – النرويج السويد – فنلندا – أيسلندا – سويسرا) يستعملون المحارق للتخلص من 50 بالمئة على الأقل من النفايات المنزلية الصلبة.

شروط قاسية

طبعاً هذه الدول تطبق شروطاً قاسية على هذه المحارق بفرض مصافٍ دقيقة وأوتوماتيكية المراقبة بالإضافة إلى الفرز في المصدر.

وبذلك يتخلصون من المواد الحاملة للسموم (معادن ثقيلة + بلاستيك الحامل للديوكسين السام).

كما أنهم يبعدونها عن التجمعات السكنية.

المحارق هي الحل… ولكن أين الموقع؟

وتبقى المحارق المتطورة حسنة التجهيز هي الحل الأسرع والمخلص من المطامر القبيحة المزعجة المضرة.

ولكن تبقى مشكلة موقع المحرقة في بلد صغير كلبنان.

هل ننشئها في الساحل – والساحل من نهر الكبير إلى الناقورة مدينة واحدة – .

أم على التلال والجبل؟ حيث المنتجعات والفلل والفنادق؟

الحل بسيط ورخيص وسبق وطرحناه على صفحات «التمدن»

إن الحل السليم سبق وأن بيناه مراراً كان آخرها على صفحات هذه الجريدة المبروكة «التمدن» وهو حل بسيط ورخيص وسليم من أي أضرار بيئية وقد بدأته الإدارة المركزية عندنا في طرابلس وفشل لأن دولتنا منكوبة بمواطنيها «الخبراء» (…) قبل نوابها ووزرائها.

المعالجة الهوائية حل بديل ويحتاج…

سبق وأن قلنا ان تصحيح مشروع الفرز الآلي المدموج مع المعالجة الهوائية هو الحل البديل السحري والأكيد لكن يحتاج لنجاحه:

1- أرض مساحتها في البدء 300 ألف متر مربع ويمكن الحصول عليها بردم البحر في طرف المرفأ أمام المنطقة الصناعية ومحطة تكرير وتجميع المجارير المشؤومة، كما سبق وبيّنا.

2- تطبيق برنامج فرز في المصدر جدي ودقيق وممرحل على سنتين في البدء ثم مستدام.

هذا ما نراه ممكناً

قلنا هذا الكلام سابقاً ونعود لنؤكد رأينا بأنه لا بديل له بحسب معطياتنا الاقتصادية والتربوية المدنية والثقافية.

ونفوض أمرنا إلى الله.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.