طرابلس لبنان - سياسية مستقلة

أحمد ممتاز كبارة «الريّس» والكاتب والصحافي… ترهَّبَ لأجل «مينائه»، فكانت بلديةٌ «ممتازة»24 قيراطاً ذهباً!

ما أنْ تناهى إلينا خبرُ رحيله حتى جاء الذهنَ، من دون استئذان، البيتُ المشتهر لأبي فراس الحمداني:

سيذكرني قومي إذا جدَّ جِدُّهُم

 وفي الليلةِ الظلماءِ يُفتقدُ البدرُ!

أجل! أيها الراحل الكبير، فقد طويتَ صفحاتك «البلدية»، منذ خمس وأربعين سنة (1973) – هي نصفُ عمرك الزمني – ولكن مُذْذاكَ لم يحتجبْ منك الضوء، وإذا بك اليوم، يوم رحيلِك، ساطعٌ ساطع، تنهالُ عليك ألسنةُ الخلق أقلام الحق، فيُعتجَنُ التراب الذي هيلَ على جدثك الطاهر بشهاداتٍ مضمَّخةٍ بعطر المحبة والوفاء!

فيا له من تُرابٍ يُنفَحُ حياةً، لا يُؤتاهُ إلاّ من رفعهم شعبُهُم إلى عليِّين، وقليلٌ ما هم!

أيها «الممتاز»

كنتَ، أيها «الممتاز» أحمد شهيداً في سبيل مجدِ بلدية!

ومن قال إن الشهادة لا تُحتسبُ عند الله إلاّ بموت؟!

قد تكون شهادةٌ، يصل فيها صاحبُها إلى إحياء مجتمعه وناسِهِ ويبقى حياً، هي أشدّ أثراً وجزاءً حسناً من شهادةٍ تُسفِر عن موت!

ولأنك، أيها «الممتاز» أحمد، كنت الشاهد والشهيد الحيّ، المُحيي بلديةً وبلدةً، فأنت اليوم حيٌّ عند ربك تُرزق!

قدت سفينة البلدية 12 سنة وكانت «ممتازة 24 قيراطاً ذهباً»

… أهل الميناء البحريون، تعوّدوا قيادة السفن، يمخرون بها عباب البحر، وأنت، أيها «الممتاز» أحمد، قُدت سفينة البلدية، في خضم وليس من ماء!

قُدتها في أرض يابسة، ورُحت خلال اثنتي عشرة سنة تحطّ بها الرحال في برّ الأمان.. وكانت بلديةٌ «ممتازةٌ» 24 قيراطاً ذهباً، بل قلادةٌ في جيد الزمن البلدي، في عصرك وما بعد عصرك!

شهادة الرئيس فرنجية

… وهذه شهادةٌ من رأس الدولة فيك، يروي وقائعها الوزير عمر مسقاوي، يوم كان في زيارة لرئيس الجمهورية الراحل سليمان فرنجية، إبّان ولايته، فإذا بالرئيس يُعاتب أحد رؤساء بلديات منطقته، وصلته شكاوى كثيرة ضده، ويدعوه إلى أن يتمثّل برئيس بلدية الميناء أحمد ممتاز كبارة!

..أجل! بلديةٌ 24 قيراطاً ذهباً، تروح بنا إلى علم الكيمياء، الطاعن في زمن اليونان القُدامى والعرب، حين توهموا أنهم يستطيعون، عبر بعض التجارب، تحويل المعدن الخسيس إلى معدنٍ نفيس (أي الذهب)، فإذا بهم يفشلون فشلاً ذريعاً، ولتبقى المسألة من عالم الأساطير!

نجحت حيث فشل الآخرون

… ولكنك فعلتها، أيها «الممتاز» أحمد، إذْ نجحت، حيث فشل الآخرون، فغدت بلديتك، من معدنٍ نفيس، 24 قيراطاً ذهباً! ولنا وطيدُ أملٍ بأن يترسَّم خلفاؤك بعضاً من خُطاك، وفي عِدادهم «البيك» علم الدين عبدالقادر، الذي ما فتئ يُعلن على الملأ أنه مُتتلمذٌ على يديك، فعساهُ ينجح!

وأنا… معتز بميناويتي المستجدة

حاشية: أنا ذو حظ عظيم، بل معتزٌ بـ «ميناويتي» المستجدة، سكناً. فقد دفع بي القدر، من النطاق البلدي الطرابلسي، إلى النطاق البلدي الميناوي، منذ ثلاث وعشرين سنة، ولأغدُوَ نزيل شارع، أُطلِق عليه، في نيسان، من العام الجاري، وبهمةٍ من بلدية الميناء الحالية، «شارع أحمد ممتاز كبارة».

وقد تضاعف حظي، إذْ كنتُ في عِداد المحتفين بهذا الحدث!

غيرُ قليلٍ أن تكون سَكناك في رحاب عظيم من الميناء، غادرنا بالجسد، ولما تزلْ روحه بين ظهرانينا،  واسمه لا تملُّ ترداده الشفاه!

… في مجيئي وذهابي، أرمقُ اللوحة المعدنية التي خُطّ عليها اسمك، أيها «الممتاز» أحمد كبارة، فأترحَّمُ على مرحلةٍ – 24 قيراطاً ذهباً – من مسار «مدينة الموج والأفق»!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.