لا للمحارق، لا للمطامر البحرية، نعم لخطة مستديمة لإدارة النفايات!!!؟؟؟
أ- 27 عاماً مضت وأزمة النفايات تزداد تعقيداً فإلى أين نحن سائرون؟
1- من المفيد أن نتذكر كيف خرجت الجماهير الغاضبة وعلى رأسها أم علي وأم حسين وأحرقت محرقة العمروسية في الضاحية مخلفة خسائر مادية قُدرت بخمسين مليون دولار بتاريخ 27/6/1997
2- ومن المفيد ان نتذكر كيف أُغلق مطمر الدورة المتنفس الرئيسي لنفايات بيروت، وذلك في سنة 1996.
3- ومن المفيد أكثر أن نتذكر انتقال «مطمر الدورة» إلى «الكرنتينا» (1998) مصحوباً بأحدث التكنولوجيا في الفرز والمعالجة وهي نفسها التي أرعبت أهل الأشرفية وأثارت وسط بيروت التجاري الحديث فانتقلت التكنولوجيا وغير التكنولوجيا إلى «الناعمة» ومعها خسارة بمئات الملايين من الدولارات، مع صرخات أهل «الدامور» بل وأهل بيروت الغارقة حتى الثمالة بأكوام النفايات…
ثم ها نحن مجدداً في «العمروسية» و«الغدير» و«الكوستابرافا» و«الكرنتينا» أيضاً مع خطة مستديمة للنفايات أعلن عنها في مجلس الوزراء في 11/1/2018 وهي تجمع بين التكنولوجيا السابقة الفاشلة مضافة إليها المحارق للتفكيك الحراري…. وماذا كانت النتيجة؟
لقد ثارت الجموع الشعبية وإنضم إليها نواب ونائبات حديثي العهد بحمل المسؤولية كما الخبرة البيئية وشعارهم: لا للمطامر، لا للمحارق… ماذا تريدون؟… نريد الخلاص….
ب- وانطلقت عدوى الاعتراض والتظاهر…. إلى طرابلس الكبرى
بتاريخ 18/6/2018 صدر في طرابلس منشور باسم الحراك المدني في الشمال وورد فيه انه موّقع من قبل 40 جمعية و21 شخصية منفردة وملفتة بألقابها العلمية ومكانتها الاجتماعية وهي تدعو إلى:
لا للمطامر… لا للمحارق… ماذا تريدون؟… نريد الخلاص…
ج- وسرعان ما تجاوب المسؤولون فعقدوا أهم وأخطر اجتماع بيئي
بتاريخ 22/6/2018 اجتمع جميع نواب طرابلس وأعضاء المجلس البلدي وكبار المسؤولين في اتحاد بلديات الفيحاء وخبراؤهم البيئيون، ثم دُعي للاجتماع خمسة ممثلين عن الحراك المدني الذي حمل اليافطات متظاهراً أمام مكان الاجتماع في قصر نوفل البلدي.
وتفاءلنا خيراً: هذه ظاهرة ديمقراطية نادرة لعلهم يستكملونها… لكن…
لقد كان اجتماعاً ديمقراطياً بامتياز.
تداول المجتمعون الكلمات، والكلمات المضادة، ثم أجمعوا جميعاً على نقاط بسيطة بديهية:
لزوم تعيين استشاري على أعمال جمع النفايات وفرزها ومعالجتها، وأن التجارب السابقة لا تشجع بالمضي على نفس النسق ولا بد من التغيير لاسترجاع الثقة.
أما باقي النقاط الخلافية المهمة فلم تُحسم، وبقي كل فريق على موقفه؟ هذا إن عَرَفَ كل فريقٍ موقفَه.
د- وقرر الحركيون متابعة مسيرة الاحتجاج… وقرر المسؤولون المضي بطمر البحر وفي نفس المكان!!
وهكذا تشهد طرابلس اليوم حراكاً مدنياً متصاعداً رافضاً لكل ما يطرحه المسؤولون.
والمسؤولون يتحاورون مع أنفسهم تارة ومع الحركيين تارة أخرى… حوار الطرشان:
1- المسؤولون يقولون لا بد من الحل المؤقت ثم تطبيق الحل المستديم!
2- والحركيون يريدون كل شيء وفوراً دون ان يقدموا أي بديل أو حتى نقد موضوعي للخطة المؤقتة أو للعلاج المؤقت للمشكلة البيئية الضاغطة.
هـ – طبعاً هذا الكلام الموجز لن يرضي ولن يقنع، لا المسؤولين ولا الناشطين البيئيين
والنتيجة ستكون انتصاراً مؤقتاً للمسؤولين كسابق انتصاراتهم ولكنها ستبقى مؤقتة بانتظار الربيع البيئي، عفواً الخريف البيئي.
هـ1 – ما يتوجب على الناشطين البيئيين أن يقوموا به الآن:
1- أن يعطوا أدلة علمية مقنعة لسبب الرفض بالمطلق لفكرة استحداث المساحات الضرورية والملحة من البحر.
2- ان يسألوا لماذا اختارت الإدارة المكان الحالي للطمر البحري بينما بقربه ما هو أفضل وأقل كلفة و«إيذاءً بيئياً وأوسع مساحة».
3 أن يسألوا لماذا هذه التكاليف الفاحشة التي سمعنا بها، 40 مليون دولار، بينما نستطيع بـ 5 ملايين دولار فقط أن نردم 300 ألف م م، يضاف إليها خمسة ملايين أخرى للسنسول وتوابعه من أبنية جديدة: على أساس يكلف 15 دولاراً/م. مكعب من الحجارة الصماء. وألف دولار سعر المتر طولي في السنسول.
4- أن يسألوا لماذا لا يُعقد مؤتمر علمي من أهل الاختصاص برعاية نقابات المهندسين والأطباء والمحامين للبت نهائياً بمستلزمات الحل المؤقت وبالخطة المستديمة.
5- بالنسبة للحل المؤقت وبسبب تعثر ايجاد مكان متسع مناسب، بعيد عن السكن ضمن النطاق البلدي أو في أي مكان آخر، لما لا يؤلف الناشطون البيئيون لجنة لاقناع رؤساء وأعضاء المجالس البلدية المجاورة حيث تقع الأمكنة المقترحة لإنشاء مراكز إدارة النفايات لاتحاد بلديات الفيحاء أو لاقناع المسؤولين بأنهم مقصرون في نقل هذه المراكز البيئية إلى الأمكنة المقترحة وهي على سبيل المثال:
1- منطقة الكسارات في دير عمار ومساحتها 300 ألف م.م.
2- منطقة خزانات البترول في دير عمار ومساحتها 500 ألف م.م. إلى مليون م.م.
3- منطقة الشاطىء الكائن امام المصفاة وملعب الغولف وهنا نستطيع الاستحصال على مليون م.م. وهي غير مرئية لا من الطريق الدولي ولا من السكان.
هـ2- ما يتوجب على المسؤولين عمله لامتصاص النقمة الشعبية على أدائهم
على المسؤولين في الجهاز البلدي أو في المجلس التشريعي أو الجهاز التنفيذي أن يتذكروا:
1- ان الشعب يطالب بمزيد من الشفافية في تبرير ما يتخذونه من حلول فالثقة المتبادلة معدومة.
2- ان الشعب يطالب بعقد مؤتمر علمي من أهل الاختصاص الحياديين لدراسة كل الحلول المقترحة ومعرفة أين الخلل الذي أفسد علاقة الراعي بالرعية.
3- على المسؤولين أن يعلموا ان الشعب محق بعدم ثقته بوعودهم، وأن أخطاءهم الكثيرة يحملونها ومستشاروهم إلى جانب مثقفي المدينة الكسالى منهم والمبعدين.
و- توصيات للمسؤولين وللناشطين البيئيين من مخضرم في العمل البيئي
1- يجب ان يعلم الجميع ان مشاكل هندسة المحيط معقدة جداً لكن بالنسبة للدول النامية – أي مثلنا – فهي معقدة جداً جداً جداً. فنحن لا نعرف أنفسنا ولا نعرف ماذا يفعل غيرنا.
2- يجب أن يُعلم ان لا نجاح لأي خطة بيئية مستديمة ما لم يكن هناك ثقة وتعاون بين المسؤول والمواطن.
3- ولا ثقة ولا تعاون ما لم يتحلى كل مسؤول وكل مواطن بأخلاق التواضع وأخلاق الصبر خاصةً في مرحلة جمع وفرز النفايات.
لا أحد يملك عصا موسى ولا موسى بدون صبر وثبات:
وقال فرعون: {ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى؟ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ؟ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}.
وقال موسى: {إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ }(غافر 26 و27).
– للمسؤولون نتمنى ان يكفوا عن الفساد.
– وللناشطين نتمنى ان يكفوا عن التكبر وأن يصبروا كما صبر أولي العزم من الرُسل.
وإلا فانتظروا ربيعاً خريفياً قاتماً كالربيع العربي.