طرابلس لبنان - سياسية مستقلة

شيخ الأزهر والبابا في دولة الإمارات: إصدار «وثيقة الأخوة الإنسانية»

يوقعان الوثيقة

زيارة شيخ الأزهر د. أحمد الطيب وزيارة البابا فرنسيس الأول إلى دولة الإمارات العربية المتحدة توجت بالتوقيع على «وثيقة الأخوة الإنسانية» و«إعلان أبو ظبي» وإطلاق جائزة «الأخوة الإنسانية» (أعلن عن نيلهما إياها لهذا العام)، وتشييد مسجد يحمل إسم «الإمام الطيب» وكنيسة تحمل إسم «البابا فرنسيس».

كلمات ومواقف

في الاحتفال الحاشد الذي أقيم بالمناسبة في صرح المؤسس الشيخ زايد في أبي ظبي، بحضور نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وحشد من الشخصيات والفاعليات كانت كلمات عديدة:

 بن راشد

الشيخ محمد بن راشد قال:

«إن الكون يتسع للجميع، والتنوع مصدر للثراء، وليس سبباً للصراع أو الاقتتال، لقد خلقنا الله متنوعين، لكي نكمل بعضنا بعضاً، ونتعارف ونتعاون من أجل الخير والسلام والنماء لنا جميعاً، وهذه هي الرسالة التي تريد دولة الإمارات العربية المتحدة أن توجهها إلى العالم كله من خلال إعلائها راية التسامح، وعملها المستمر من أجل تنسيق الجهود والمبادرات والخطط التي تكرس التسامح بدلاً من الكراهية، والتعايش بدلاً من الصراع، والوسطية بدلاً من التعصب والغلو، والانفتاح بدلاً من الانغلاق، والحوار بدلاً من الخلاف.. وهذه رسالة الحكماء والمخلصين، والمهمة النبيلة لكل المؤمنين بالمصير المشترك للإنسانية».

 شيخ الأزهر

مفتي الأزهر الشيخ د. أحمد الطيب قال في كلمته:

«إن أزمة العالم هذه الأيام تتمثل في غياب الضمير الإنساني، والدين بريء من التنظيمات الإرهابية»، مشيراً إلى «أن المسيحية احتضنت الإسلام عندما كان ديناً وليداً»، مؤكداً «ان المسيحيين جزء من دول الشرق الأوسط وليسوا أقليات»، داعياً المسلمين في الشرق الأوسط إلى «حماية الطوائف المسيحية».

 البابا

البابا فرنسيس الأول لفت إلى «أن الرسالة الأساسية من انجيل متى الإصغاء إلى كلمة المسيح وعيشها لنيل الطوبى»، مشيراً إلى «حب الله للمؤمنين، إذ انه يريد ان يقيم معهم شركة على الدوام ما يعطي الفرح الحقيقي للإنسان الذي يعطي السلام حتى في الألم»، قائلاً: «طوبى للساعين إلى السلام».

 مواقف لبنانية

دريان

مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان أكد أن «الأيادي الإماراتية البيضاء التي رعت هذا الحدث الكبير والمهم، لها منا كل الشكر والتقدير في عملها الرائد في إنجاز وتدعيم «وثيقة الإخوة الإنسانية» التي من شأنها أن تشكل خارطة الطريق لتحقيق التعارف والسلام والتسامح والرحمة والمحبة بين جميع البشر في مختلف مشاربهم والتي تؤسس للسلام بين جميع دول العالم واستبدال ما يُنفق على السلاح في سبيل سد عوز الدول الفقيرة وتعليم أبنائها لينهضوا بها إلى مصاف الدول المتقدمة، وبهذا تحقق الوثيقة معنى الإخوة الإنسانية على أكمل وجه».

 الراعي

البطريرك الراعي قال في أبو ظبي: «هذه الكلمة موجهة بنوع خاص إلى أبناء هذه المنطقة الشرق أوسطية مسلمين ومسيحيين، لكي يحافظوا على الرسالة العظيمة الموكلة إليهم من الله، وان يعيشوا معاً ويبنوا حضارة وثقافة معاً، وان يظهر المسيحي وجه الإسلام الحقيقي في العالم المسيحي، وبدوره يظهر المسلم الوجه المسيحي الحقيقي في العالم الإسلامي. هذه كلمتنا اليوم إلى كل الدول التي تريد الحروب نقول لها كفى حروباً ونزاعات، الناس بحاجة للعيش بسلام وطمأنينة وهذا حقهم المدني».

 الصفدي

الوزير السابق محمد الصفدي قال:

«اننا اذ نحيي دولة الإمارات التي جمعت بين فضيلة شيخ الأزهر وقداسة الحبر الأعظم تحت شعار وثيقة «الأخوة الإنسانية» والتي تدعو إلى احترام الإنسان والاختلاف والطوائف والأديان، ندعو لتعميم مبادىء هذه الوثيقة من أجل مجتمعات أفضل والحفاظ على التنوع والتصدي للتطرف».

 جعجع

رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع قال عن «الوثيقة»:

«إنها إعلان مشترك عن نوايا صالحة وصادقة من أجل دعوة كل من يحملون في قلوبهم إيماناً بالله وإيماناً بالأخوة الإنسانية أن يتوحدوا ويعملوا معاً من أجل أن تصبح هذه الوثيقة دليلاً للأجيال القادمة، يأخذهم إلى ثقافة الاحترام المتبادل، في جو من إدراك النعمة الإلهية الكبرى التي جعلت من الخلق جميعاً إخوة».

 الأمين

العلامة السيد علي الأمين قال عن «الوثيقة»:

«هي بمثابة دستور عالمي يرسم للبشرية صورة التعايش الأخوي بسلام واحترام بين الأفراد والشعوب والجماعات والأمم، وهذه الوثيقة التاريخية هي دعوة لكل الدول والقيادات في العالم لنبذ الصراعات والعمل بقيم الحرية والمحبة والسلام، وبهذه التعاليم الموجودة في الوثيقة يتجنب العالم شرور الحروب ومآسيها ويعمل على مساعدة الفقراء وجسر الهوة بينهم وبين الأغنياء، وبذلك يضمن العالم استمرار التقدم والإزدهار في أمن وأمان».

ولي العهد الاماراتي في استقبال البابا وشيخ الازهر

نص وثيقة

وقع الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ «الأزهر الشريف»، والبابا فرنسيس، بابا «الفاتيكان» وثيقة «الأخوة الإنسانية»، التي تشكل «الوثيقة الأهم في تاريخ العلاقة بين «الأزهر الشريف» وحاضرة «الفاتيكان»، كما تُعد من أهم الوثائق في تاريخ العلاقة بين الإسلام والمسيحية».

ومما جاء في الوثيقة والتي جاءت «من أجل السلام العالمي والعيش المشترك»:

تبني ثقافة الحوار

«باسم الله، وباسم كل ما سبق (النفس البشرية الطاهر، الفقراء والبؤساء والمحرومين والمهمشين، الأيتام والأرامل والمهجرين والنازحين من ديارهم وأوطانهم. الشعوب التي فقدت الأمن والسلام والتعايش، العدل والرحمة)،

يُعلن «الأزهر الشريف» ومن حوله المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها،

و«الكنيسة الكاثوليكية» ومن حولها الكاثوليك من الشرق والغرب،

تبني ثقافة الحوار درباً، والتعاون المشترك سبيلاً، والتعارف المتبادل نهجاً وطريقاً.

إننا نحن – المؤمنين بالله وبلقائه وبحسابه – ومن منطلق مسؤوليتنا الدينية والأدبية، وعبر هذه الوثيقة، نطالب أنفسنا وقادة العالم، وصناع السياسات الدولية والاقتصاد العالمي، بالعمل جدياً على نشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام، والتدخل فوراً لإيقاف سيل الدماء البريئة، ووقف ما يشهده العالم حالياً من حروب وصراعات وتراجع مناخي وانحدار ثقافي وأخلاقي.

إكتشاف قيم السلام

ونتوجه للمفكرين والفلاسفة ورجال الدين والفنانين والإعلاميين والمبدعين في كل مكان ليعيدوا اكتشاف قيم السلام والعدل والخير والجمال والأخوة الإنسانية والعيش المشترك، وليؤكدوا أهميتها كطوق نجاة للجميع، وليسعوا في نشر هذه القيم بين الناس في كل مكان.

 التطرف والحروب

إن التاريخ يؤكد أن التطرف الديني والقومي والتعصب قد أثمر في العالم، سواء في الغرب أو الشرق، ما يمكن أن نطلق عليه بوادر «حرب عالمية ثالثة على أجزاء»، بدأت تكشف عن وجهها القبيح في كثير من الأماكن، وعن أوضاع مأساوية لا يعرف – على وجه الدقة – عدد من خلفتهم من قتلى وأرامل وثكالى وأيتام، وهناك أماكن أخرى يجري إعدادها لمزيد من الانفجار وتكديس السلاح وجلب الذخائر، في وضع عالمي تسيطر عليه الضبابية وخيبة الأمل والخوف من المستقبل، وتتحكم فيه المصالح المادية الضيقة.

الأزمات السياسية

ونشدد أيضاً على أن الأزمات السياسية الطاحنة، والظلم وافتقاد عدالة التوزيع للثروات الطبيعية – التي يستأثر بها قلة من الأثرياء ويُحرم منها السواد الأعظم من شعوب الأرض – قد أنتج وينتج أعداداً هائلة من المرضى والمعوزين والموتى، وأزمات قاتلة تشهدها كثير من الدول.

 الأسرة نواة المجتمع

وهنا تظهر ضرورة الأسرة كنواة لا غنى عنها للمجتمع وللبشرية، لإنجاب الأبناء وتربيتهم وتعليمهم وتحصينهم بالأخلاق وبالرعاية الأسرية، فمهاجمة المؤسسة الأسرية والتقليل منها والتشكيك في أهمية دورها هو من أخطر أمراض عصرنا.

إننا نؤكد أيضا على أهمية إيقاظ الحس الديني والحاجة لبعثه مجدداً في نفوس الأجيال الجديدة عن طريق التربية الصحيحة والتنشئة السليمة والتحلي بالأخلاق والتمسك بالتعاليم الدينية القويمة لمواجهة النزعات الفردية والأنانية والصدامية، والتطرف والتعصب الأعمى بكل أشكاله وصوره.

كما نعلن – وبحزم – أن الأديان لم تكن أبداً بريداً للحروب أو باعثة لمشاعر الكراهية والعداء والتعصب، أو مثيرة للعنف وإراقة الدماء.

البابا يحيي مستقبليه

تعاليم الأديان

إن هذه الوثيقة، إذ تعتمد كل ما سبقها من وثائق عالمية نبهت إلى أهمية دور الأديان في بناء السلام العالمي، فإنها تؤكد الآتي:

القناعة الراسخة بأن التعاليم الصحيحة للأديان تدعو إلى التمسك بقيم السلام وإعلاء قيم التعارف المتبادل والأخوة الإنسانية والعيش المشترك، وتكريس الحكمة والعدل والإحسان، وإيقاظ نزعة التدين لدى النشء والشباب، لحماية الأجيال الجديدة من سيطرة الفكر المادي، ومن خطر سياسات التربح الأعمى واللامبالاة القائمة على قانون القوة لا على قوة القانون.

 إيصال الوثيقة إلى صناع القرار

وفي سبيل ذلك، ومن خلال التعاون المشترك بين «الأزهر الشريف» و«الكنيسة الكاثوليكية»، نعلن ونتعهد أننا سنعمل على إيصال هذه الوثيقة إلى صناع القرار العالمي، والقيادات المؤثرة ورجال الدين في العالم، والمنظمات الإقليمية والدولية المعنية، ومنظمات المجتمع المدني، والمؤسسات الدينية وقادة الفكر والرأي، وأن نسعى لنشر ما جاء بها من مبادئ على كافة المستويات الإقليمية والدولية، وأن ندعو إلى ترجمتها إلى سياسات وقرارات ونصوص تشريعية، ومناهج تعليمية ومواد إعلامية.

وفي المدارس والجامعات

كما نطالب بأن تصبح هذه الوثيقة موضع بحث وتأمل في جميع المدارس والجامعات والمعاهد التعليمية والتربوية، لتساعد على خلق أجيال جديدة تحمل الخير والسلام، وتدافع عن حق المقهورين والمظلومين والبؤساء في كل مكان.

 الختام

ختاماً: لتكن هذه الوثيقة دعوة للمصالحة والتآخي بين جميع المؤمنين بالأديان، بل بين المؤمنين وغير المؤمنين، وكل الأشخاص ذوي الإرادة الصالحة، لتكن وثيقتنا نداء لكل ضمير حي ينبذ العنف البغيض والتطرف الأعمى، ولكل محب لمبادئ التسامح والإخاء التي تدعو لها الأديان وتشجع عليها، لتكن وثيقتنا شهادة لعظمة الإيمان بالله الذي يوحد القلوب المتفرقة ويسمو بالإنسان،

لتكن رمزا للعناق بين الشرق والغرب، والشمال والجنوب، وبين كل من يؤمن بأن الله خلقنا لنتعارف ونتعاون ونتعايش كإخوة متحابين..

هذا ما نأمله ونسعى إلى تحقيقه، بغية الوصول إلى سلام عالمي ينعم به الجميع في هذه الحياة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.