طرابلس لبنان - سياسية مستقلة

جامعة طرابلس تعقد مؤتمراً قانونياً فقهياً عن المُستجدات التشريعية في مجال الأحوال الشخصية في لبنان… مفتي الجمهورية: نُحذّر من خطورة تشويه المحاكم الشرعية والرّوحية والمذهبية والتعدّي على اختصاصاتها

المؤتمر الإسلامي السادس للشريعة والقانون – جامعة طرابلس

موقف إسلامي موحّد يؤسّس لموقف وطني جامع من اقتراحات القوانين التي تَهدِم الأُسرة والقيم تدريجياً

اقتراحات القوانين المتعلقة بالعنف الأُسري وزواج القاصرات مَشوبَةٌ بعدم الدستورية

 

  • مفتي الجمهورية: نُحذّر من خطورة تشويه المحاكم الشرعية والرّوحية والمذهبية والتعدّي على اختصاصاتها
  • المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى: الإخلال بالمادة التاسعة من الدستور إخلال بالعقد الاجتماعي كلّه
  • الشيخ الميقاتي: يجب وضع حدّ للعدوان التشريعي على ديننا الحنيف باسم حقوق الإنسان!!
  • النائب الجسر: نحو تطوير لا يصادم نصوصاً قطعية ويحترم اختصاص المحاكم الشرعية
  • النائب الحوت: لا يجوز استهداف أنظمة الأحوال الشخصية المكفولة دستورياً!!
  • الرئيس طبارة: الدستور يمنح الطوائف حقّها في تشريع أحوالها الشخصية

 

الجلسة الافتتاحية

دعت الأمانة العامة للمؤتمر الإسلامي للشريعة والقانون نخبة من رجال الفقه والقضاء والتشريع، وعدداً من المراجع والمؤسسات والفعاليات الشرعية والقانونية الرسمية إلى مؤتمر قانوني فقهي بعنوان: «المستجدات التشريعية في مجال الأحوال الشخصية» عُقد في جامعة طرابلس بتاريخ 2/2/2019، وذلك بمشاركة:

  1. سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية ممثلًا بسماحة رئيس المحاكم الشرعية السنية في لبنان الشيخ الدكتور محمد عساف.
  2. وسماحة رئيس المجلس الشيعي الاسلامي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان ورئاسة المحاكم الجعفرية في لبنان ممثلَين بسماحة المستشار الشيخ عبد الحليم شرارة.
  3. النائب الأستاذ سمير الجسر.
  4. والنائب السابق الدكتور عماد الحوت.
  5. وعضوي المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى الدكتور عبد الاله ميقاتي والمهندس أسامة طراد.
  6. ونقيب المحامين في طرابلس الأستاذ محمد مراد ممثلا بالدكتور عبد المنعم كبارة.
  7. والنائب العام السابق لدى المحاكم الشرعية في لبنان الدكتور وائل طبارة.
  8. وقاضي بيروت الشرعي الشيخ عبد العزيز الشافعي.
  9. وقاضي طرابلس الشرعي المستشار الشيخ غالب الأيوبي.
  10. وقاضي البقاع الشرعي الشيخ طالب جمعة.
  11. وعضو مجلس أمناء الجامعة الدكتور حمدي شوق.
  12. وممثلين عن اتحاد الحقوقيين المسلمين.
  13. الدكتورة سهير حداد ممثلة التجمع اللبناني للحفاظ على الأسرة.
  14. الدكتورة فاطمة شعبان مسؤولة قسم حقوق الإنسان في جمعية النجاة الاجتماعية وأمينة سر التجمع اللبناني للحفاظ على الأسرة.
  15. السيدة عزيزة ياسين مسؤولة مركز أمان للمرأة والأسرة في جمعية الإرشاد و الإصلاح الخيرية في بيروت.
  16. والأستاذ الدكتور حسام سباط.
  17. وعدد من الإخوة المحامين والأساتذة الجامعيين والباحثين في مجال الأسرة.

بعد الافتتاح بتلاوة من القرآن الكريم، تم عرض شريط وثائقي عن مسيرة المؤتمر الاسلامي للشريعة والقانون في لبنان على مدى واحد وعشرين عامًا.

رئيس مجلس أمناء جامعة طرابلس والأمين العام للمؤتمر سماحة المحامي الشيخ محمد رشيد الميقاتي

ثم كانت كلمة رئيس مجلس أمناء جامعة طرابلس المحامي الشيخ محمد رشيد الميقاتي – الأمين العام للمؤتمر الاسلامي للشريعة والقانون، التي عرض فيها للنجاحات التي حققها المؤتمر في مجال التصدي للزواج المدني وإعادة التعليم الديني وملف العنف الأُسَري،  منبها إلى أن خطورة ما يتم طرحُه اليوم على البرلمان، تكمُن في كونه حلقات متصلة من سلسلة قوانين يجري استصدارُها بطريقة غير دستورية، تمهيدًا للوصول إلى قانون موحّد لا ديني للأحوال الشخصية في لبنان، داعيا المرجعيات الدينية والسياسية إلى تفعيل احترام المادة التاسعة من الدستور التي «تضمن للأهلين على اختلاف مللهم احترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية»، وإلى وضع حدّ للعدوان التشريعي على ديننا الحنيف باسم حقوق الإنسان، منبّها إلى أنّ التمادي في هذا العدوان يُنذر بانهيار الأسرة والمجتمع، كما انهارت في القارتين الأوروبية والأمريكية.

الشيخ الدكتور محمد عساف ممثلاً سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية

ثم كانت كلمة سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية التي ألقاها رئيس المحاكم الشرعية السنية في لبنان سماحة الشيخ الدكتور محمد عساف شكر فيها جامعة طرابلس على دعوتها المباركة لمؤتمر حول التعديلات المقترحة على قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسَري وزواج القاصرات محذرا من خطورة المحاولات المتتابعة لتشويه المحاكم الشرعية والروحية والمذهبية والاعتداء على اختصاصاتها تمهيدا لإلغائها، عارضا الآثار السلبية لاقتراح القانون الرامي إلى منع زواج من دون سن الثامنة عشرة كازدياد الزواج العرفي وانتشار الزنى وازدياد عدد الأولاد مكتومي القيد، وتعذر إثبات الزواج عند الحمل والإنجاب كما عرض لمخاطر قانون حماية النساء من العنف الأُسَري مبينا ازدياد حالات القتل والتعذيب بعد صدوره، وتزايد اتهامات كثير من الزوجات لأزواجهن أمام القضاء، بتهم باطلة لتخريب الأسرة، وازدياد حالات الطلاق بسبب النفقات المبالغ بها، التي يفرضها القضاء الناظر بقضايا العنف الأُسَري بدون وجه حق.

الشيخ عبد الحليم شرارة ممثلاً المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى ورئاسة المحاكم الجعفري

ثم كانت كلمة المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى ورئاسة المحاكم الجعفرية في لبنان والتي ألقاها المستشار الشيخ عبد الحليم شرارة التي شكر فيها جامعة طرابلس على هذه الدعوة المباركة، مؤكداً أن المادة التاسعة من الدستور اللبناني التي «تضمن للأهلين على اختلاف مللهم احترام أنظمة الأحوال الشخصية والمصالح الدينية»، هي المادة المفخرة في الدستور، باعتبارها مادة كيانية بنيوية يقوم عليها الكيان اللبناني برمته، ويشكل الإخلال بها إخلالا بالعقد الاجتماعي كله. كما قام بتفنيد الشبهات الواردة في اقتراحات القوانين التي تمس الأسرة داعياً إلى البحث عن منابع التحفيز الكامنة وراء ستار بعض الجمعيات والأبواق الإعلامية التي تعمل وفق أداء موحد وبتمويل خارجي، منبها إلى أن الأمور إن تفلتت من أيدي العقلاء فإنها حتما ستؤدي إلى انهيار الهيكل على الجميع.

النائب السابق الدكتور عماد الحوت متحدثاً

ثم كانت كلمة النائب السابق الدكتور عماد الحوت الذي أكّد على وجود خلفيات مشبوهة مختلفة عن الحرص على الحقوق، أفضت إلى تقديم المشروع المقترح لتعديل قانون العنف الأُسري، وهي استهداف أنظمة الأحوال الشخصية بشكل واضح، بدليل اقتراح إلغاء تجريم الزنا، ونقل عدد من صلاحيات المحاكم الشرعية للمحاكم المدنية، داعياً لمناقشة مختلف الإقتراحات على خلفية التوازن بين الحفاظ على الأسرة وحماية نظام الأحوال الشخصية الوارد في الدستور، وبين تأمين إطار ردعي وآخر حمائي وتأمين الحقوق، كما دعا اﻟﻤﺠلس الشرعي الاسلامي الأعلى إلى استكمال الجهود والتسريع في المبادرة التشريعية وإقرار ما فيه المصلحة الاسلامية المعتبرة لتطوير قانون الأسرة، وتسريع الإجراءات الحمائية بما يؤمّن هذا التوازن، وكذلك الأمر تعزيز الإجراءات المعمول بها في المحاكم الشرعية في مجال تنظيم زواج من دون سن الثامنة عشرة.

المحامي الدكتور وائل طبارة في مداخلة قانونية

ثم كانت كلمة المحامي الدكتور وائل طبارة، الذي أكد على منح الدستور للطوائف حقها في التشريع في مجال الأحوال الشخصية، منبها إلى أن تجاوز اقتراحات القوانين لهذا الحق يجعلها غير دستورية، لافتاً إلى أن المعاهدات الدولية لا تعطل قانونا دستوريا داعيا إلى ضرورة إفادة السلطة التشريعية من دراسات علمية إحصائية قبل قيامها بالعملية التشريعية وإلى تعزيز الاصلاح في المحاكم الشرعية، وإلى وقفة إسلامية وروحية جامعة للحفاظ على تفعيل  المادة التاسعة من الدستور والتي تحترم التعددية في أنظمة الأحوال الشخصية.

رئيس جامعة طرابلس الأستاذ الدكتور رأفت محمد رشيد الميقاتي متحدثاً

ثم ألقى رئيس جامعة طرابلس الأستاذ الدكتور رأفت محمد رشيد الميقاتي مداخلته الفقهية والقانونية حول موضوع العنف الأسري متبعاً ذلك بقصيدة حقوقية ناقدة للفوضى التشريعية والأخلاقية التي تنشرها المواثيق الدولية في مجال الأسرة.

معالي الأستاذ سمير الجسر متحدثًا خلال المؤتمر

ثم كانت كلمة النائب الأستاذ سمير الجسر رئيس اللجنة النيابية الناظرة في التعديلات المقترحة على قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأُسَري، حيث أكد على ضرورة احترام الحقوق الدستورية للطوائف في تنظيم أحوالها الشخصية ووجوب الحفاظ على صلاحيات المحاكم الشرعية والروحية والمذهبية وعدم الالتفاف عليها، مؤكداً على ضرورة العمل في الوقت نفسه على مكافحة بطء التقاضي في القضايا الأسرية، وتفعيل الأخذ بالمصلحة فيما لا يعارض النصوص القطعية.

عضو المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الدكتور عبد الإله ميقاتي متحدثاً في المؤتمر

ثم كانت كلمة للدكتور عبد الاله ميقاتي – عضو المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى، شكر فيها الجهود الفقهية والتربوية والقانونية التي تقوم بها جامعة طرابلس في المجال الأُسَري، داعياً إلى العمل على إقرار دورات تأهيلية إلزامية للمقبلين على الزواج، وإقرار ذلك في المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى، بما يحقق ضمان سلامة الأسرة مستقبلا والحد من ارتفاع نسبة الطلاق في المجتمع.

ثم كانت مداخلات للمشاركين في ورشة العمل التشريعية طالبت في مجملها بضرورة الإسراع في إصدار القانون المعاصر للأحوال الشخصية للمسلمين في لبنان بما يضع حداً لحالة الفوضى التشريعية  والأحكام القضائية المتعارضة في لبنان ومطالبة النواب باستحضار مسؤوليتهم أمام الله تعالى قبل الوقوع في خطيئات تشريعية تغتال الأسرة والمجتمع.

توصيات المؤتمر

  • أولًا: فيما يتعلق بآلية التشريع في قضايا الأحوال الشخصية:
  1. التأكيد على مبدأ الانسجام بين الدين والدولة الذي أقرَّه اتفاق الطائف لقيمته الدستورية، والتنبيه لخطورة إيجاد حالة تنازع بينهما.
  2. إن أي مشروع قانون أو تعديل قانون في مجال الأحوال الشخصية يجب أن يتلاءم مع المادة التاسعة من الدستور التي تنص على أن «حرية الاعتقاد مطلقة والدولة بتأديتها فروض الإجلال لله تعالى تحترم جميع الأديان والمذاهب وتكفل حرية إقامة الشعائر الدينية تحت حمايتها على أن لا يكون في ذلك إخلال بالنظام العام وهي تضمن أيضاً للأهلين على اختلاف مللهم احترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية»، وإن الالتفاف على هذه المادة الدستورية هو إخلال بالعقد الاجتماعي ويعتبر جرماً مشهوداً وخرقاً فاضحاً للدستور.
  3. التأكيد على أن المعاهدات الدولية لا تتقدم على الدستور ولا على نص المادة التاسعة منه، وإنما فقط على القوانين العادية عملاً بنص المادة الثانية من قانون أصول المحاكمات المدنية التي تنص على أنه «على المحاكم أن تتقيّد بمبدأ تسلسل القواعد وأنه عند تعارض أحكام المعاهدات الدولية مع أحكام القانون العادي تتقدم في مجال التطبيق الأولى على الثانية».
  4. التحذير من سن تشريعات مخالفة للدستور كونها عُرضة للطعن مباشرة أمام المجلس الدستوري، كما إن إصدار أي قانون يمس بالمواد الميثاقية كالمادة التاسعة من الدستور هو عملٌ غير مشروع إذ لا شرعية لما يناقض العيش المشترك (مقدمة الدستور).
  5. وجوب احترام نص المادة 242 من قانون المحاكم الشرعية وخاصة فيما ورد في فقرته الأولى والتي تنص على ما يلي:

أولًا: يصدر القاضي السني حكمه طبقًا للأحكام المنصوص عليها في القرارات الصادرة عن المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في الأحوال الشخصية للمسلمين السنة والمتعلقة بتنظيم شؤون الطائفة الدينية سندًا للمادة الأولى من أحكام المرسوم الاشتراعي رقم 18/55 المعدل بالقرار الصادر بتاريخ 21 ذي القعدة 1386 الموافق 2 آذار 1956 والمنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 30 أيار 1956 العدد (22). في حال عدم وجود أي نص يرجع القاضي السني إلى قانون حقوق العائلة العثماني الصادر في 25 / 10 / 1917 وإلا فيحكم طبقًا لأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة.

ثانيًا: يصدر القاضي الجعفري حكمه طبقًا للمذهب الجعفري، ولما يتلاءم مع هذا المذهب من أحكام قانون حقوق العائلة.

وبالتالي فإنه بالنسبة للمسلمين السنة فإن التشريع في مادة الأحوال الشخصية أمرٌ يختص به المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الذي يملك وحده وبموجب نص دستوري وآخر قانوني إصدار النصوص التي يراها صالحة لهؤلاء في إطار مواد الأحوال الشخصية ولا يجوز للمجلس النيابي أن يعطل هذا الدور أو أن يصبح مشترعاً مجدداً في مادة الأحوال الشخصية التي يرغب المسلمون بالمحافظة فيها على تشريعهم الخاص بهم، كما أنه لا يجوز أن يكون هناك إلغاء ضمني للأحكام الشرعية الواجبة التطبيق عليهم.

  1. وجوب احترام الاختصاص الوظيفي للمحاكم الشرعية والروحية والمذهبية لتعلقه بالنظام العام.
  2. إن أي تشريعات جديدة يجب أن تستند إلى دراسات علمية وواقعية للمجتمع اللبناني، تحدّد حاجته إليها وتنطلق من قيمه وثقافته وثوابته، لا أن تعتمد على استيراد تشريعات معلَّبة وضعت لتلبي حاجة مجتمعات أخرى مختلفة بتاريخها وثقافتها، ولم يثبت نجاحها في تأمين الحقوق و الحفاظ على الأسرة بل فاقمت المشاكل الاجتماعية في تلك المجتمعات، وإن الإصرار على هذا الاستيراد من شأنه مفاقمة المشاكل وزيادة التعقيدات والوقوع في كوارث أسرية وانهيار مجتمعي.
  3. التحذير من إغراق البلاد في الفوضى التشريعية والقضائية جرّاء الإصرار المشبوه على اعتماد نصوص معينة سبق أن استبعدت من التشريع منذ فترة وجيزة لعدم دستوريتها ولعدم قانونيتها لا تزيد من عناصر حماية المجتمع من العنف الأسري، وإنما تهدف للإخلال بمصطلحات معتمدة في التشريعات الدينية ونظام الأحوال الشخصية.
  • ثانياً: على الصعيد الوطني:

دعوة المرجعيات الروحية والمذهبية إلى موقف تاريخي يحفظ الأسرة في لبنان من رياح العولمة التشريعية التي تستهدفها، بغية إلغاء المرجعية الدينية في مجال تشريع الأحوال الشخصية، توصلًا لقانون موحد غير ديني للبنانيين في هذا المجال، وهو ما من شأنه إلغاء التعدديّة والانصياع إلى آحادية ما بعد الحداثة.

  • ثالثاً: فيما يتعلق باقتراح القانون الرامي إلى تعديل قانون حماية النساء وكافة أفراد الأسرة من العنف الأسري.
  1. يؤكّد المؤتمر على وجود اعتداء واضح في المشروع المقدم لتعديل قانون «حماية المرأة وسائر أعضاء الأسرة من العنف الأسري» رقم 293/2014، على اختصاص المحاكم الشرعية والمذهبية والروحية لاسيما في أحكام الحياة الزوجية والنفقة والحضانة وضم الأولاد غير المعرضين للخطر وغيرها، تمت الإشارة اليه في الدراسات المقدمة من سماحة رئيس المحاكم السنية في لبنان وسماحة رئيس المحاكم الجعفرية في لبنان والدراسة النقدية الموجزة لمشروع القانون المتعلق ﺑﺈدخال تعديلات على قانون حماية النساء وكافة افراد الأسرة من العنف الأسري المتطابق مع اقتراح القانون المقدم حاليًا الى البرلمان ﺑﻬذا الخصوص، والتي أعدها المركز الدولي لحقوق الإنسان والقانون المقارن في جامعة طرابلس، والملاحظات المقدمة من التجمع اللبناني للحفاظ على الأسرة، والمرفقة بهذا التقرير، كما ينبه المؤتمر إلى خطورة اعتماد مصطلحات فضفاضة تجعل للقضاء المدني سلطة استنسابية كبرى تتعلق بأمور ليست من اختصاصه أصلاً وتفتح مجالاً للكيدية في الادعاء.
  2. ينبّه المؤتمر الى إن الإصرار على إدخال تعديلات على القانون رقم 293/2014 ، «حماية المرأة وسائر افراد الأسرة من العنف الاسري»، الذي أمّن مروحة من الحماية وتشديد العقوبة على هذا النوع من العنف والإخلال بصلاحيات المحاكم المختلفة، من دون إدراج مبرر لهذا التعديل، وتناول التعديل المقترح في شقه الأكبر ما يقع ضمن صلاحيات المحاكم الشرعية والمذهبية والروحية، كل ذلك يشي بوجود خلفيات استهداف لنظام الأحوال الشخصية مما يشكل تهديداً للعقد الإجتماعي الذي قام عليه لبنان.
  3. إن استيراد مفاهيم تتعارض مع النظام العام اللبناني لدى المسلمين والمسيحيين على حد سواء، ومن ذلك إلغاء تجريم الزنا الذي قد يقع فيه أحد الزوجين أو كلاهما وهو ما ورد في المادة الثالثة (بند 9) من المشروع المذكور والذي ينص على أنه «تلغى أحكام المواد 487 – 488 – 489 من قانون العقوبات اللبناني» يشكل فضيحة تشريعية وأخلاقية كبرى ويضرب الأمن الأسري في الصميم.
  4. إن استهداف أحكام دينية شرعية مرتبطة بالأسرة بطرق خفيّة تارةً، ومفضوحة تارةً أخرى، كأحكام المعاشرة وأحكام النفقة والحضانة، وضمّ الأولاد وأحكام العدة الزوجية ووضع مصطلحات وعبارات غير منضبطة تجعل للقضاء المدني والجزائي سلطة استنسابية كبرى تمكنه من التوسع في تحريم الحلال وتحليل الحرام، كما تفتح الباب واسعاً للكيدية بين الزوجين وانتهاك خصوصيات الأسر واعتماد المنحى الجزائي بدون إرادة الطرف المعني بل منعه من حق تقرير مصير الشكوى، مما يهدد الحياة الأسرية وانتظام المجتمع.
  5. إن التعديلات المطروحة تؤدي إلى تعزيز الفوضى الجنسية في الأُسرة من خلال إطلاق الحريات دون أي سقف وتجريم كل فرد من أفراد العائلة يضع حدًا لهذه (الحرية) بما في ذلك الزوج أو الزوجة اللذان لم يعودا بالتالي أصحاب حقٍ حتى بالاعتراض على زنا الشريك أو مخادنته لشخص آخر، وهو ما يعني تمكين ثقافة الإباحية والانحلال.
  6. التحذير من تشويه معالم الأسرة والتشجيع على تفكيكها من خلال توسيع دائرة مفهوم ما يسمى بجرائم الأسرة دون ضوابط أو تعريفات واضحة واستخدام مصطلحات فضفاضة تجعل للقضاء المدني سلطة استنسابية تتعلق بأمور ليست في اختصاصه، وهو ما يعد انقلابًا تشريعيًا أثيمًا على شرائع الإسلام الحنيف وتعاليم الدين المسيحي في مجال الأحوال الشخصية والمكفولة دستوريًا.
  7. التحذير من استغلال مصطلح (العنف) بغية استمالة الرأي العام وتوظيفه في تمرير تشريعات كتشريع الزنى، وتغليب المنحى الجزائي على المنحى الإصلاحي في الخلافات الأسرية بدل التوازن بين المنحيين، مما يؤدى إلى الفوضى الأسرية والفوضى الجنسية واستباحة القيم والأنظمة والمفاهيم التي يرغب المسلمون والمسيحيون على السواء بالحفاظ عليها والتمسك بها لأنها صمام أمان الأسرة.
  8. التنبيه إلى مخالفة المشروع المقدّم لقاعدة المساواة بين اللبنانيين قاعدة المساواة بين اللبنانيين المنصوص عليها في المادة السابعة من الدستور من خلال تخصيص أمر الحماية في المادة الثانية عشر من المشروع المذكور لحماية النساء دون غيرهن، وهذا ما يشكل خرقًا فاضحًا لتأمين حق المواطنين على حد سواء – دون تمييز بسبب الجنس – في التمتع بالحماية القضائية، وهو ما يناقض ما ورد في الأسباب الموجبة من أن «المنهجية الحديثة في التشريع المعاصر تجعل من (الإنسان) هدفًا له».
  9. إيحاء الأسباب الموجبة لاقتراح مشروع القانون بأن هناك موجبات دولية منبثقة عن المبادئ والمواثيق والمعاهدات يقتضي احترامها، في حين يتم تجاهل مبدأ تسلسل القواعد والذي ينص على تقديم المعاهدات الدولية على القانون العادي لا على الدستور اللبناني (مادة 2 من قانون أصول المحاكمات المدنية)، وبالتالي فإن أيًّا من المعاهدات والاتفاقيات لا يتقدم على النص الدستوري خاصة نص المادة التاسعة منه الذي يكفل احترام أنظمة الأحوال الشخصية للبنانيين على اختلاف مللهم.
  • رابعاً: فيما يتعلق باقتراح قانون حماية الأطفال من التزويج المبكر المقدم من النائب إيلي كيروز:

حيث إن هذا الاقتراح يرمي إلى تجريم كل من عقد أو أذن أو حرض أو تدخل أو ساهم أو اشترك في عقد زواج طفل خلافًا لأحكام القانون ومعاقبته بغرامة تعادل عشرة أضعاف الحد الأدنى للأجور وبالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وفي حال التكرار تتضاعف العقوبة والغرامة.

وإن المؤتمر يوصي السادة النواب برد هذا الاقتراح كونه مبنيًا على أسباب موجبة ثبت تهافتها دستوريًا وقانونيًا على النحو المذكور في المحور الأول من محاور هذه التوصيات، وخاصة لجهة التفافه على المادة التاسعة من الدستور بذريعة أن حق الطوائف التاريخية بالتشريع في مجال الأحوال الشخصية غير مطلق ومشروط بعدم الإخلال بالنظام العام، وهو في ذلك يتناسى بأن نظام الأحوال الشخصية هو قانون يوازي تماماً القانون المدني والقانون الجزائي كجزء من المنظومة التشريعية، كلٌّ في مجاله، فالأول ينظم الأحوال الشخصية، والثاني ينظم المعاملات المالية، والثالث يتناول الجرائم الجزائية، ولا يعلو أي منها على الآخر، وإنما يتكامل بعضها مع بعض في إطار النظام العام، في حين أن ما تضمنه الاقتراح من تَعَدٍّ على الاختصاص التشريعي للمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في التشريع في مجال الأحوال الشخصية ومن تعدٍّ على الاختصاص الوظيفي للمحاكم الشرعية هو الإخلال بعينه بالنظام العام وفق المعايير المعتمدة في اصول المحاكمات المدنية.

  • خامساً: فيما يتعلق باقتراح القانون المقدم من النائب غسان مخيبر والرامي إلى تنظيم زواج القاصرين:

حيث إن هذا الاقتراح يرمي إلى تنظيم زواج القاصرين والقاصرات وجعل قاضي الأحداث صاحب الاختصاص بالنظر في الإذن بهذا الزواج وتعديل نص المادة 483 من قانون العقوبات على ضوء ذلك فإن المؤتمر يذكر بما يلي:

  1. بأن مسائل الأحوال الشخصية عامة ومسألة تنظيم زواج من دون الثامنة عشرة من العمر هي جزء لا يتجزأ من منظومات الأحوال الشخصية التي ضَمِنَ الدستور احترامها للبنانيين على مختلف مللهم.
  2. إن الجهة الصالحة بالنظر بمضمون هذه الاقتراحات هي الجهة التي تمتلك حق التشريع دستوريًا في مجال الأحوال الشخصية وهي لدى المسلمين السنة المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى بصريح نص المادة 242 من قانون المحاكم الشرعية.
  3. إن القضاء الشرعي والروحي والمذهبي هو صاحب الاختصاص الوظيفي المتعلق بالنظام العام وخاصة في مسائل الولاية والزواج، وإن تحويل قاضي الأحداث إلى قاضٍ للأحوال الشخصية لمن هم دون الثامنة عشرة يتضمن عدوانًا صريحًا على المستويين التشريعي والقضائي في آنٍ معًا، وخاصة لجهة ما تضمنه الاقتراح من إلغاء للنصوص المخالفة لمضمونه.
  4. التأكيد على أن المعمول به حالياً في المحاكم الشرعية هو منع زواج الذكر دون الثامنة عشر والأنثى دون السابعة عشر إلا بعد إذن من القاضي الشرعي بعد عرض على طبيب أخصائي والتحاور مع الشخص المعني وغير ذلك من الضمانات، وأن هذا النوع من الأذونات صعب جداً إن لم يكن استثنائياً، مما ينفي الحاجة الى مثل هذا التشريع المطروح الذي لن يؤدي إلا الى تعارض بين مختلف المحاكم دون أن يأتي بجديد.
  • سادساً: على الصعيد الإسلامي:

يوصي المؤتمر بما يلي:

  1. الإسراع في استكمال تطوير نظام الأحوال الشخصية المحدّث، وآليات البت في القضايا المطروحة على المحاكم الشرعية، من خلال اﻟﻤﺠلس الشرعي الإسلامي الأعلى واستكمال الجهود الرامية لتطوير أداء هذه المحاكم ودعوة المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى إلى أخذ هذه المبادرة التشريعية وتقنين الضوابط الشرعية المناسبة بهدف صيانة مؤسسة الأسرة وتحصينها.
  2. تزويد الخاطبين بكتيّب تعريفي عن آداب الزواج وحقوق الزوجين في الإسلام تمهيداً للوصول إلى مرحلة إلزام العاقدين بالخضوع لدورة تأهيلية كشرط مسبق لإجراء العقد بغية الحفاظ على حدود الله تعالى في المجال الأسري ومعرفة الحقوق والواجبات المتعلقة بالزوجين وبالأولاد وبالأقارب بصورة حضارية تغني عن تصدع الأسرة وإثقال القضاء بملفات لا حدَّ لها.
  3. إنشاء مرصد تشريعي في جامعة طرابلس.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

الأمانة العامة للمؤتمر الاسلامي للشريعة والقانون في لبنان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.