«الإتحاد المسيحي لأجل إسرائيل»: شكراً للرئيس ترامب

بقلم اللواء أمين عاطف صليبا…
عنوان لبيان صدر في صفحة كاملة (ص 21) من جريدة «واشنطن بوست» الصادرة يوم الأحد بتاريخ 10/12/2017. ولكي يُطبق عليّ مقولة «ناقل الكفر ليس بكافر» أردت ان أنقل للقراء مضمون هذا البيان الذي ورد في صفحة كاملة من تلك الصحيفة التي تُعتبر من أهم الصحف الأميركية.
وقد ورد في البيان الذي اعتمدته جمعية تُطلق على نفسها «الإتحاد المسيحي لأجل إسرائيل» ما يلي:
«شكراً للرئيس ترامب
– لاعترافه بأن القدس هي عاصمة إسرائيل.
– لموافقته على نقل السفارة الأميركية إلى القدس.
– لتمسكه بوعده والوقوف مع إسرائيل.
نحن وملايين المسيحيين الذين نمثلهم لن ننسى قرارك الجريء.
(بيان ممول من الإتحاد المسيحي لأجل إسرائيل)».
المسيحية الأصيلة براء منكم
تعقيباً على هذا البيان، وإنطلاقاً من مبدأ عدم التصدي لما يعتقده هذا التجمع، ويعتنقه من الناحية الدينية، نود ان نقول لهم المسيحية الأصيلة براء منكم.
لأن المسيحية المشرقية وكل مسيحي على غير معتقداتكم، يُدين قرار الرئيس ترامب، لأن القدس وكما يؤكد المؤرخون لم تكن يوماً عاصمة لأي دولة – فقط اعتبرت خلال الحملات الصليبية، كمركز تتبع له كل المحميات (القلاع) التي أُنشئت على طول الطريق من تركيا وصولاً إلى القدس.
السيد المسيح أوصى بالمحبة
لذلك نقول لهذا التجمع، بأنك تُطلق على نفسك اسم «المسيحية» تيمناً بالسيد المسيح الذي أُرسل لخلاص العالم.
المسيحية لا تُلغي أحداً.
وقد أوصانا السيد المسيح بالمحبة حتى للأعداء.
وأنتم يا هذا التجمع المشكوك بنواياه وحقيقة إنتمائه، لو كنتم فعلاً من أتباع المسيح، لأصدرتم بياناً معاكساً لهذا الشكر، لأنه بتصرفكم هذا تؤججون الحقد لدى من هم في نفس مواقعكم المتطرفة، عنيت بهم داعش وأخواتها.
بحيث توفرون لهم أسباباً جديدة لمعاداة المسيحية بشكل مطلق، ألا يكفيكم ما حل بمسيحيي العراق وسوريا.
وإذا تعجبتم من هذه النتيجة،
نقول لكم إن مثل هذا الشكر يؤكد على اغتصاب القدس وجعلها يهودية بكل معنى الكلمة،
وستُمحى كل المواقع الدينية فيها من مسيحية وإسلامية، وبالنسبة للمواقع الأسلامية فإنها أساس المعتقد الإسلامي على أنها أولى القبلتين وثالث الحرمين.
وصِلْبُ إيماننا لا يتفق مع إيمانكم
وعليه نحن المسيحيون في الشرق العربي وحول العالم، نُدين هذا التأييد ونتبرأ منه بالكامل، لأن صلب إيماننا لا يتطابق مع ما تؤمنون به.
ولكم الحرية فيما تؤمنون.
لكن حريتكم يجب ان تتوقف عند حدود إيمان الغير لا سيما معتقدات بقية الديانات.
ما تؤمنون به
أنتم وبكلمة عاجلة تؤمنون بأن المسيح المنتظر لن يأتِ إلى الأرض مرة ثانية، إلاّ بعد ان يُشاد هيكل سليمان مرة جديدة.
ونحن على خلافكم
نحن خلافكم نؤمن بأن السيد المسيح المُخلص تجسد على الأرض وتألم ومات وقام في اليوم الثالث وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الآب. وهذا من ثوابت إيماننا لغاية قيامة الساعة.
مع إخواننا لا نعبد إلاّ الله الأحد
وبأننا نعيش في هذا الشرق منذ 1400 سنة ونيف مع إخواننا المسلمين وقبلهم مع إخواننا اليهود، لأننا نشكل روحية واحدة في الإيمان بأن لا نعبد سوى الله الأحد. وإذا كنتم أيها التجمع، المنتحل صفة المسيحية زوراً، تجهلون كيف نعيش في هذا الشرق خاصة في لبنان، فخذوا هذا التوصيف الذي تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي على الشكل التالي:
– «أنا قارع أجراس الكنائس القديمة…
– أنا مؤذن الجوامع.
– أتلو الأبانا فيغمرني طيف علي.
– أبكي الحسن والحسين ويطيب قلبي بمحمد.
تصلي لي العذراء فيُقبّل وجهي المسيح.
أسمع «الله أكبر» من خشوع الكنائس،
وصوت المسيح من قبة الجوامع.
فلا تسألني من أين أنا … لأنني من بلد كل الأديان. أنا من لبنان.
نعم هذه هي المسيحية
نعم هذه هي المسيحية الحقيقية التي لا تفرق، وأنتم من خلال بيانكم، المعروفة خلفياته، تغردون خارج هذه المفاهيم الإيمانية التي تدعو للمحبة والاعتراف بالآخر.
حذاري من هذا القرار المتهور
بربكم أرحموا أرض مهبط الديانات الثلاث، وأعملوا على التقريب فيما بينها، لا أن تؤيدوا قراراً أصدره الرئيس الأميركي، ونتج عنه ما نتج من رفض وإدانة في كل العالم العربي والإسلامي، فحذاري من مغبة وتداعيات مثل هذا القرارالمتهور.
* محامٍ وأستاذ جامعي