قراءة في لوائح دائرة الشمال الثانية وحظوظها وفقاً للقدرات التجييرية للقوى السياسية
لم يفاجئ عدد اللوائح في دائرة الشمال الثانية أحداً ولم يكسر التوقعات أبدًا، خاصةً بعدما تبين ان عدد المرشحين كبير. اما الملفت في هذه الدائرة فهو غياب التكتيك الانتخابي لصناع القرار في تشكيل اللوائح، الأمر الذي جعل من أرض المعركة ساحة من المفترض ان تكون طاحنة على المستوى الشعبي والسياسي، فللمعركة السياسية أبعاد كثيرة ومتنوعة.
كما يُظهر الجدول أعلاه، من المتوقع أن يشارك في المعركة الإنتخابية قرابة 50٪ من المقترعين في دائرة طرابلس كحد أقصى أي ما يعادل 118669 صوتاً، وفي الضنية 60٪ كحد أقصى أي ما يعادل 41022 صوتاً، وفي المنية قرابة 60٪ من المقترعين كحد أقصى أي ما يعادل 26663 صوتاً. هذه الأرقام تعني أنَّ الحاصل الإنتخابي سيكون حوالي 16941 صوتاً، وبذلك كل لائحة لا تتخطى هذا الرقم لن تدخل المنافسة.
في تشكيل اللوائح:
تم تشكيل اللوائح على الشكل التالي:
- «تيار العزم»: تقدم الرئيس نجيب ميقاتي خطوة على جميع منافسيه عندما قرر خوض معركته بلائحة خاصة اقرب الى «التكنوقراط» دون أي تحالفات سياسية وإلى جانبه الوزير جان عبيد.
- «تيار المستقبل»: إعتمد «تيار المستقبل» إستراتيجية العدد المحدود من المقاعد الجدية وما تبقى أكمله بمرشحين غير قادرين على المنافسة.
- الوزير فيصل كرامي: لم تصل الاتصالات والمحاولات مع الوزير كرامي لتوحيد صفوف «8 آذار»، فشكل لائحة بالتحالف مع النائب السابق جهاد الصمد، وأبرز من فيها كوزن إنتخابي هو المرشح طه ناجي مسؤول جمعية المشاريع الخيرية في طرابلس.
- الوزير أشرف ريفي: خسر الوزير أشرف ريفي خلال تشكيله لائحته الكثير من رصيده، فمن جهة خسر مجهود المجتمع المدني الذي يعتبر أن اللواء قد خذله في تفرده في العمل البلدي، ومن جهة أخرى خرجت أقاويل شتى سببها دخول وخروج اشخاص كثيرين الى اللائحة ومنهم من وجه اتهامات كبيرة مثل رفيق ابي يونس. ومن الجدير بالذكر أنَّ أبرز إسم في لائحة اللواء ريفي هو الدكتور محمد سلهب الذي يُعتبر المرشح الوحيد الذي له حيثية سياسية وفكرية بالإضافة إلى أرضية دعم أهلية من عائلات المدينة التي تعرفه عن قرب وشعبية من خلال مشاطاته التي بدأت تظهر تدريجيًا. ومن البارزين في هذه اللائحة ايضاً وليد قمرالدين.
- لائحة تحالف كمال الخير والتيار الوطني الحر: أدى إنقسام قوى 8« آذار» إلى وجود لائحة جديدة لم تكن متوقعة وهي التي شكلها الحاج كمال الخير بالتحالف مع التيار الوطني الحر.
- لائحة المجتمع المدني المستقل: هي اللائحة التي بدأ العمل عليها من خلال الدكتور جمال البدوي وبعض شخصيات المجتمع المدني.
- لائحة «كلنا وطني»: هي لائحة تتألف من مجموعة من الحركات المستحدثة كحزب سبعة وبعض الحركات المدنية والناشطين السابقين من أجل خوض غمار المعركة الإنتخابية.
- لائحة تحالف النائب السابق مصباح الأحدب والجماعة الإسلامية: يسعى النائب السابق مصباح الأحدب إلى خرق التوقعات في معركته المقبلة عبر تشكيله لتحالف مع «الجماعة الإسلامية» وبعض شخصيات مدنية واعلامية.
في مضمون اللوائح وحظوظها الأولية، سنرتكز إلى الدراسة الأولية للقدرة التجييرية للقوى السياسية والتي أجريناها في إطار عمل المؤسسة الوطنية للدراسات والإحصاء، والمبنية على العديد من المؤشرات الإحصائية والقابلة للتغيير مع تطور عمل الماكينات الإنتخابية والتي تلعب دورًا مهمًا في إطار تغيير القدرة التجييرية، زيادةً أو نقصانًا.
ــ لائحة تيار العزم: تحظى لائحة «تيار العزم» والتي يرأسها رئيس الحكومة الاسبق نجيب ميقاتي بدعم واضح من الصوت السني في دائرة طرابلس، وكذلك في دائرتي الضنية والمنية ولو بوتيرة أخف.
الرصيد السني للائحة العزم في طرابلس يعطيها أفضلية على باقي اللوائح ويجعلها الرقم الأقوى في المعادلة في هذه الدائرة، وتنافسها الأساسي سيكون مع لائحة «تيار المستقبل» نظرًا لتوزع المرشحين على 8 لوائح.
أما في عدد المقاعد المتوقعة فستكون حصة تيار العزم هي الأبرز وتتراوح بين 4 و5 مقاعد.
ــ لائحة تيار المستقبل: تحظى لائحة تيار المستقبل بتعاطف شعبي مع الشارع المستقبلي الذي عاد ليستقطب بعض مفاتيحه الإنتخابية التي تركته سابقًا، فعاد ليستعيد جزءاً من شعبيته، خاصة بعد ضعف حالة الوزير أشرف ريفي وتشتت المجتمع المدني وإنقسام تحالف الوزير كرامي في لائحتين.
أما في عدد المقاعد المتوقعة فالتنافس الأساسي في هذه المعركة هو بين لائحتي «العزم» و«المستقبل» على حصد 3 أو 4 مقاعد.
ــ لائحة الكرامة الوطنية: ستتأثر لائحة الكرامة الوطنية بالإنقسام الذي حصل بعدم قيام التحالف مع كمال الخير في المنية و«التيار الوطني الحر» في طرابلس، الأمر الذي أصبح يرفع حظوظ جهاد الصمد في الضنية وأحد المرشحين في طرابلس في حال تمكنت اللائحة من حصد مقعد ثانٍ، والأمر مرهون بالكسر الذي ستحصل عليه هذه اللائحة وبحجم الأصوات العلوية التي قد تحصل عليها.
ــ لائحة الوزير أشرف ريفي: بعد التخبط في بلدية طرابلس، التي كان ريفي قد فاز بمعظم مقاعد مجلسها البلدي في انتخابات 2016، وبعد عدم قدرة هذا المجلس الذي يرأسه من هو محسوب على ريفي على الانجاز، وبعد تشتت «المجتمع المدني» وابتعاده عن الوزير ريفي، أصبحت معركة الريفي محرجة. وفي حال حصول اللائحة على حاصل إنتخابي فسيخوض ريفي معركة داخل لائحته مع المرشح الأبرز الدكتور محمد سلهب الذي يدخل إسمه المعركة تدريجيًا وبوتيرة متصاعدة.
ــ لائحة تحالف كمال الخير والتيار الوطني الحر: تواجه هذه اللائحة معركة الحصول على حاصل إنتخابي. وهذا مرهون بالقدرة التجييرية التي يمكن أن تستقطبها من الشارع السني الطرابلسي في ظل غياب مرشح سني قوي فيها واقتصارها على مرشح سني واحد من المدينة، بالإضافة إلى مدى القدرة على الإعتماد على الصوت العلوي الذي سيُخَيَّر بين لائحة الكرامة الوطنية (كرامي) وهذه اللائحة. علماً ان كمال الخير يشكل رافعة للائحة في المنية فيما يشكل «التيار الوطني الحر» الرافعة في الشارع المسيحي.
لائحة المجتمع المدني المستقل: نظرًا لتشتت أصوات المجتمع المدني بين عددٍ من اللوائح، تبقى حظوظ لوائحه ضعيفة ومعركتها مع الحاصل الإنتخابي في ظل غياب الرافعة للوائحه، إلا في حال تحركت مجموعات لترفع من الحاصل الإنتخابي ولتصب في لائحة مجتمع مدني واحدة وهذا صعب.
لائحة وطني: هي لائحة أُخرى من لوائح المجتمع المدني التي تعمل ضمن مجموعات مستحدثة، حظوظ هذه اللائحة ضعيفة نظرًا لغياب أي رافعة عندها.
لائحة تحالف الجماعة الإسلامية ومصباح الأحدب: تشكل «الجماعة الإسلامية» والنائب السابق مصباح الأحدب الحلقتين الأساسيتين لهذه اللائحة، وستكون معركتهما غير سهلة للحصول على حاصل إنتخابي.
من الواضح أنَّ وجود 8 لوائح في دائرة الشمال الثانية شتت الأصوات وحصر المعركة تقريباً بين «تيار العزم»، من جهة، و«تيار المستقبل»، من جهة أُخرى، بحيث سيتنافس الفريقان في تطوير عمل ماكيناتهم الإنتخابية في سبيل حصد مقعد واحد على الاقل اكثر من مقاعد منافسه، والخروج بالتالي رابحًا في هذه المعركة.
* مدير المؤسسة الوطنية للدراسات والإحصاء