طرابلس لبنان - سياسية مستقلة

المرشح عن المقعد الارثوذكسي في طرابلس… الوزير نقولا نحاس: نرفض أن تكون طرابلس صندوق بريد في الحرب أو في السلم… بل نُريدها صاحبة دورٍ ريادي

المرشح عن المقعد الأرثوذكسي في طرابلس الوزير نقولا نحاس

وُلِد في شارع التل في طرابلس، حيث كانت عائلة نحاس،  بمعظمها، تسكن في ذلك الحي النابض والحيوي والجميل، والذي كان «يضخ الحياة في ساحات المدينة وأسواقها وأحيائها».

يؤلمه الوضع الحالي لطرابلس ويقول: «تغيّرت المدينة وبتنا بحاجة إلى إعادة ترتيب سلّم الأولويات فيها، وهو مشروعنا الحقيقي لها، بحيث إننا نحتاج لدراسات واقعية نُطبّق على أساسها مشاريعنا النهضوية التي نُعيد من خلالها إحياءها كما يليق بها».

اليوم يترشح عن المقعد الارثوذكسي في طرابلس على «لائحة العزم» التي يرأسها الرئيس نجيب ميقاتي.

وعن المدينة التي يطمح ان يمثل في البرلمان اللبناني، قال لـ «التمدن»: «نحن نرفض أن تكون طرابلس صندوق بريد في الحرب أو السلم، بل نُريدها مدينة صاحبة دورٍ ريادي، خصوصاً وأنها تمتلك كل المقومات لذلك، وأهمها القوى والطاقات البشرية المعطاءة».

في ما يلي الحوار الذي أجرته «التمدن» مع الوزير السابق نقولا نحاس:

∎ عشت طفولتك وشبابك في طرابلس، ماذا تتذكر من منطقة التل وحيويتها الاجتماعية والثقافية في حينه؟

– تختصر منطقة التل بالنسبة لي أجمل الذكريات، فهي كانت حارتي ومسكني ومسكن أقربائي وقلب مدينتي النابض الذي يضخ الحياة في ساحاتها وأسواقها وأحيائها. كان التل وسط المدينة حيث يتوافر كل شيء، فيشعر المرء لوهلةٍ أنه في أحضان مدينة زاهية فيها من السحر ما يكفي لوصفها بأنها جذابة جميلة متميّزة.

امتاز التل بتعدديته الممتعة، ننطلق منه لنصل بخطوات قليلة إلى حديقة المنشية حيت كنا نلهو، ومن ثم نتقدم خطوات أخرى لنصل إلى دور السينما التي فاقت بجماليتها أهم دور السينما في بيروت، مثل سينما «كولورادو» وسينما «بالاس». كان التل مسرحاً للتلاقي ومحطة للنشاطات الثقافية.

ببساطة إنه يُذكّرني بكل ما هو جميل. كل حيّ وكل شارع كان له جمالية وخصوصية، فاستقطبت المدينة أناساً من مختلف المناطق المحيطة وعشقها كل من دخلها، على عكس يومنا هذا، حيث تغيّرت وبتنا بحاجة إلى إعادة ترتيب سلّم الأولويات فيها، وهو مشروعنا الحقيقي للمدينة، بحيث إننا نحتاج لدراسات واقعية نُطبّق على أساسها مشاريعنا النهضوية التي نُعيد من خلالها إحياءها كما يليق بها.

العائلة والسياسة

∎ هل كانت السياسة تعني عائلة «آل نحاس» في ما مضى؟

– آ ل نحاس تعاطوا السياسة قديماً من خلال يعقوب وجبران نحاس. انتخب الاثنان كـنائبيّن عن طرابلس، من ثم عيّن جبران وزيراً ونائباً لرئيس مجلس الوزراء في عهد الرئيس حسين العويني.

خلال حملاته الانتخابية، أتذكّر جيداً أننا كنا نُمضي لياليَ طويلة ونحن نعمل إلى جانبه لتنظيمها. كان للمعركة السياسية آنذاك قيمة، إذ إن العمل السياسي بحد ذاته كان هادفاً وشفافاً ومبنيّاً على أسس ديموقراطية حقيقية، بعكس حاضرنا حيث تحوّلت السياسة إلى تحصيل مكاسب ومصالح فئوية ضيقة. من هنا نؤكد أن هذه المعركة الانتخابية هي معركتنا أولاً لكي نُثبت وجودنا كنسيج أساسي في هذه المدينة لا يُمكن لأحد مصادرة قراره، وثانياً لننهض بها ونُحقق التغيير المنشود، وهو ما لا يُمكن أن يتحقق إلا من خلال المشاركة الكثيفة في الاقتراع.

العلاقة بالرئيس ميقاتي

∎ منذ سنوات خلت وأنت ترافق دولة الرئيس نجيب ميقاتي، ما الذي دفعه لاختيارك  مرشحاً عن المقعد الأرثوذكسي على «لائحة العزم»؟

– علاقتي مع الرئيس نجيب مقاتي بدأت نتيجة صداقة عائلية وتطورت مع الوقت حيث عملنا معاً منذ الثمانينات في الحقل العام، وفي التسعينات كان هو عضو في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وأنا كنت أحد أعضاء جمعية الصناعيين التي انتُخبت نائباً للرئيس فيها فيما بعد.

عملنا معاً لتطوير العمل المؤسساتي للغرف التجارية وللجمعيات المهنية وإلى الضغط عبر لوبي اقتصادي ناشط لتطوير القوانين الاقتصادية في لبنان، واستحداث ما يتماشى مع التحولات الاقتصادية الكبرى من حولنا. كانت مرحلة فيها الكثير من الجهد كما الإنجازات، وواكبته عن كثب عندما عُيّن وزيراً للأشغال، ثم عندما انتخب رئيساً للحكومة في سنة 2005 حيت كنت مستشاره الاقتصادي، ومن ثم وزيراً للاقتصاد عام 2011 .

كل المراحل التي رافقت فيها الرئيس ميقاتي كانت مراحل إنجاز وعمل، وما ساعدنا على أن نكون رفقاء درب هو امتلاكنا لنفس الطموحات والطروحات والتوجهات والرؤية الاقتصادية العامة للبلد، فنحن ككل المواطنين الراغبين في بناء دولة المؤسسات نطمح لأن نرى وطننا متقدماً بإدارة دولة فاعلة وقادرة.ة

العلاقة بالنائب جنبلاط

∎ تربطك علاقة وطيدة بالنائب وليد جنبلاط، وكنت صلة الوصل بينه وبين الرئيس ميقاتي. ما سر هذه العلاقة؟

– تعرفت على النائب وليد جنبلاط خلال مسيرتي المهنية، فقد كان بصدد إنشاء شركة «ترابة سبلين» وتطويرها، وعرض علي العمل فيها. عندما التقينا ظهرت بوادر تفاهم  حقيقي بيننا لأننا ببساطة خاطبنا بعضنا البعض بصدق وتكلمنا بمنتهى الصراحة، وهو ما مهّد فعلياً لصداقتنا التي ناهز عمرها أكثر من 30 عاماً. وطوال هذه الفترة لم أعمل معه في السياسة، ولكنني كنت في بعض الأحيان صلة الوصل بينه وبين الرئيس ميقاتي بحكم العلاقة بيننا كما سبق وذكرت.

∎ ما الذي جعلك توافق على الترشح للانتخابات النيابية؟

– إن القرار الذي اتخذه الرئيس ميقاتي في تشكيل لائحة من نسيج المدينة منفصلة عن أي كتلة سياسية أخرى ومتحررة من أي حسابات مصلحية انتخابية كان الدافع الأساسي وراء ترشحي. إن ما نصبو إليه واضح ولا يُمكن أن نحيد عنه، نحن لا نسعى إلى الفوز بمقاعد انتخابية لمجرد الفوز، على قاعدة أنه بعد الانتخابات النيابية نُعاود تشكيل التحالفات والبحث فيها، بل إننا واضحون في خياراتنا وصادقون مع أنفسنا ومع الناس.

∎ ما الذي تحتاجه طرابلس برأيك؟

– المدينة تحتاج إلى نهضة حقيقية تنفض من خلالها عنها غبار المرحلة الماضية وتُشرّع آفاقها ونوافذها وأبوابها على الآخرين لكي يعودوا إليها ويستثمروا فيها، فما تكتنزه طرابلس لا تملكه أي مدينة أخرى على امتداد ساحل الأبيض المتوسط. إننا بحاجة إلى إستعادة الوظيفة الاقتصادية التي فقدتها المدينة، وأن نُفعّل دورها بدلاً من أن نُضعفه، وأن نجعلها منصّة وبيئة حاضنة للأعمال لا أن نحوّلها إلى خاصرة رخوة بوجه الحوادث. نحن نرفض أن تكون طرابلس صندوق بريد في الحرب أو السلم بل نُريدها مدينة صاحبة دورٍ ريادي خصوصاً وأنها تمتلك كل المقومات لذلك وأهمها القوى والطاقات البشرية المعطاءة.

∎ تتولى مسؤولية الصندوق الاستثماري «ثمار طرابلس»، ما الذي يُقدمه من خدمات للمدينة؟

«ثمار طرابلس»

– بدايةً كان هدف الصندوق الاستثماري مساعدة المؤسسات العاملة او الناشئة على المضي قدماً في مشاريعها الاقتصادية عبر المشاركة في رأسمالها، إلا أنه من خلال عملنا على أرض الواقع اكتشفنا أن المؤسسات الاقتصادية في طرابلس للأسف لا تزال تنطلق من ذهنية تقليدية في العمل وتفتقد إلى الحد الأدنى من الأمور التنظيمية والأدائية لأي مشروع، كما أنها بغالبيتها غير مسجّلة، أي أن هناك غياباً تاماً للانتظام القانوني في العمل، من هنا قررنا أن نحوّل مسار عملنا ونبدأ بتعريف المتخرجين بكيفية تأسيس مشروع اقتصادي ناجح. لذلك فإننا نُحضِّر لدورات سيتم من خلالها التعريف على كيفية تأسيسها وتطويرها وما هي الشروط والمراحل التي يجب أن تمرَّ بها، لكي نؤمن لكل المشاريع الناشئة والمتوسطة الأسس الصحيحة وقاعدة الانطلاق والركيزة العملية لأي نشاط اقتصادي، من بعدها ننتقل إلى مرحلة تقديم الدعم المادي وغيره من الأمور.

«نور الفيحاء»

∎ لديك رؤية لمشروع «نور الفيحاء» الذي يؤمن الكهرباء للمدينة. هل يمكن أن تخبرنا عنه وعن الأسباب التي أدت إلى عدم تطوره؟

– «نور الفيحاء» حوّلوه إلى عتمة الفيحاء لأنهم تعاطوا مع المشروع من زاوية سياسية بحتة وليس من زاوية انمائية اقتصادية. أعددنا للمشروع كل الدراسات المطلوبة وتنفيذه لا يحتاج إلا لموافقة من مجلس الوزراء، إلا أن القرار السياسي حال دون انطلاق المشروع لأن هناك من يستفيد من بقاء الحرمان مستشرياً في طرابلس. اعتقد أن مشروع «نور الفيحاء» دليل على أننا بحاجة إلى تغيير الذهنيات في هذه الدولة قبل تغيير الأشخاص.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.