طرابلس لبنان - سياسية مستقلة

السنيورة يشعر بالخيبة والمرارة

الرئيسان الحريري والسنيورة

هل أحرجوا الرئيس فؤاد السنيورة فأخرجوه؟

وهل القصة قصة اعتراض السنيورة على قانون الانتخاب المفصل على قياس «حزب الله»، أم هي اعمق من ذلك؟

الرئيس السنيورة يشعر في هذه الأيام بالكثير من الخيبة والمرارة والألم، وأحياناً القرف، بعد مشاهدته سلسلة طويلة من التنازلات بدأت في 21 كانون الثاني 2014، عندما أعلن الرئيس سعد الحريري قبوله بدخول حكومة يشارك فيها «حزب الله».

وشكّل ذلك القبول، الذي أعلنه الحريري خلال مقابلة تلفزيونية، صدمة كبيرة كان أول الذين تلقوها الرئيس السنيورة نفسه، خاصة انها جاءت بعد 23 يوماً فقط من تشييع الوزير الشهيد محمد شطح، وقد القى السنيورة خلال ذلك التشييع  خطاباً ختمه بالتوجه إلى شطح قائلاً: «أيها الشهيد البطل، ما كان قبل اغتيالك لن يكون بعدك، محمد شطح ما كان قبل اغتيالك لن يكون بعده».

وصدمة الرئيس السنيورة كانت في أن الرئيس الحريري بعد أيام قليلة من هذا الخطاب قدم تنازلاً كبيراً عبر قبوله بمشاركة «حزب الله» في الحكومة، فيما كان السنيورة قد أكد في خطاب التشييع ان «قوى 14 آذار قررت تحرير الوطن من احتلال السلاح غير الشرعي لكي نحمي استقلاله ونصون سيادته وسلمه الأهلي».

وزادت خيبة ومرارة الرئيس السنيورة عندما جاء التنازل الثاني للرئيس الحريري، عبر قبوله بأن يكون لـ «حزب الله» وحلفائه ثلث حكومة الرئيس تمام سلام، يضاف إلى هذا الثلث وزراء سُمّوا وسطيين، فيما كانوا ودائع لـ «حزب الله» لاستعمالهم حين يحين وقت تطيير الحكومة عبر الثلث المعطل.

وكذلك ما زاد الطين بلّة ان البيان الوزاري للحكومة نص صراحة على معادلة «الجيش والشعب والمقاومة» فشرعن من جديد سلاح «الحزب» الذي استُعمل ضد اللبنانين في السابع من أيار 2008 ثم استُعمل كفائض قوة للضغط في أكثر من مناسبة.

 والرئيس السنيورة، الذي تعوّد على الصمود منذ حصار السرايا، كان يعتبر ان مسلسل التنازلات هو بئر لا قعر لها، وأن حدوداً يجب ان توضع لهذه التنازلات، وإلا تبقى الأمور سائرة من سيىء إلى أسوأ.

لكن السنيورة لم يتوقع ان تبلغ الامور السوء الذي وصلت اليه في تشرين الأول من العام 2016، عندما رشح الرئيس سعد الحريري النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية، بعدما كان قد رشح في تشرين الثاني 2015 النائب سليمان فرنجية، والمرشحان هما كما هو معروف حليفان أساسيان لـ «حزب الله»،  وكذلك للنظام في سوريا.

وتلك كانت صدمة تجاوزت الصدمات الأخرى، التي كانت قد بدأت بالقبول بالمشاركة في حكومة تضم «حزب الله»، ثم القبول بالثلث المعطل  لـ «الحزب» وحلفائه، ثم القبول بمعادلة «الجيش والشعب والمقاومة» في البيان الوزراي، والقبول بكل ذلك في الوقت الذي يستمر «الحزب» بالتدخل في سوريا والمشاركة في الجرائم التي تُرتكب هناك ضد الشعب السوري.

أما صدمة ترشيح عون فلم يستطع السنيورة هضمها ولا بأي شكل، خاصة أن النائب عون (وقتها) وحزبه يُعتبرون من أكثر المناوئين للرئيس السنيورة، وليس كتاب «الإبراء المستحيل» إلاّ عينة من التهجم الكيدي والمبني على التشويه وتلطيخ السمعة والتحريف وتزوير الحقائق، خاصة ان الـ 11 مليار دولار التي يذكرها هذا الكتاب هي التي صرفتها حكومة السنيورة في السنتين اللتين انسحب خلالهما «حزب الله» و«أمل» من الحكومة اعتراضاً على تشكيل المحكمة الدولية، فصُرفت تلك الأموال لتسيير شؤون الدولة في مرحلة الانسحاب تلك، والتي رافقها حصار السرايا الشهير.

إذاً، كانت صدمة ترشيح الحريري لعون «الشعرة التي قصمت ظهر البعير» بالنسبة إلى السنيورة فرفض الخضوع لهذه الرغبة واقترع بورقة بيضاء عبّرت عن كل السخط الذي كان يشعر به. لكن الأمور لم تتوقف هنا بل استمرت، عبر تشكيل الحريري حكومة تضم 17 وزيراً لـ«الحزب» وحلفائه من اصل 30 وزيراً، وعبر ادخال معادلة «الجيش والشعب والمقاومة» الى البيان الوزاري للحكومة الحريرية، ثم عبر إخراج القريبين من السنيورة من الإدارة الللبنانية والأبرز بينهم كان الدكتور عبدالمنعم يوسف، الذي اعتُبر دائماً رمزاً من رموز النزاهة في الإدارة وقامة واجهت وزراء للاتصالات حاولوا تمرير الصفقات على حساب الدولة والناس ولمصلحة جيوبهم، فكان لهم يوسف بالمرصاد، كما كان السنيورة نفسه بالمرصاد لأشباه هؤلاء في مراحل كثيرة سابقة.

الآن، يشعر الرئيس السنيورة بالألم، وهو قال مؤخراً للكاتب السياسي نقولا ناصيف: «منذ تسوية 2016 لم تتغير الأحداث فحسب، بل الرجال أيضاً. انها مرحلة التنازلات لا التسوية».

ويقول أيضاً انه يعارض «التسوية الرئاسية» التي حصلت لأسباب عديدة منها: «ان الرئيس عون لا يزال مسكوناً بهاجس رفضه اتفاق الطائف منذ المرة الاولى عام 1989، وأن عون لم يزل أسير عقلية حكم الأقليات، ولم يجد في إدارة عون لصلاحياته ووزرائه أنموذجاً سليماً للحكم، بل ضاعف من وطأة المشكلات والملفات العالقة».

ومرارة الرئيس السنيورة لا تنحصر فقط برأيه في رئيس الجمهورية ميشال عون، بل من أسبابها أيضاً مآخذه على الرئيس الحريري لجهة «مقاربته لصلاحياته الدستورية والتهاون بدوره كرئيس للحكومة».

ويختصر السنيورة ذلك بالقول: «أريد ان ابتعد. هناك جيلان مختلفان، وربما أكثر، في طريقة التفكير والتجريب، لكلٍّ رأيه وأسلوبه وهو يقدر ما ينبغي أن يفعل. جيل الأب يختلف عن جيل الابن».

في هذا العدد، تنشر «التمدن»، على الصفحتين الثانية والثالثة، إضاءات على سيرة ومسيرة الرئيس فؤاد السنيورة، ونصوصاً تُعَبِّر عن مواقف للرئيس الحريري يعترض عليها السنيورة.

من سيرة رجل شجاع

 

لا يزال فؤاد السنيورة يتلمس آثار ألم خفيف في كتفه اليمنى كلما شعر بالبرد، فهو كان قد تلقى في هذا الموضع في العام 1963 ضربة من عَقب بندقية شرطي عندما كان يشارك في تظاهرة طلابية مؤيدة للثورة الجزائرية. يومها كان فؤاد السنيورة من الأعضاء الناشطين في صفوف حركة القوميين العرب، طالبا في الجامعة الأمريكية، يدرس إدارة الأعمال، بعدما كان قد انطلق في دراسة الطب وعاد واكتشف عدم ميله لهذه المهنة.

بعدها في العام 1967 وحين أطل الرئيس المصري جمال عبد الناصر على شاشة التلفزيون لإعلان استقالته إثر هزيمة الجيش المصري أمام الجيش الإسرائيلي، سارع الشاب فؤاد إلى الصراخ بانفعال… لا… لا… لا وهبّ خارجاً من منزل والديه في صيدا باتجاه ساحة النجمة، ليجد المئات من أبناء مدينته قد تجمعوا في الشوارع رفضاً لاستقالة الرئيس عبد الناصر والذي كان رفضاً للقَبول بالهزيمة أو الاستسلام. وفي تلك الساعات كانت شوارع المدن العربية كلها تغص بالتظاهرات الرافضة لاستقالة القائد والمطالبة بالصمود ورفض الهزيمة والعمل على النهوض بقضايا الأمة وفي مقدمها القضية الفلسطينية.

ولد فؤاد عبد الباسط السنيورة في العام 1943 وتربى وسط عائلة محافظة متدينة لكن من دون تعصب لكن شديدة الاحساس بالقضايا الوطنية والقومية.

أصابت نكبة فلسطين الأمة العربية، وكان نصيب مدينة صيدا معها وافراً بالخسائر حيث استقبلت النازحين لكنها تعرضت للخسائر التجارية كما تعرض الجنوب اللبناني الذي تعطلت تجارته مع فلسطين واستقبل اللاجئين الفلسطينيين على آمل العودة غداً أو بعد غد.

في هذه الأجواء، كان من الطبيعي أن يكون التلاقي والاندماج بالحركات السياسية القومية، تلاقياً طبيعياً واندماجاً تلقائياً. وإذا كانت أعداد كبيرة من اللبنانيين قد توجهت إلى دمشق للقاء الرئيس جمال عبد الناصر في زيارته التاريخية يوم إعلان الوحدة، فإن فؤاد السنيورة كان واحداً من الذين زاروا العاصمة السورية انطلاقاً من مبادرة مدرسية كانت قد نظمتها مدرسة المقاصد الإسلامية في صيدا التي كانت موئلاً للحركات السياسية العروبية الصاعدة آنذاك.

في صيدا كان للقوميين العرب في ذلك الحين نادي الجهاد، مركزاً ثقافياً وسياسياً وفكرياً تقام فيه الندوات والمحاضرات، يستقبل الشخصيات وتقام فيه النشاطات. في هذا النادي وعلى أرض حركة القوميين العرب الفكرية توثقت عرى العلاقة بين أعضاء الخلية الواحدة، فؤاد السنيورة ورفيق الحريري زميله في الدراسة في المقاصد. كان رفيق الحريري يدرس في مدرسة فيصل المقاصدية، فيما درس فؤاد السنيورة في مدرسة المقاصد الملاصقة لمدرسة فيصل، وكلتا المدرستين تابعتان لجمعية المقاصد الخيرية الاسلامية في صيدا. وبطبيعة الحال كان نادي الجهاد أيضا مدرسة للناشطين في حركة القوميين العرب وهو مخصص لإعداد الكادرات والتثقيف الداخلي الحركي.

بعدما أنهى تعليمه الثانوي في صيدا، انتقل فؤاد السنيورة إلى بيروت حيث التحق بالجامعة الأمريكية لدراسة الطب نهاية العام 1962 لكنه عاد وتحول إلى دراسة إدارة الأعمال بعد أن وجد أن قناعته بدراسة الطب لم تعد كما كانت.

«التمدن» في العدد الذي صدر بعد رسالة الرؤساء الخمسة الى القمة العربية في عمان في آذار 2017

عندما قال الحريري للسنيورة: «القطار يسير….»

 

قبل عام من الآن، وجه الرؤساء: ميشال سليمان، امين الجميل، نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة وتمام سلام رسالة الى القمة العربية التي كانت منعقدة في عمان، اعلنوا من خلالها رفضهم لتدخل ايران في شؤون الدول العربية، ورفضهم لأي سلاح غير سلاح الجيش اللبناني على الاراضي اللبنانية، معتبرين اي سلاح آخر سلاحاً غي شرعي.

وقد جاءت هذه الرسالة لتدارك اي موقف قد يتخذه الرئيس ميشال عون قبل القمة او خلالها، ويؤيد فيه ايران او «حزب الله» وسلاحه، كما  فعل قبل ذلك، في اكثر من زيارة رسمية الى الخارج.

المصيبة كانت ان الاعتراض على رسالة الرؤساء جاء من الرئيس سعد الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق. وقد قارب رد الحريري، مع الاسف، العبارة المشهورة «القافلة تسير…».

على موقفَي الحريري والسنيورة علق الاعلامي فادي شامية، كاتباً تحت عنوان «أعجب تداعيات رسالة الرؤساء»، ما يلي:

«فؤاد السنيورة هو رئيس الكتلة النيابية التي يرأسها الحريري، ونهاد المشنوق هو الوزير الابرز للتيار الأزرق في حكومة الحريري.

الأول (الحريري) رد على رسالة الرؤساء قائلا: «القطار سائر في لبنان نحو الأمام وكل من يريد أن يستقله فليتفضل»، والثاني (المشنوق) اعتبر الرسالة «خطيئة وطنية».

هل يعني ذلك أن السنيورة بات متمرداً على الحريري «المستسلم»؟ وأنه يعبِّر هو – لا الحريري- عن الكتلة النيابية، ونبض الشارع «المكلوم»؟»

جاء في رسالة الرؤساء الخمسة ما يلي:

«لقد رأينا نحن رؤساء جمهورية وحكومة سابقين، وبالنظر للاخطار التي تواجه وطننا لبنان وأمتنا العربية، ان نرسل من خلال جلالتكم نداء للقادة العرب المجتمعين في المملكة الاردنية الهاشمية بعد أيام، نوضح فيه وجهة نظرنا في الاوضاع الحاضرة في لبنان والمنطقة، ومحاذيرها على لبنان، وضرورة مواجهتها، وبالتالي فاننا نؤكد على ما يلي:

اولا: الالتزام الكامل باتفاق الطائف واستكمال تنفيذ بنوده كافة، وبالدستور، والعيش المشترك الجامع بين اللبنانيين. وهي المبادئ والممارسات التي تحفظ لبنان، وتحفظ العلاقات بين اللبنانيين.

ثانيا: التزام لبنان بالانتماء العربي وكذلك بالاجماع العربي وبقرارات الجامعة العربية، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالشأنين اللبناني والعربي، وفي مقدمها قرار 1701 الذي يضمن أمن لبنان في مواجهة اسرائيل وحفظ حقه في اراضيه التي لا تزال محتلة من قبل اسرائيل.

ثالثا: الالتزام باعلان بعبدا (2011) والخاص بتحييد لبنان عن سياسات المحاور والصراعات الاقليمية والدولية وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والازمات الاقليمية، وذلك حرصا على مصلحته العليا، ووحدته الوطنية وسلمه الاهلي، ما عدا ما يتعلق بواجب التزام قرارات الشرعية الدولية والاجماع العربي والقضية الفلسطينية المحقة، بما في ذلك حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى ارضهم وديارهم وعدم توطينهم. كذلك ايضا الالتزام بعدم التدخل في الازمة السورية، وادانة التدخلات الخارجية بالدواخل اللبنانية والعربية.

رابعا: ضرورة الاهتمام العربي بالتضامن مع لبنان في تحرير ارضه، وفي رفض السلاح غير الشرعي، وضرورة بسط الدولة اللبنانية واجهزتها العسكرية والامنية لسلطتها وحدها على كامل التراب اللبناني، كما هو مقتضى السيادة وحكم القانون والشرعية. كذلك في دعم لبنان لاقداره على مواجهة تحديات أزمة النازحين السوريين الى لبنان ومساعدته سياسيا وماديا حتى عودتهم السريعة الى ديارهم.

خامسا: ان الموقعين أدناه، اذ يرون ان امن لبنان وسلامه يعتمد على عدة ركائز، اولها دعم الدولة اللبنانية بسلطاتها الكاملة وغير المنقوصة وحدها على كامل الاراضي اللبنانية، بما في ذلك رفض السلاح غير الشرعي، رفض وادانة الارهاب باشكاله كافة، واحترام الشرعية العربية والدولية، وقواعد العيش المشترك، يعتبرون قمة عمان العربية في هذه الظروف املا كبيرا لمعالجة المشكلات العاصفة التي تتعرض لها الامة ودولها في المشرق على وجه الخصوص. ويتطلعون الى اجتماع القادة العرب ايضا باعتباره افقا جديدا ورحبا للتضامن مع لبنان وسط التهديدات التي يتعرض لها من الخارج والداخل».

مواقف- « تنازلات»  للحريري في الصحافة الغربية

 

من المواقف، التي اعلنها الرئيس الحريري عبر الصحافة الغربية، واعتُبرت «تنازلات»، تصريحاته لـ «باري ماتش» الفرنسية و«لا ريبوبليكا» الايطالية و«وول ستريت جورنال» الاميركية. ماذا جاء في هذه التصريحات؟

«باري ماتش»

في مقابلة أجرتها معه مجلة «باري ماتش» قال الحريري: «علينا ان نميز. في لبنان، لحزب الله دور سياسي. لديه أسلحة ولكنه لا يستخدمها على الأراضي اللبنانية».

«لا ريبوبليكا»

قال الحريري في حديث الى صحيفة «لا ريبوبليكا» الايطالية: «قررنا مع حزب الله ان نضع خلافاتنا جانبا، ونعمل سويا على الامور الكبيرة او الصغيرة التي يمكنها خدمة لبنان».

«وول ستريت جورنال»

رأى الرئيس الحريري في مقابلة مع صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن «حزب الله عضو في الحكومة التي تدخل في تشكيلتها كل الأحزاب السياسية الكبيرة، وهذا يوفر استقراراً سياسياً في البلاد»..

ورأى الحريري أن «قضية حزب الله تحمل طابعاً إقليمياً، ولبنان وحده لا يستطيع حلها»، وأن وقف الحزب مشاركته في الأعمال القتالية «يتطلب وقتاً… ومن غير الممكن أن يحدث خلال ليلة واحدة».

 

لا سنيورة في عهد عون: الحريري يُبعد يوسف

 

في2/1/2017 كتب منير الربيع نصاً طويلاً،  في ما يلي اجزاء منه:

«هل سيترشح الرئيس فؤاد السنيورة في الانتخابات النيابية المقبلة على لائحة المستقبل؟ لا جواب. حتى لدى السؤال عن العلاقة التي تربط السنيورة ببيت الوسط، وبشخص الرئيس سعد الحريري، يأتي الجواب ديبلوماسياً بأن العلاقة جيدة، ولا خلاف فيها. لكن، الاختلافات كبيرة، والإفتراقات جمّة. بقي السنيورة إلى جانب الحريري في خيار انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية، لكنه بقي المعارض حتى الرمق الأخير. سجّل كثيراً من الاعتراضات على آلية تشكيل الحكومة، والصيغة التي خرجت بها بالإضافة إلى ما تضمّنه البيان الوزاري.

كان السنيورة يعلم، أن الخطوة التنازلية التي سيتخذها رئيس تيار المستقبل بانتخاب عون، لن تتوقف عند حدود بعبدا. بل ستكرّ السبحة، لذلك كان يحاول عرقلتها أو الوقوف بوجهها، لكن لدى تأكده من استحالة ذلك، انحنى للريح وبقي على اعتراضه. ونسبة إلى الخلاف القديم بين السنيورة وعون، أيقن السنيورة أن ثمة مرحلة مقبلة لن تكون سهلة، وأن ما بناه من هيكلية إدارية في الدولة اللبنانية سينهار.

أولى البوادر، ستتجلى بطرح إقالة المدير العام لهيئة أوجيرو عبدالمنعم يوسف على طاولة مجلس الوزراء، وذلك بالذريعة التي يتخذها عون وفريقه ضده، بأنه غير شرعي في موقعه، وهو الذي يشغل منصبين تابعين لوزارة الاتصالات. تعتبر مصادر مستقبلية أن موافقة الحريري على هذه الخطوة، هي تنازل جديد لمصلحة عون، ولضمان بقاء أطول فترة ممكنة في السلطة بطريقة سلسلة مع رئيس الجمهورية.

من لديه وجهة النظر هذه، يستند إليها في كثير من التباينات بين الحريري والسنيورة، وآخرها عدم مشاركة السنيورة في جلسات الثقة بذريعة السفر، لكنه لم يرد المشاركة لأنه لم يكن موافقاً على التشكيلة والبيان الوزاري، ولأنه في الوقت نفسه لا يريد أن ينتقذ البيان أو يحجب الثقة عن حكومة الحريري، وبالتأكيد لن يمنحها الثقة. ولذلك فضّل تحييد نفسه.

في المقابل، تؤكد شخصية مستقبلية قيادية أن عبدالمنعم يوسف ليس محسوباً على السنيورة، رغم العلاقة الجيدة بينهما. وتكشف أن قيادة المستقبل هي التي تريد إزاحة يوسف من منصبه، أكثر من عون، بسبب خلافات داخلية بينها وبينه.

وتعتبر مصادر أخرى، أن لدى الحريري الإسم البديل منذ فترة طويلة، وهو عماد كريدية أحد أقرب المقربين إلى الحريري وإلى مدير مكتبه نادر الحريري، على عكس يوسف الذي لم يعد يجيب على الاتصالات. وتشير المصادر إلى أن من عرقل حصول هذا الأمر هو السنيورة، لكن الآن كل شيء تغير، وبعد المؤتمر العام للتيار، وتشكيل الحكومة، فإن الحريري سيعمل على الإمساك في كل تفاصيل التيار وستكون مرتبطة حصراً بشخصه.

وتكشف مصادر متابعة، أن الحملة الإعلامية والسياسية التي شنّت في الأشهر الماضية ضد يوسف، كانت بإيحاء وطلب من بيت الوسط، وتحديداً من مدير مكتب الحريري، نادر الحريري، إذ تكشف المصادر أن هناك خلافاً كبيراً بينه وبين يوسف، في شأن شبكة الألياف الضوئية».

 

«الافتراق»

 

تحت عنوان: «السنيورة افترق عن الحريري منذ دعم الأخير انتخاب عون رئيسا» نقلت صحيفة «الشرق الأوسط» عن أحد السياسيين المقربين من الرئيس فؤاد السنيورة «تراكم التباينات في وجهات النظر بين الأخير ورئيس الحكومة سعد الحريري».

ولفت السياسي الى أن «السنيورة الذي يرفض المهادنة مع «حزب الله»، افترق عن الحريري بشكل أساسي منذ دعم الأخير انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية، وكان واضحاً اعتراض السنيورة عليه ورفض انتخابه. وبهذا خالف قرار «كتلة المستقبل»، وهو الأمر الذي انسحب على قانون الانتخابات، وصولاً إلى قانون سلسلة الرتب والرواتب، وملف الكهرباء».

وشدد  أن السنيورة «قدوة ومثال لرجل الدولة والصلابة والوفاء لرئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري.  ولا بدّ للحريري أن يكتشف خطأه في وقت لاحقاً».

«ما كان قبل اغتيالك لن يكون بعده»

 

يوم الأحد، في 29 كانون أول 2013، القى الرئيس فؤاد السنيورة  كلمة في تشييع الشهيد د. محمد شطح، بعدما دُفن الى جانب الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وقد جاءت هذه الكلمة قبل ايام من اعلان الرئيس الحريري قبوله الدخول في حكومة يشارك فيها «حزب الله»، بعدما كانت «14 اذار» ترفض بقوة هذا الامر، قبل حل مشكلة سلاح «الحزب» ومشكلة تدخله في سوريا، وجاء في كلمة السنيورة ما يلي:

«من دون موعد يستقبل الرئيس رفيق الحريري شهيداً جديداً

اللبنانيون عائلة محمد شطح ورفاقه من الضحايا الابرياء،اننا نؤكد على موقفنا واننا لن نستسلم ولن نخاف من القتلة ومن المجرمين بل هم الذين عليهم ان يخافوا ونحن نتمسك بالعيش الوطني والمساواة والحرية والتداول السلمي للسلطة وحماية الدولة والدستور.

المجرم يوغل في اجرامه ويحسب انه سيفلت من العقاب، نؤكد على موقفنا باننا لن نستسلم ان نتراجع او نخاف من الارهابيين والقتلة بل هم الذين عليهم ان يخافوا لانهم القتلى، هم يقتلون كي يحكموا سيطرتهم ونحن نكرر التمسك بلبنان العيش المشترك والسلم الاهلي يستمرون في القتل ونحن نتمسك بلبنان الحرية والديموقراطية واحترام حرية الانسان والتداول السلمي للسلطة واحترام الدستور وتطبيق القانون، هم يمعنون في القتل ويدمرون الاقتصاد والعمران ويخربون علاقات لبنان واللبنانيين مع المحيط العربي ومع العالم، ونحن لن نتحول الى قتلة ولن ندمر لبنان وسنبقي لبنان ساحة للحرية والحوار والتواصل والتصالح وليس ساحة للفتنة والاقتتال نحن نبسط يدنا ونتمسك بالميثاق الوطني ورفض التطرف والتشدد والعنف لن نتراجع عن حق الشهداء، مهما تجبرت ايها المجرم ومهما غاليت في الاستعلاء والاستكبار ومهما روجت في الاضاليل فانك الى زوال، فقرارنا ان لا نتراجع ولا نخاف سنتصدى وسنواجه فنحن طلاب حرية واصحاب حق قررنا ان نسير مع شعب لبنان المسالم الى مقاومة سلمية مدنية ديموقراطية. قوى 14 آذار معكم في ساحات النضال السلمي والديموقراطي قررنا تحرير الوطن من احتلال السلاح غير الشرعي لكي نحمي استقلاله ونصون سيادته وسلمه الاهلي.

قضية لبنان الاعتدال والانفتاح، قضية العروبة المستنيرة هي كلها قضية حق وانت ايها القاتل من اهل الباطل واهل الباطل الى زوال

الشهيد البطل محمد شطح ما كان قبل اغتيالك لن يكون بعدك

محمد شطح ما كان قبل اغتيالك لن يكون بعده

الى جنة الخلد ايها الصديق والرفيق محمد شطح»

 

رأي السنيورة في قانون الانتخاب

 

عن قانون النتخاب الجديد قال الرئيس السنيورة:

«اقتناعاتي لا تتفق مع المبادئ والمتطلبات السياسية والأسس التي قام عليها قانون الانتخاب الحالي، والذي بنظري يتعارض مع الدستور في طريقة تشكيل وتقسيم الدوائر الانتخابية، الذي يجعله الأقرب إلى ما سمي خطأ «القانون الأرثوذكسي». وكذلك بسبب طريقة الانتخاب التي تعتمد على الصوت التفضيلي، وأيضا بسبب اللوائح المقفلة التي تحرم المواطن حرية الاختيار، بما يسيء إلى ديمقراطية الانتخابات، ويهدد الوحدة الوطنية والعيش المشترك، وبكونه أيضا يقسم البلاد إلى وحدات طائفية، بما يزيد من حدة الصراع بين المرشحين بداخل اللوائح الواحدة، ويؤدي إلى فوز الأكثر تطرفا في دوائرها. هذا فضلا عن انه لا يعطي أي دور للبرامج الانتخابية التي يقوم عليها نظام الانتخاب النسبي، والتي تمكن الناخبين من التصويت لمرشحيهم على أساسها.

كذلك فإن اقتناعاتي لا تتفق مع الخطوات المطلوب القيام بها ومنها بعض التحالفات المرحلية، للفوز في الانتخابات المقبلة».

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.