«للحفاظ على هوية الكورة… لتبقى خضراء»
خرج من بيئة متواضعة، تعلّم، وجاهد، ومرّ بكلّ الصعوبات التي يمرّ بها شبابنا وأي مواطن في الكورة ولبنان. هو رجل أعمال ناجح، وشركته نفّذت مشاريع كبيرة في لبنان وخارجه.
لماذا اختار التوجّه نحو العمل السياسي في هذا الوقت تحديداً، والدخول إلى المجلس النيابي؟
هو يعتبر هذه الخطوة، في حال فاز بالنيابة، تتويجاً لكلّ هذه المسيرة الطويلة من النجاحات التي ستسمح له بتمرير خبرته للأجيال المقبلة ضمن برنامج محدّد يدعمه حضوره في المجلس النيابي.
إنّه المهندس عبد الله الزاخم، المرشّح عن المقعد الأرثوذكسي في الكورة، في الدائرة الشمالية الثالثة (الكورة، زغرتا، البترون، بشرّي)، على لائحة «معاً للشمال ولبنان».
كان لـ «التمدّن» معه الحوار التالي:
- من المعروف أنّك وإخوتك تهتمّون بشكلٍ كبير بالقضايا التربوية والتعليمية والثقافية، ما سرّ هذا الإهتمام؟ وكيف يتقاطع أيضاً مع العمل العامّ؟
برأيي، من البديهي أن نُولي القضايا التربوية والتعليمية إهتماماً خاصّاً لأنّ الأساس في بناء وطن سليم ينطلق من المؤسسات التربوية، من المدرسة وصولاً إلى مقاعد الجامعة، حيث يكتسب الفرد قيماً ثقافية، وإذا ما تلقّاها بشكل مناسب ستنعكس إيجاباً على حياته المهنيّة، وبالتالي على علاقاته مع الآخرين وصولاً لتعاطيه الشأن العامّ إنطلاقاً من كلّ القيم السليمة التي تلقّاها.
- لا تُخفى على أحد التقديمات السّخية التي تمنحها مؤسستكم إلى الجامعات والمراكز التربوية. هل جزء ممّا تقدّمونه هو من قبيل ردّ الجميل للكورة الخضراء، وتخليداً لإسمَي الوالد والوالدة؟
هذا أقلّ ما يمكن أن نفعله لنردّ جميلَ سليم وحنّة الزاخم تجاه ما قدّماه لي ولإخوتي، فقد ضحّيا بـ «الغالي والرخيص» من أجل تأمين مستوى تعليميّ عالٍ جدّا لنا، وهذا الأمر لطالما ميّز الكورانيين وقد لُقّبت الكورة بـ «كورة المعرفة والعلم»، نتيجةً لتَوق أبنائها الدائم إلى العلم، وهذا الأمر لم يكن من أولويّات جميع العائلات اللبنانية في ذلك الزمان. وكلّ ما نقدّمه ليس تكريماً لروح أمي وأبي فقط، بل ومن خلالهما لكلّ آباء وأمهات الكورة، الذين يشبهون أمي وأبي بتضحيتهم وتعبهم، والذين أورثوا أولادهم الثروة المعنويّة الغنيّة بالنضال والمكافحة للوصول إلى الهدف المرجوّ.
- الكورة الخضراء بحاجة إلى الكثير من الحوافز التنموية كي تتوقّف الهجرة من البلدات إلى المدن الساحلية، ما الذي يمكن فعله ليتشّبث الكوراني بأرضه وليستقرّ في منطقته؟
الحلّ الجوهريّ لهذه المشكلة لا يكون إلّا عبر خطّة تنفيذيّة لمفهوم الإنماء المتوازن، إنطلاقاً من مبدأ اللامركزية الإدارية. وهذا لا بدّ أن يترافق مع توفير البنى التحتيّة التي تربط أجزاء لبنان ببعضها، وتسهّل عملية إنتقال المواطن من الريف إلى المدينة أو ضواحي المدن. فإذا توافرت شبكة مواصلات متطوّرة، عندها لا تستغرق الطريق من بيروت إلى الشمال حوالي الساعتين، وهكذا لا يضطّر إبن الشمال أو الجنوب أو البقاع أن يترك منطقته والإستقرار في المدن أو المناطق القريبة من بيروت. وفي هذا السياق، لا بدّ أن أشير إلى أنّني قد قدّمتُ مشاريع تطوير شبكة المواصلات على كل الأراضي اللبنانية. ولكن للأسف لم تلقَ الإهتمام المطلوب من الجهات المختصّة في الدولة اللبنانية، مثلها مثل مشاريع أخرى لاقت المصير نفسه للأسف الشديد!
- من المعروف أنّ الكورة مشهورة بزيتونها وزيتها. وهذه الزراعة تتعرّض بين الحين والآخر لنكبات كبيرة لسببين: إمّا العوامل الطبيعية أو المنافسة غير العادلة التي يشكّلها الزيت والزيتون المستوردين. كيف يمكن حماية المزارع الكورانيّ؟
لا بدّ أن نقول إنّ السعي الدائم إلى التعلّم دفع ويدفع العديد من العائلات لبيع أراضيها الغنيّة بأشجار الزيتون. وأذكر جيّداً كيف أنّ محصول الزيت والزيتون كان يُعطى لمدير المدرسة بدل المال لدفع القسط المدرسيّ.
ولكن مع الأسف، وبالرّغم من بقاء شجرة الزيتون كقيمة ورمز، لكنّها تعاني في أيّامنا الحالية من الإهمال. والمسؤولية بالدرجة الأولى تقع على عاتق وزارتي الإقتصاد والزراعة، وذلك من خلال الدعم الدائم للمزارعين ومساعدتهم على تحسين نوعية إنتاجهم، ولكن ماذا ينفع لو تحسّن الإنتاج واكتسح المنتج المستَورَد الأسواق؟ للأسف الدولة لا تحمي المزارع اللبناني ولا تدعمه.
كما لا يمكن إلّا أنّ نتحدّث عن عشوائية البناء التي تقضي على المساحات الخضراء يوماً بعد آخر، فالطفرة العمرانية تتزايد في الجسم الكوراني. وهذا الأمر ليس صحّياً مع بنى تحتية غير مؤهّلة لإستيعاب هذه الأعداد الهائلة من المباني. كما أنّ تصنيف الاراضي و تحديد عامل الإستثمار وغيرها من الامور تتطلب تخطيطاً شاملاً ودقيقاً من المجلس الأعلى للتنظيم المدني، حيث أنّ ميزانيات الكثير من البلديات لا تخوِّلها القيام بذلك إضافة الى افتقارها للكوادر المتخصصة في هذا المجال.
- تعاني بعض البلدات الكورانية وخاصّةً تلك المحاذية لقضاء البترون من كوارث بيئية كبيرة تسبّبها المعامل في تلك المنطقة. هل يمكن الضغط باتجاه تحسين المستوى البيئي في هذه البلدات؟
الصغير قبل الكبير يدرك مخاطر هذه المعامل وتأثيراتها السلبية على البيئة والمواطن، ومعدّلات الإصابة بمرض السرطان في كل القرى المحاذية هي رقم مخيف فعلاُ. الضغط الشعبي يجب ألّا يتوقف وأن يتواصل بشكل دائمٍ دون انقطاع، مع تأييد فعليّ وحقيقي للمسؤولين دون اعتبارات سياسية. فضلاً عن أنّ الدولة اللبنانية لا تزال وحتى اليوم، غير قادرة على مواكبة التكنولوجيا التي وفّرت حلولاً متعدّدة تُستعمل في هذه النوعية من المعامل، وتخفّف من تأثيرها المدمّر على صحة البيئة والمواطن.
- من المعروف أنّ دده بلدة كورانية مختلطة طائفيّأً، ومن المعروف أنّ عائلتكم تتمتّع بعلاقات وطيدة جدّاً بكل أبناء الطوائف المختلفة في البلدة. ماذا يعني لك هذا النسيج في بلدة دده، وغيرها من البلدات في الكورة؟
هذه دده، وهذه هي طبيعتها وتركيبتها التي هي نموذج عن لبنان مصغّر. وهذه العلاقات الوطيدة ما هي إلّا ثمرة الألفة والمحبة التي تعلو فوق كلّ الإنتماءات الطائفية والحزبية. وأعتقد أنّنا لا نستطيع، في العام 2018، أن نتكلّم عن الطائفة أو المذهب كعاملٍ يفصل بين الناس ويفرّق بينهم.
- في بداية المقابلة، تكلّمنا عن هذه المسيرة الطويلة في العمل الإقتصادي، ومن بعدها تحدّثنا عن عيّنة بسيطة ممّا تقدّمه من الدعم التربويّ – الإجتماعي. ومن الطبيعي أن تستثمر هذه الخبرات في حال دخلت الندوة البرلمانية. فهل بإمكانك تلخيص مشروعك للعمل النيابي؟
هناك العديد من المشاريع التي عملنا ونعمل عليها، ولكن نأمل أن تبصر النور ولا تتمّ عرقلتها. ولكنّني أستطيع أن ألخّص للقرّاء بعض النقاط التي يقوم عليها مشروعنا الذي يتوجّب علينا – وفي حال وصولنا للندوة البرلمانية – ألّا يبقى حبراً على ورق:
على صعيد الكورة سأسعى إلى توفير أراضٍ بهدف إنشاء مجمّعات صناعية خفيفة. كما سأعمل مع الجهات المختصّة لفرض إستخدام الغاز كطاقة بديلة عن الـ Heavy Oil في معامل المنطقة. كما أنّ معالجة الفوضى في تنظيم الأراضي وتصنيفها هو من النقاط الجوهريّة للحفاظ على هويّة الكورة لتبقى «الكورة الخضراء». فضلاً عن أنّ الخبرة الطويلة في مجال البنى التحتيّة، ستُوظّف بشكل مناسب لتحسين وضعها المتردّي، بالتنسيق مع الوزارات المتخصّصة.
كما أنّه من الضروري أن يقرّ مجلس النواب نظاماً داخلياً لعمل مجلس الوزراء، يؤمّن مشاركة جميع الطوائف في إدارة الدولة. كما سأولي اللامركزيّة الإداريّة إهتماماً خاصا، ممّا يسمح باستقرار المواطن في أرضه ما يؤمّن حياة عصريّة للّبنانيين أسوةً بالدول الراقية.