طرابلس لبنان - سياسية مستقلة

45 سنةً… وتستمر حرةً (التسعينات)

سألت المذيعة التلفزيونية الفنان مارسيل خليفة عن سبب دعوته إلى منع الصيد في لبنان وهل هذه الدعوة حافزها نمط الحياة في باريس، حيث يعيش حالياً؟

أجابها الفنان، بكل بساطة، ان السبب الحقيقي هو الحياة كلها التي عاشها في بلدته الوادعة عمشيت، حيث تعرف على حقيقة الجمال والهدوء والسلام…

امتعضت المذيعة.. وسألته هل سوف يغني مجدداً لحيفا على الرغم من «اللي كان»… أجابها «طبعاً وسأغني أيضاً ليافا وريتا وجواز السفر ولفلسطين كلها…».

تغير لون وجه المذيعة، حبست أنفاسها، ركّزت جيداً ثم عادت لتسأل:

«ولكن ما رأيك بهذه المحاولة الأخيرة للتوطين التي يواجهها لبنان وماذا عن موقف الحكومة اللبنانية بمنع الفلسطينيين من دخول لبنان؟».

– «أي توطين هذا؟» أجاب خليفة:

«ما علاقة التوطين بعودة أشخاص فلسطينيين يحملون وثائق سفر صادرة عن الحكومة اللبنانية تخولهم الدخول والخروج من لبنان. هؤلاء قد ولدوا هنا وعائلاتهم هنا وربما أولادهم وزوجاتهم هنا. صدف ان تواجدوا خارج البلاد لسبب من الأسباب، لعمل في الخارج أو لشيء آخر. ثم لماذا هذه الموجة من الإثارة، أليس لبنان من استقبل وجنّس الأرمن والأشوريين والكلدان وغيرهم تحت شعار «الوطن الملجأ». وهل نسي هؤلاء أرض أبائهم وأجدادهم وهل خرجت أوطانهم من قلوبهم، أبداً لا».

اسودّ لون الوجه التلفزيوني… ثم دخل ضيف جديد إلى «الدار» هو الصحافي جورج ناصيف… سألته المذيعة عن رأيه في ما قاله الفنان خليفة. فأجاب:

أؤيد كل ما قاله وأضيف على ذلك انه إذا كانت الدولة اللبنانية تعتقد ان في هذا الشكل الجديد من العنصرية ضد الفلسطينيين تستطيع ان تقيم وحدة وطنية فهي فعلاً مخطئة لأن الوحدة الوطنية لا تقوم إلاّ على الثقة و«الحوار الدائم» والتساوي في الحقوق والواجبات. وهي لن تقوم لها قائمة إذا ما استمرت هذه النزعة نحو إثارة الغرائز والعصبيات بكافة أشكالها وعلى كل المستويات».

شحب لون المذيعة حتى كاد يختفي من على الشاشة، وكانت كأنها في سرها تقول: «يا أرض انشقي وابلعيني… ما هذا «الجوز» الذي ورطوني به».

أما مرسيل خليفة فكان يبتسم، كأنما في سرّه كان يردد كلمات أغنيته الشهيرة، «جواز السفر» التي كتبها الشاعر الفلسطيني محمود درويش:

«كل العصافير التي لاحقت

كفّي على باب المطار البعيد

كل حقول القمح،

كل السجون..

كل القبور البيض..

كل الحدود..

كل العيون…

كانت معي، لكنهم

قد اسقطوها من جواز السفر!

عار من الاسم، من الانتماء؟

في تربةٍ ربَّيتها باليدين؟

أيوب صاح اليوم ملء السماء:

لا تجعلوني عبرةً مرّتين!

كل قلوب الناس… جنسيّتي

فلتسقطوا عنّي جواز السفر»

20/9/1995

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.