طرابلس لبنان - سياسية مستقلة

45 سنةً… وتستمر حرةً (2001-2002)

ما زلنا في لبنان نشعر، من حين الى آخر، ان الدولة غير موجودة، وان الاهواء والامزجة وخلاف ذلك هي الموجودة، تسيّر هذا البلد فتلعب بمصيره على أكثر من صعيد. ومن هذه الاصعدة، صعيد التربية والتعليم، وقد كنا استبشرنا خيراً عندما جرى الكلام على توحيد للمناهج، وتحديث لها، مع تأكيد على عناية فائقة بمنهاج التاريخ، وخاصة في ما يتعلق برواية الحرب اللبنانية، مع التنبه الى الحساسيات التي قد تحملها هذه الرواية، شرط  عدم التعمية ومن دون القفز فوق التاريخ كنا نستبشر خيراً، واذا بنا نفاجأ بأن الذي انتظرناه من الشرق أتانا من الغرب. فمؤخراً، صدرت كتب التاريخ، ذات المنهاج الجديد، للسنتين الثانية والثالثة في المرحلة الابتدائية، بعدما تعثرت هذه الولادة، وبعدما تأخرت تلك الكتب عن الصدور بالتزامن مع غيرها من  المواد في السنوات السابقة.

واليوم، أفضل وصف لهذه الولادة القيصرية الفاشلة لكتب التاريخ هو عبارة: تمخض الجبل فولد فأراً.

اذ أنه، في كتاب التاريخ للسنة الثالثة الابتدائية، وهو الذي يحمل عنوان نافذة على الماضي ــ 2، ورد في الدرس 17، تحت عنوان «ذهبوا جميعهم، ويبقى لبنان»، ان «الفتح العربي» كان واحداً من «الاحتلالات» المتعددة التي مرت على لبنان، لكن «بفضل مقاومة اللبنانيين وتضحياتهم»، زالت بالتأكيد كل هذه الاحتلالات، ومنها «الفتح العربي».

10/10/2001


تقول طرفة كلاسيكية، على سبيل توضيح الحس العام للمجتمعات: «في الاتحاد السوفياتي (سابقاً)، كل شيء ممنوع بما في ذلك ما هو مسموح، وفي المانيا كل شيء ممنوع باستثناء ما هو مسموح، وفي فرنسا كل شيء مسموح باستثناء ما هو ممنوع… اما في لبنان فإن كل شيء مسموح وخاصة ما هو ممنوع».

من منطلق هذا المسموح والممنوع، تعاطى مؤتمر باريس ــ 2 مع الخصوصية اللبنانية فجرى السماح للبنان بالقفز فوق وصفات صندوق النقد الدولي او باستثنائه منها اي عدم تطبيق قاعدة العولمة الاولى القاضية بترك آليات السوق النقدية تعمل عملها. ولو طبّق ذلك على لبنان لجرى تخفيض سعر العملة اللبنانية، على غرار ما حصل قبل عام في الارجنتين وتركيا. لكن فرنسا شيراك (او شيراك فرنسا) استثنت هذا الوطن الاستثنائي، بفضل رئيس وزرائه «الاستثنائي» ايضاً من آخر العلاج اي «الكي» وفق تلك الوصفة الخاصة بالدول المفلسة.

وثمة سؤالان، الاول افتراضي: ماذا لو فشل باريس ــ 2 وما هي انعكاسات هذا الفشل سياسياً؟ والثاني واقعي، هل ثمة من متضررين من نجاح المؤتمر؟

الاوساط السياسية في العاصمة بيروت تحدثت ان التغيير الحكومي ــ في حال فشل المؤتمر ــ كان حتمياً وكان  هدفه اما التخلص من رفيق الحريري كرئيس للحكومة واما الاتيان بحكومة تكنوقراط مدارة او ممسوكة امنياً واذ تبدد هذا الخيار نتيجة نجاح باريس ــ 2 فإن السؤال الثاني «الواقعي» يصبح اكثر الحاحاً، فهل من متضررين من هذا النجاح وهل استكانوا وهل سيتمكّن الرئيس الحريري من التحرّر من الابتزاز السياسي؟

29/11/2002

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.