45 سنةً… وتستمر حرةً (2006-2007)
من قال إن أطفال الفقراء، الاطفال الفقراء، لا يذهبون هم أيضاً الى مخيم صيفي يعبِّئون فيه أوقات فراغ فصل العطلة الطويلة؟
ومن قال إن مخيمهم أقل إثارة وفرحاً ومنفعة من مخيمات أطفال الميسورين؟
ومن قال إن قانا ليست مكاناً مثالياً لإقامة هكذا مخيم، وفيها شمس وماء وهضاب وأشجار وآثار والكثير من ساحات اللعب؟
أطفالنا الفقراء ذهبوا الى قانا في رحلة صيفية طويلة. أطفالنا الفقراء ما زالوا هناك. لا تقلقوا عليهم… انهم يتشمسون، يركضون، يسبحون، يرسمون، يأكلون ويشربون… لا تقلقوا على طفلين مستلقيين على كرسي طويل يأخذان حمام شمس مجانياً.. فأشعة الشمس مجانية للفقراء أيضاً.. لا تقلقوا على الطفل ابن الايام القليلة، تتدلى المصاصة من عنقه، فهو نائم بعد رضاعة صباحية حارة ومنعشة وشهية وطرية.. انه في قيلولةٍ بعدما «ناغى» كثيراً.. لا تقلقوا على طفلة معاقة غطت جسدها بالرمل.. فهذا علاج صحي لاعاقات جسدية عديدة علّمنا إياه التشيكيون. لا تقلقوا على ذلك الذي وسّخ وجهه وثيابه، بعدما لعب بالتراب والرمل وبنى قلاعاً وحصوناً ثم هدمها ليبنيها من جديد وهكذا دواليك.. لا تقلقوا عليه فها هم يحملونه الى أقرب حمام للاغتسال.
لا تقلقوا على رضيع مكشوف البطن فهو يستعد لمسحات من الزيت تخفف المغص، وقطرات من ماء الزهر في الحلق، وهو في أيد تهزّه كي يوقف البكاء وكي ينام طويلاً.. وذلك الذي يوضّبون «لفافته»، بعد تغيير حفاضه، لا تقلقوا، وقد تم تنظيفه جيداً، ليرتاح ويضحك كلما «حدثته الملائكة» كما في القول الشعبي. وعلى الارض يستلقي كثير من الاطفال، لا داعي للقلق، انه المخيم، وهي البرّية، وهم أطفال، دعوهم يلعبون ويعبثون..
أطفال قانا في مخيمهم الصيفي دعوهم يفرحون..
31/7/2006
… وفي الاسبوع الثالث للمعارك التي تدور في محيط مخيم نهر البارد، بين الجيش اللبناني وجماعة «فتح الاسلام»، بعد الاعتداء الذي قامت به هذه الجماعة على الجيش وارتكابها مجزرة بحق عدد كبير من أفراده، تبدو الامور متجهة ربما الى شكل من أشكال «الحل»، الذي يحفظ للجيش هيبته وكرامته ويمكّنه من الاقتصاص من الذين اعتدوا عليه، وفي الوقت نفسه يخفّف من معاناة المدنيين الفلسطينيين الذين ما زالوا في المخيم أو الذين نزحوا منه ويعيشون في ظروف صعبة بانتظار العودة الى بيوتهم. وهذا المسعى يُنظر اليه على انه «مسعى ربع الساعة الاخير».
وفيما عُلم ان عدداً كبيراً من قيادات «فتح الاسلام» ومن الفاعلين ميدانياً قد قُتل في المواجهات، استطاع الجيش ان يسيطر بشكل تام على كل جوانب «المخيم القديم»، تاركاً لحركة فتح ـ ابو عمار مربعاً في القسم الجنوبي يكون ملاذاً آمناً للمدنيين، ويكون أيضاً مقصداً للذين غُرّر بهم من أبناء المخيم والذين يريدون ترك المجموعة الغريبة عن النسيج الوطني الفلسطيني وعن المخيم، والتي تضم أناساً من جنسيات مختلفة ولا علاقة لهم بالحركة الوطنية الفلسطينية.
وفي موازاة الجهد العسكري الذي يقوم به الجيش، والمساعي التي تقوم بها القوى الاسلامية اللبنانية والفلسطينية، أطلقت رئاسة مجلس الوزراء حملة اعلامية مكثفة هدفت الى طمأنة المدنيين الفلسطينيين، خاصة الذين غادروا المخيم، الى مصيرهم ومصير منازلهم، فلقد توجهت لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني في رئاسة الحكومة الى النازحين بالقول ان «خروجكم مؤقت ورجوعكم مؤكد واعمار المخيم محتّم».
6/6/2007