طرابلس لبنان - سياسية مستقلة

45 سنةً… وتستمر حرةً (2013)

أراد «المجرم»، عندما قرَّر وضع سيارتين مفخختين عند مدخلي مسجدين خلال صلاة الجمعة في مدينة طرابلس، أن يُحقق عبر تفجيرهما بالناس (وخاصة بالمئات الخارجين من الصلاة) أربعة أهداف:

1- ان يقتل أكبر عدد من الناس ليثير أكبر قدر من الرعب والضياع والدمار والانهيار.

2- ان يؤجج الصراع المذهبي السني – الشيعي (خاصة بعد انفجار سيارتين مفخختين في الضاحية الجنوبية مؤخراً).

3- أن يُدخل لبنان في «عرقنة»، خاصة ان «المجرم» قد اكتسب خبرة واسعة في العراق، من خلال اللعب على الوتر المذهبي، ومن خلال تنظيم موجات تفجير عند السنة والشيعة في بلاد الرافدين.

4- ان يحطِّم إرادة الناس الطيبين في طرابلس الفيحاء، لعلمه ان المدينة تعاني من فراغ حاد على الصعيد القيادي، في شتى المجالات، فهذا يعني وقوع الناس في فوضى وتشتت وانهيار يساهم في خراب عاصمة الشمال وأخذها إلى اقتتالات وتسيّب وتحلّل، بكل ما في هذه الكلمات من معانٍ.

لم ينجح «المجرم» في تحقيق أهدافه.

فلقد انقذت المشيئة الإلهية المدينة من سقوط ما لا يقل عن ألف شهيد، بفضل إطالة مدة الصلاة في المسجدين لدقائق قليلة، فحصل الانفجاران قبل نهاية الصلاة وخروج المصلين.

ولقد أدرك الناس مباشرة ان هناك يداً تعمل على إذكاء نار الفتنة المذهبية، فوجهوا الاتهام إلى خارج الحدود، وردّ أهالي الضاحية التحية بأفضل منها، عندما عبّروا من خلال أشكال مختلفة عن تضامنهم مع أهالي طرابلس.

وفهم الناس ان الاستخبارات السورية، التي أمعنت في زرع الموت والإرهاب في العراق، تريد ان «تعرقن» لبنان، وفهموا أن من ينجر إلى لعبة كهذه، سواء في الضاحية أو طرابلس، يكون كمن ينفذ الخطة المرسومة والهادفة إلى إشعال الحرائق خارج الحدود السورية بهدف تخفيف الضغط عن الداخل السوري الذي يشهد ثورة ضد النظام، وبهدف امتلاك أوراق تفاوضية شبيهة بأوراق التفاوض في العراق سابقاً.

أما المفاجأة السارة فلقد كانت تلك التي فجرها المجتمع المدني في طرابلس، بكل مؤسساته وجمعياته وأفراده وعائلاته ونسائه ورجاله وشبانه وشاباته وأطفاله، عندما أعلن انتفاضة تاريخية نبيلة أطلق عليها عنوان «سلام وتقوى»… فنزل الناس العاديون الطيبون المتحمسون الأنقياء إلى ساحتي التفجيرين، مباشرة في اليوم الذي تلى الجريمتين.. وكانت فرحة المساعدة وإزالة أثار العداون الجبان، من ردم وانقاض ودمار، وقام المجتمع المدني بنفسه بالتنظيف وإحصاء الأضرار وتسجيل الملاحظات…

وهكذا فشل العدوان.. هنا في طرابلس.. هنا في الفيحاء.. حيث الشعب الطيب، الصامد في مواجهة الإجرام والاستبداد.

28/8/2013

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.