طرابلس لبنان - سياسية مستقلة

مائدة الإفطار

أبرز ما يحسه الصائم من تغير في هذا الشهر هو تنوع طعامه وشرابه وإضافة ألوان جديدة فضلاً عن الحلويات التي تشتهر بها عاصمة الشمال. ومن مميزات هذا الشهر الكريم انتظام الحياة الأسرية بشكل لا تعهده من قبل، إذ يجتمع أفراد الأسرة كلها على مائدتي الإفطار والسحور، وقد كانوا يتناولون الطعام من قبل منفردين بحسب مواعيد وصولهم إلى المنزل والفراغ من أعمالهم، وقلما اجتمعت الأسرة على طاولة واحدة في غير شهر رمضان.

ومائدة الإفطار الرمضانية مميزة، ومنوعة وشهية، فالصائم «يستحلي» أنواعاً من المأكولات قد تخطر على باله في أثناء صومه، أو انه اشتم رائحتها تنفذ إلى أنفه من شباك الجيران، وقد يظن نفسه أنه سيلتهم كل ما سيجده أمامه على المائدة، ولكن ما ان ينطلق مدفع الإفطار ويزدرد عدة لقيمات، حتى يشعر بالشبع، وينظر بحسرة إلى الأطايب ما تزال عامرة، ومعظم الأطباق لم يمسسها أحد، فيتمنى لو أنه قد خفف من طلباته وتبذيره وإنهاك ربة المنزل باختراعاته أو بالأحرى «تفتيقاته المعدية»، فيقرر أن يتوب عن ابتكاراته نهار الغد ويصدق المثل «كلام الليل يمحوه النهار» ليعود صاحبنا إلى إرباك أم العيال التي تقسم أنها لم تغادر المطبخ منذ الظهيرة، وتكاد تفوتها صلاة العصر وهي منهمكة في تنفيذ مشاريعه…

وربما ينفي الصائم عن نفسه تهمة البطر، ويعزو هذه الخيرات التي تمتلىء بها المائدة إلى البركة التي يضيفها رمضان باجتماع الأسرة على وجبة رئيسة، مما يمنح الشعور بأن الطعام وافر وفائض. وفي الحقيقة كثيراً ما يتبادل سكان البناية أطباق الطعام، فترى الموائد تكاد تكون متشابهة، وهذا من مميزات شهر التراحم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.