إحتواء الإحترار المناخي، إلى أين؟
اللواء أمين عاطف صليبا…
سبق لي ومن هذه الزاوية أن قرعت «جرس الإنذار» مُحذراً من خطورة الاحتباس الحراري، وتداعياته على الحياة في كل الدنيا بكل تفاصيلها:
من بشرية، وطبيعية، وان الاستمرار بالنسق عينه على كمية الانبعاثات التي تتصاعد في سماء الكرة الأرضية، من شأنه أخذ الكوكب الذي نعيش عليه، إلى مكان أقل ما يمكن القول فيه، أنه سيكون بمثابة شفير الهاوية، لجهة تصاعد خطر تعرض الكرة الأرضية لكوارث طبيعية لا يمكن التكهن بنتائجها المدمرة للحياة البشرية والطبيعية.
مخاطر يقلل منها الرئيس تبريراً للإنسحاب من «إتفاقية باريس»
البعض يُقلل من خطورة الموقف ويأتي في طليعة هؤلاء الرئيس الأميركي «دونالد ترامب» الذي يعتبر الاحتباس الحراري بدعة أوجدها البعض، وأنه لهذه الأسباب قرّر الانسحاب من «اتفاقية باريس» التي هلل لها العالم منذ سنتين.
الخطورة لا تكمن في ارتفاع الحرارة الكونية درجتين، حيث أن الإنسان يستطيع التكيف مع هذا الارتفاع من خلال التقنيات الحديثة المتعلقة بالتبريد، حيث لا يتعرض غالبية الناس للحرارة إلاّ لوقت قصير – الانتقال من المكتب أو البيت إلى السيارة والعكس –
ماذا ينتج عن ذوبان «المحيط المتجمد الشمالي»؟
لكن هذا الارتفاع في حرارة الكرة الأرضية سيؤثر على المحيط المتجمد الشمالي بالدرجة الأولى،
حيث سيصبح عرضة للذوبان المتواصل، وتسبب المياه المتولدة عن هذا الذوبان ارتفاعاً في مستوى المحيطات والبحار، وسينتج عنها كوارث تُعرف بـ «التسونامي» كما عرفتها بعض الدول في العقدين الماضيين.
مدير برنامج الأمم المتحدة «أريك سولهايم» يحذر
خطورة هذا الوضع نبّه إليه المدير التنفيذي لـ «برنامج الأمم المتحدة للبيئة» «إريك سولهايم».
وأشار إلى ان التدابير المُتخذة عالمياً من أجل جعل الارتفاع الحراري دون الدرجتين، ليست كفيلة بتحقيق هذا الهدف خاصة بعد انسحاب أميركا من «اتفاقية باريس».
وان التزامات الدول الأخرى ليست كفيلة بالتخفيض سوى ثلث الانبعاثات الخطرة والمدمرة والتي من شأنها ان تؤدي إلى اختلالات مناخية كبيرة في العالم مثل:
– موجات الحر،
– والفيضانات،
والأعاصير الشديدة، وبالرغم من مرور سنة على «اتفاقية باريس» لا نزال بعيدين من تحقيق التدابير الواجب اتخاذها لتجنيب مئات الملايين من الأشخاص الوقوع في دوامة البؤس وخطر الموت.
هذا الكلام أكد عليه رئيس «جمعية الأمم المتحدة للبيئة» لسنة 2017 الوزير الكوستاريكي «ادغار غوتييرس إسبيلتا»، وأضاف ان زخم «اتفاقية باريس» بدأ بالتراجع، وعلى الدول الصناعية الكبرى (مجموعة العشرين) أن تُعيد حساباتها في هذا الشأن لأن ثلاثة أرباع الانبعاثات من عندها.
كل هذه التحذيرات أُطلقت قبل بدء افتتاح الدورة الثالثة والعشرين من مؤتمر الأمم المتحدة حول التغيرات المناخية (عُقد بتاريخ 6/11/2017 في مدينة بون الألمانية). الخطر لا يقتصر على انبعاثات «ثاني أوكسيد الكربون» والتي وصلت إلى أعلى مستوياتها في الطبقات الجوية، بل الخطورة تتأتى أيضاً من انبعاثات غاز «الميتان» الذي هو أشد خطورة والمسبب الأول للاحتباس الحراري.
على كل نأمل أن تُستجاب طلبات «برنامج الأمم المتحدة للبيئة» حول وجوب إقفال محطات الفحم التي بلغ عددها 6683 محطة حول العالم، مع الإشارة إلى ان الصين بدأت ومنذ 2014 بالتراجع عن استعمال الفحم كمصدر من مصادر الطاقة، وهذا ما ساهم في ضبط انبعاثات غاز «الميتان»، حيث تُشكر الصين على هذه الخطوة.
ختاماً نقول لكل الرؤوس الجامدة من قيادات العالم ان عدم إعارة هذه المسألة الاهتمام الكافي، بغية الحد من الارتفاع الحراري، دولكم وشعوبكم لن تكون بمنأى عن تداعيات هذا الاحترار، وما الذي يحصل تباعاً في أميركا من أعاصير مدمرة إلاّ بداية وعينات من تلك الأعاصير المدمرة، نكرر للمرة الألف العالم كله موجود في مركب واحد (الكرة الأرضية) وأي أعاصير أو فيضانات قد تحصل، لن ينجو منها أحد.
إتقوا الله وسارعوا إلى اتخاذ التدابير الآيلة لمنع تجاوز الارتفاع الحراري 5.1 درجة مئوية، رحمة بملايين البشر الذين يعيشون في شبه منازل