الشعب في وادٍ وهم في وادٍ آخر؟!
في ساحات وميادين انتفاضة الشعب اللبناني وثورته على الظلم والاستبداد والحرمان، «حراك» فريد من نوعه في وَحْدةٍ حضارية ملفتة، وِحْدَةٍ جعلت الشعب بجميع أطيافه كالبنيان المرصوص محبة وإخلاصاً، بشفافية منقطعة النظير أوجدت السلم الأهلي الذي عجزت الشرعية الرسمية عن إيجاده.
ساحات وميادين تُسمع الهتفات المعبرة عن أوجاع الشعب وآلامه منها:
– «صوت الثوار صرخة أهل وحبايب والنصابين عمنفرجيون عجايب»
– «نحن الأحرار رغم الطغمة العميلة وأنتوا الفجّار يا لصوص الخزينة».
– «ثوار، أحرار، منكمل المشوار…» وخاتمتها «ثورة حتى النصر».
وأيضاً الأناشيد الثورية تصدح بها الساحات… وهذه الشعارات تعبّر عن أمرين إثنين:
– أولاً: فرحة الثوار بالتضامن والألفة والمحبة فيما بينهم متخطية جميع المُعوِّقات.
– ثانياً: ألم الجوع والفقر والحرمان والحاجة والمسغبة، تلك المعاناة التي ألهبت المشاعر على الفئة الحاكمة التي لم تحرك ساكناً ولو بكلمة طيبة وكأن الأمر لا يعنيها، الشعب في وادٍ وبعض آخر في عالم آخر، عالم الأنانية وحب الذات والسلب والنهب والسمسرات كل هذا شغلهم عن سماع مطالب الشعب وأوجاعه، طغمة عاتية طاغية ظالمة لعنها الله في مُحكم كتابه الكريم: فقال:
}أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ{.
نحن خير أمة أُخرجت للناس نستظل بالأخلاق الكريمة والسجايا الحميدة والمثُل العليا ونتيه فخراً بالانتفاضة المباركة في جميع الساحات والميادين والمناطق اللبنانية ولا سيما طرابلس التي استعادت مجدها وأثبتت انها مدينة الحضارة والسلم الأهلي والتقدم والرقي، فقد دأبت هذه المدينة المناضلة على التعاون البَنَّاء مع أخواتها الثائرين على الظلم والاستبداد والعدوان والحرمان بكل محبة وبلا طائفية متخلفة ولا مذهبية مُفَرِقة ولا مناطقية سخيفة.
انها الشجاعة والعنفوان والتمسك بالكرامة والمبادىء الإنسانية وخصوصاً أهل التبانة وبعل محسن الذين أثبتوا بتعاونهم ومحبتهم لبعضهم ان الاقتتال الذي كان في الماضي لم يكن بينهم بل بين أصحاب مصالح عبيد لأصحاب مصالح عبيد.
مطالب بل حقوق
وعودة إلى الانتفاضة المباركة، مبادؤها راسخة في نفوس الثائرين رسوخ الجبال الشاهقات ومعالمها واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار:
المطالبة بإعادة حقوق المواطنين المسلوبة وأموالهم المنهوبة وكرامتهم المصادرة،
عيشهم في ضنك وحاجتهم إلى عيش الكفاف في ازياد، الأمر يفتك بهم والمصائب تقض مضجعهم والأرزاء تودي بهم إلى الموت البطيء، فهم في الكوما نرجو بثباتهم على الثورة ان تزول عنهم الفواجع، وما مات حق وراءه مطالب،
وإلى مزبلة التاريخ كل طغاة العالم..