إصدارات في طرابلس: الأدب القصصي في لبنان الشمالي
مقدمة الكاتب
بعد سلسلة الاصدارات التي عني بتوثيقها المجلس الثقافي للبنان الشمالي والتي صدرت تحت العناوين وبالتواريخ التالية:
– الصحافة في طرابلس والشمال 1993
– ديوان الشعر الشمالي 1996
– المسرح في لبنان الشمالي 1998
– أدباء طرابلس والشمال في القرنين التاسع عشر والعشرين 2006
– وشخصيات من طرابلس في القرن العشرين 2014
كان لا بد من استكمال المشهد الثقافي بتوثيق الرواية في طرابلس والشمال، وكذلك الفن التشكيلي ومبدعيه في الرسم والنحت.
ويقتصر هذا الكتاب على الفن القصصي في الشمال (الرواية- القصة- القصة القصيرة قصص الأطفال) وكتابها، منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى تاريخه، وقد سلكنا في ذلك الطريقة التالية:
– اعطاء لمحة وافية عن حياة الكاتب وأعماله الأدبية ونشاطه.
– اثبات مؤلفاته المطبوعة والمخطوطة وتواريخ اصدارها أو كتابتها إذا كانت لا تزال مخطوطة، مع لفت النظر الى أننا أهملنا القصص المترجمة.
– تناول المؤلََّف (الرواية، القصة، القصة القصيرة) في موضوعها ونوعها وأحداثها وبطلها أو أبطالها وأسلوبها ومميزاتها بشكل عام، على أن نختم دراستنا بخلاصة عامة نستخلص فيها مميزات الفن القصصي في الشمال.
وقد اتبعنا في ترتيب الكتاب التسلسل الأبجدي، تسهيلا على القارئ. وأملنا أن يسد هذا الكتاب فراغاً في المكتبة الأدبية الشمالية، شأنه شأن كتبنا السابقة التي تم إصدارها حتى الآن، والتي أشرنا اليها في مطلع هذه المقدمة.
ولا تدخل الروايات التمثيلية في دراستنا هذه، فقد كانت موضوع دراستنا في كتابنا «المسرح في لبنان الشمالي» ولأن الرواية التمثيلية تقوم بصورة جوهرية على الحوار، بينما الرواية القصصية تعتمد على السرد.
واستكمالا للفائدة، وتمكينا للقارئ من تقويم عمل كتاب الفن القصصي في الشمال في ضوء ما وصل اليه من تطور، رأينا من الضروري تقديم كلمة وافية عن كل من القصة والقصة القصيرة والرواية، تشتمل على تعريف بكل منها، وذكر عناصرها الجوهرية التي لا بد لكل منها من احتوائها، او احتواء بعضها على الاقل.
ولا بد من الاشارة إلى ظاهرة حديثة في أدبنا العربي، وهي الإقبال غير المسبوق على الكتابة الروائية، الذي يعود الى السنوات العشر الماضية الاخيرة على الأقل، «فثمة عدد كبير من الروايات يصدر، كل عام، بالمقارنة مع عشرات كانت تصدر في العقود الماضية» فهل شجع على هذه الظاهرة انشاء جائزة بوكر العربية وغيرها التي كان من تأثيرها دفع الروائيين الى تجويد كتاباتهم؛ وبثُّ حيوية لدى كتاب عرب كثيرين، بحيث يصح القول اننا في المرحلة الذهبية للرواية العربية، كما دفعت كتَّاب قصة قصيرة وشعراء وباحثين الى مجال الرواية. «أم هي بريق خادع تبرزه الازمات» كما تساءل محمد علي فرحات؟.
ولا بد في الختام من توجيه الشكر لكل من ساهم في إخراج هذا الكتاب إلى النور. ونخص بالذكر الصديق الكبير الشيخ ناصيف الشمر الذي زودنا، بروايات لكتاب من زغرتا، الزاوية، وغيرهم… وكذلك لموظفات مكتبة «المنى» في مركز الصفدي الثقافي.
… والدكتور الصديق سعدي ضناوي لمساهمته في توفير بعض المراجع العامة في مادة الرواية.
وأما الشكر كل الشكر فلمؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية بشخص رئيسها حفيد الشاعر وحامل اسمه العطر الدكتور سابا لقيامها بتحمل نفقات إصدار هذا الكتاب، وبالكشف عن جانب من جوانب الثقافة في لبنان الشمالي، وقد كان الى الأمس القريب غائباً أو مغيباً… وهي لفتة وفاء للشاعر الكبير الذي اقترن اسمه باسم مدينة الفيحاء.
د. نزيه كبارة
تقديم
ان معرفتي بالمؤلف حديثة العهد.
كانت حواراتنا تقتصر على تجاذب اطراف حديث قصير، على هامش ندوة ادبية من هنا أو حفلة توقيع كتاب من هناك. غير ان ذلك كان كافياً لتطلعي الى التعرف اليه عن كثب. فكان لقاؤنا، منذ زمن ليس ببعيد، في مكتبه في طرابلس. استمعت خلاله الى كلام شخصية رصينة يلفها الوقار، تفرض هيبتها على المستمع، على تواضعها، ليس فقط لهدوئها، بل لعمق ما تتفوه به من علم وحكم وبلاغة. فلولا ارتباطي ذاك اليوم بإنشغالات ملحة، لفرضت نفسي على مؤلفنا لاكثر من الساعتين اللتين انقضتا بسرعة البرق، حتى ولو كان ذلك ليؤدي الى نعته لي بالزائر الثقيل. وددت الاستزادة من فيض حضوره المثري ادباً وفكراً. وكانت مكافأتي على انصرافي المبكر، اقله بالنسبة لي، مجموعة كتبه التي لم احتج لدهر لاكتشاف مكتنزاتها. فمؤلفها، دون شك، عاشق لاجمل لغة على وجه الارض. وانا المتيم بها منذ نعومة اظافري، فطمت على حبها، ولا غرو في ذلك، فالكل يعرف على يد من تلقنتها وفي كنف من ترعرعت.
لم يكتفِ الدكتور نزيه باستعمال العربية واستغلال مفرداتها وتسخير معانيها في عمله اليومي كمحام او كأستاذ جامعي، بل غامر في رحابٍ اوسع، وطرق ابواباً قد يكون حاول الولوج عبرها غيره من قبل دون ان يتمكن من عبور عتباتها.
كان المؤلف قد عرفنا في كتبه السابقة على من اعتمد من الشماليين العربية لغة ليراعه، اكان صحفياً ام شاعراً ام مسرحياً ام اديباً. وهو الطامع الطامح الى الاستفاضة في ابراز جماليات ادب شمالنا الحبيب وشخصياته المميزة التي طبعت القرن الماضي بابداعاتها وانجازاتها.
وبعد ان صرف في جهده ما يفوق العشرين حولاً، ادرك ان اعماله لربما كانت ناقصة. اذ انها تجاهلت، كما تجاهلت اعمال غيره من قبله، الروائيين والقصصيين من شمال لبنان.
ايكتمل يوماً عمل مبدع معطاء؟
ان معالجة حياة واعمال اديب ما في صفحات قليلة، اشدّ عسراً من تناولها من مجلدات. غير ان ذلك الاقتضاب يثير شغف الباحث ويحفزه على التعمق في دراسة نتاج ما. ففي مثل هذا الكتاب كنز ثمين للباحثين.
لقد مسح بحث المؤلف روايات الشماليين التي صدرت خلال اكثر من قرن، فكان منهم للفيحاء النصيب الاكبر، إذ كاد عدد المترجمين من ابنائها يتجاوز النصف. كما وابرز الكتاب مكانة المرأة الروائية في شمالنا واثبت ان الادب ليس حكراً على من يمتهنه خبزاً يومياً، فالمهندس والطبيب، الى جانب المحامي برعوا في كتاباتهم ليرتقوا فيها الى مصاف الاساتذة والكتّاب والاعلاميين وإن شكل هؤلاء السواد الاعظم من الروائيين في كتاب الدكتور كبارة.
ولعل «خلاصة واستنتاجات» خير خاتمة لما جاء فيه، اذ ان الخلاصة هذه تسلط الضوء على خصائص الروائيين موضوع الكتاب وعلى رواياتهم. بمن هم تأثروا؟ وما كان انعكاس هذا التأثير على كتاباتهم؟ ما هي المواضيع التي عالجوها؟ فبعضها استنجد بالتاريخ لتغذية صفحات الروايات والقصص والبعض الآخر نضح بالحنين والهيام، مروراً بالروايات التي استوحت مجرياتها من المآسي والحروب. وكذلك منها من اطلق الصيحات الناقدة للسياسيين، فكان لادراجها في الكتاب اثر حميد يرشد المتقاعسين من الحكام الى سوي السبيل.
شكراً لكم دكتور كبارة على دعوتي لتسطير مقدمة هذا الكتاب وعلى موافقتكم على قيام «مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية» بطباعته فانكم من حيث لا تدرون تتيحون للمؤسسة فرصة جديدة لتحقيق اهدافها الرامية الى تعزيز مقام اللغة العربية. فأنتم تستحقون عن حق وجدارة لقب «مؤرخ العربية في شمال لبنان»، وبخاصة في «مدينة الادب والادباء» كما يحلو لي ان احّرف ما توصف بها عادة.
د. سابا قيصر زريق
رئيس الهيئة الادارية
لـ «مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية»
الادب القصصي في لبنان الشمالي
لم يكن لبنان الشمالي بمعزل عن مسيرة الأدب القصصي في لبنان ودنيا العرب. وقد بدا الاهتمام بترجمة الروايات قبل معرفة طرابلس بالمطبعة والصحافة (1).
فقد ذكر عبدالله نوفل في كتابه(2) ان سليم عبدالله دي نوفل نقل إلى العربية (الجرجسين) التي نشرت تباعاً في جريدة «حديقة الأخبار». البيروتية. ولإعطاء فكرة عن الادب القصصي الذي ظهر في طرابلس قبل الحرب العالمية الأولى نورد الجدول المنشور الى جانب هذا النص(3).
وبعد الحرب العالمية الاولى واعتبارا من العام 1923(4) ظهر العديد من القصص والروايات في طرابلس واقضية الشمال.
وستكون خطتنا في دراسة النتاج القصصي الشمالي وفق ما يلي:
1- نبذة عن حياة المؤلف
2- بيان مفصل بأعماله القصصية المطبوعة والمخطوطة.
3- اختيار واحدة من رواياته، أو من قصصه، أو من قصصه القصيرة وتحليلها في ضوء معطيات النقد الادبي في الفترة الزمنية التي صدرت خلالها.
4- خلاصة عامة نجمل فيها الحديث عن موضوعات هذا النتاج وأجناسه (رواية قصة- قصة قصيرة قصة للأطفال) وخصائصه العامة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ظهرت اول صحيفة في طرابلس في العام 1893 لصاحبها محمد كامل البحيري وحملت اسم طرابلس الشام ولحقتها المطبعة في العام 1897.
(2) عبدالله نوفل: تراجم علماء طرابلس وأدبائها. مكتبة السائح 1984، ص 118.
(3) اعتمدنا تاريخ وفاة المؤلف عند عدم ذكر تاريخ الطبع كمعيار للتصنيف.
(4) ظهرت في هذا التاريخ رواية (بطل لبنان يوسف بك كرم) بطرس رومانوس يمين، عن مطبعة إهدن.
سيرة ذاتية
دكتوراه في الحقوق من الجامعة اللبنانية 1980
مجاز في اللغة العربية وادابها 1957
حائز على شهادة الكفاءة للتعليم الثانوي 1958
حائز على دبلوم في التخطيط التربوي 1970 وعلى دبلوم في التخطيط التربوي المتقدم 1972 من المركز الاقليمي لتخطيط التربية وادارتها في البلاد العربية-بيروت
مدير دار المعلمين والمعلمات في طرابلس 1966-1985
استاذ في القانون المدني والقانون الاداري في كلية الحقوق-الجامعة اللبنانية 1982-2000
له العديد من المؤلفات في الادب والتربية والقانون ومنها:
_ الصحافة في لبنان الشمالي في مئة عام 1993
_ المسرح في لبنان الشمالي (1872-1997) 1997
_ ادباء طرابلس والشمال في القرنين التاسع عشر والعشرين 2006
_ العقود المسماه-طبعة ثانية 2010
_ القانون الاداري العام طبعة ثانية 2002
_ النظام القانوني للهيئة التعليمية في المدارس الخاصة 2002
_ الملك العام والخاص-الاستملاك- الاشغال العامة 2010
_ السلطة التنظيمية في لبنان- مقارنة مع القانون الفرنسي 1995
_ طرابلس في القرن العشرين 2012
_ شخصيات من طرابلس 2014
رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي منذ العام 1980 وحتى تاريخه
رئيس لجنة اصدقاء جامعة المنار في طرابلس منذ العام 2004
امين عام الشؤون الخارجية في اتحاد الكتاب اللبنانيين 2001-2002