خط رابط بين الوطني اللبناني والعروبي
النائب محمد الصفدي
لا يمكن الفصل بين إنتمائه لطرابلس وإنتمائه للعروبة، فالدكتور عبدالمجيد الرافعي الذي ودعناه قبل أيام يمثل هذا الخط المنسجم الذي يربط بين ما هو وطني لبناني وما هو عروبي قومي.
طبيب الناس، الحكيم الذي خاض الانتخابات في العام 1972 وصار نائباً عن طرابلس، كان في مدينته واحداً من أبنائها المتفانين في خدمتها وكان في إطلالته السياسية والنضالية صاحب رؤية أوسع من طرابلس وأبعد من لبنان.
بالأمس ودّعه أبناء الفيحاء بعاطفة دلّت على مكانته في قلوبهم. ودّعه من حالفه في السياسة ومن اختلف معه.
ولكن الكلّ كان مجمعاً على أن الدكتور عبدالمجيد الرافعي قيمة طرابلسية وعربية، وأن التاريخ سيذكر دوماً أياديه البيضاء ومواقفه الجريئة.
لقد حمل الدكتور في مسيرته السياسية والوطنية أحلام جيل، لا بل أجيالاً من اللبنانيين والعرب، بإقامة دولة عربية قوية، ترتكز على إنسانها قبل ثروتها.
دولة تؤمن بالتقدّم العلمي وتجعل المساواة بين الناس أساساً للعدالة ولا تفرّق بين المواطنين طوائفاً ومذاهباً.
كثيرة هي الإنجازات التي حققها عبدالمجيد الرافعي، وعطاؤه يعرفه أبناء المدينة الذين أحبّوه وقدّروا تواضعه ورفعة أخلاقه، لكن الإنجاز الأبرز هو أنّه ولّد في نفوس أبناء جيله أملاً بأن النهضة ممكنة، وبأن إرادة الشعب هي أداة انتصاره.
رسم الحكيم الطرابلسي حلماً قابلاً للتحقيق، ركيزته محبة الناس، وقد نجح في رهانه وصار قدوةً لكثيرين وفتح باباً أمام شباب كانوا متعطّشين للعلم، للمعرفة وللحلم بوطن يعيشون فيه بكرامتهم.
هذا الحلم يبقى أمانة للأجيال لينجز منه كل واحد ما يستطيع.
رحم الله عبدالمجيد الرافعي،
والتحية لطرابلس منبت الأوفياء والشرفاء.