صفوة الكرامة والوفاء
جان عبيد
غالباً ما تعكس الوجوه صحائف القلوب.
هكذا كان الراحل الكبير الطيب عبدالمجيد الطيب الرافعي صبّوح الوجه وصُبح دائم في الفؤاد. والسلك الواصل بين الوجه والقلب.
هو كذلك واصل بين القلب والضمير، وبين الضمير والناس.
قلَّ أن عَرَفَت طرابلس، بل لبنان في الماضي، رجلاً في هذه الطيبة في الطبع، وفي هذا الحزم والعزم عند الاقتضاء، وفي هذا الأثر مع الجموع.
وعندما أتحدث أو أكتب عن الدكتور الحكيم الحليم عبدالمجيد الرافعي، فإنما أتحدث عما يقارب ثلثي القرن، وأتكلم عن كوكبة من أخوتِه ورفاقه مازالوا في الوجدان.
ومع انني لم أنتسب في حياتي إلى أي حزب فإن العلاقة مع عبدالمجيد كانت أبقى وأعمق وأحن مما تكون بين رفاق يترافقون ثم يفترقون فضلاً عن أنهم أيضاً يختلفون ويتغاضبون ويتقاتلون ويقتتلون كذلك، والأمر لم ينطبق إطلاقاً على أخلاق عبدالمجيد مع رفاقه وأخوانه.
ولا أنسى أنه كان ممراً وواسطة ووسيطاً للكثيرين الذين كانوا يريدون العبور عبر نفوذه إلى قادة كبار في أكثر من دولة عربية، وإلى السلطة عند هؤلاء القادة والمال لدى دولهم.
وذلك يسري على الكثيرين في لبنان، ومن اتجاحات عدة.
كانوا يغنمون المال ونفوذ السلطة وكان هو يبقى على مقربة من الفقر وعدم اليُسر.
وإن أنسى لا أنسى اللقاءات شبه الدورية التي كنا نجريها مع «أبو فواز» العزيز فايز سنكري. فقد كان في هذه اللقاءات إستعراض شامل لأحوال الأمة والبلاد والعباد ولمسيرة العمر والتاريخ المشترك فيما بيننا بصدق وشفافية وصداقة ومحبة طبعت عشرات السنين، وستبقى كذلك دائماً.
في رحاب الخلد ايها الصديق الغالي يا أبا الفقراء وصديق الكبار الذي ما فارقه التواضع والوداعة والرفعة والنبل والوفاء إطلاقاً.