الطيّب
الوزير سامي منقارة
هو المرحوم الدكتور عبدالمجيد الرافعي ابن الشيخ محمد الذي لقبته المدينة بالطيب نظراً لسلوكه وأخلاقياته.
ولقد حافظ أبناء الشيخ محمد على هذا اللقب لاتصافهم بأوصاف الوالد.
التقيته للمرة الأولى في العام 1954 في مدرسة الثانوية أستاذاً لي لمادة البيولوجي.
وعندما أخبرت والدي عنه اعلمني ان قرابة تربطه بوالدتي لذلك عَرَّفته بنفسي في جلسة التعليم الثانية وهكذا استمرت العلاقة بيننا حتى وفاته.
كان إنساناً يُلبي نداء المريض حليفاً كان أو خصماً وفي أي وقت كان ليلاً نهاراً وفي أي مكان كان مهما كان بعيداً عنه تدفعه في ذلك الرغبة في إنقاذ إنسان وطمأنة ذويه الملهوفين لكي يسمعوا منه ما يهدئ نفوسهم.
كان عقائدياً ملتزماً بالقومية العربية ومن هنا كان انتسابه إلى «حزب البعث العربي الاشتراكي» وبقي متمسكاً بمبادئه رغم العواصف التي عصفت بالحزب والأخطار الشخصية التي أحاطت به، لا يساير أو يحابي على حساب قناعاته العقائدية والمُثل العليا التي جعلها نبراساً له طيلة حياته.
كان لبنانياً مؤمناً بلبنان بلداً نموذجياً لحياة الإنسان المواطن لأي دين أو مذهب أو منطقة إنتمى ينبغي على الدولة ان تؤمن له حقوقه وان تحافظ على إنسانيته وكرامته.
كان صديقاً وفياً لأصدقائه رغم الاختلافات السياسية التي كانت تقع بينه وبينهم، وأذكر انه يوم تعرض دولة الرئيس أمين الحافظ لاعتداء من شخص أطلق عليه النار من مسدس حربي كان الدكتور رافعي أول من أسرع إليه لإجراء المعالجات الفورية له منعاً من تدهور حالته الصحية.
كان مؤمناً بالدولة اللبنانية وبالمؤسسات فعندما كنت في قيادة شرطة بيروت زارني أكثر من مرة لمراجعتي ببعض المطالب ولم يرغب يوماً ان يستجاب طلبه إذا كان مخالفاً للقانون أو للأنظمة النافذة.
عندما تعرض للتهجير القسري في العراق بحكم موقعه الحزبي والسيطرة السورية على لبنان كان منزله في بغداد مفتوحاً لكل لبناني يحضر إليه طالباً المساعدة، فكان يبذل كل جهد لكي يقدم له كل مساعدة ممكنة غير مطالب أو قابل بعوض أو حتى بشكر موحياً إليه ان ما قام به إنما هو من أبسط الواجبات عليه نحو من يطلب العون والمساعدة.
عندما عاد إلى لبنان استقر في منزله في طرابلس فكان محجة لأبناء المدينة يزورونه للاطمئنان عليه وللاطلاع على مواقفه مما يجري في لبنان والمنطقة، وبالمقابل لم يقصر في مبادلة أبناء المدينة محبته بالمشاركة في النشاطات والمناسبات الوطنية والاجتماعية والثقافية.
كنت التقيه أحياناً في فصل الصيف ظهراً في منتجع البالما فنتشارك معاً رياضة المشي على الشاطىء ونحن نتبادل الحديث حول أوضاع المدينة وما تشكو منه وما يجب ان يتحقق لاطلاق حركتها الاقتصادية ورفع مستوى أبنائها الاجتماعي.
واليوم
لا يسعنا يا طَيِّب
إلاّ ان ندعو لك بالرحمة في جنان الخلد
فأنت ستبقى خالداً في ضمير كل منا.