طرابلس لبنان - سياسية مستقلة

عرفتك الساحات مناضلاً صلباً

النائب السابق محمود طبو
بعد أكثر من تسعة عقود، ترجل عن صهوة جواده، فقدت برحيله مدينة طرابلس والشمال ولبنان ودنيا العرب مناضلاً صلباً وإنساناً مميزاً بصبره وجلده وإيمانه الراسخ بفكره واقتناعه وعقيدته مُسخراً كل طاقاته ليكون في خدمة شعبه وناسه وأمته العربية.
الدكتور الحكيم الطيب بن الرافعي الطيب، يتمتع بصفات ومحاسن قل نظيرها، هو هو يقاس به وعليه، ولا يقاس بسواه في عصرنا المتهالك، ما كان المغفور له الدكتور عبدالمجيد يحمل على منكبيه هموم طرابلس وشعبها الوفي فقط بل كان يتنكب بقامته المديدة هموم الأمة العربية بأكملها وخصوصاً القضية الفلسطينية، وأينما ذهبت في البلاد العربية نجد له بصمات خالدة لا تُمحى بمرور الزمن.
لقد عَرفَتْهُ طرابلس بمواقفه الثابتة دفاعاً عن شعبها وكرامتها عبر كل المنابر.
ويقود المظاهرات مع الحركة الوطنية وجحافل من رفاقه، وبرفقة شريكة دربه السيدة الفاضلة المناضلة ليلى زهدي يقسماطي الرافعي، إلى جانب المعلم الشهيد كمال جنبلاط.
أيها الحكيم الغالي افتقدناك جميعاً ولكن لا يمكن ان ننساك لأنك تركت وخَلَّفت وراءك تراثاً فكرياً وأخلاقياً وسلوكياً بمثابة شعلة وضاء تنير الطريق لجيلنا الحاضر وللأجيال القادمة.
وكما عرفناك نحن في طرابلس ولبنان.
عرفتك ساحات دمشق وعمان وبغداد والقاهرة.
مناضلاً صلباً دفاعاً عن فلسطين المغتصبة، والجزائر المحتلة، ومشاركتك الأممية ضد الاستعمار في فيتنام وكمبوديا ولاوس وغيرها.
– أما عن الأصالة فحدث ولا حرج،
– وان كنت تبحث عن الود لدى الرافعي ينبوعاً لا ينضب.
– وإن سألت عن الأخلاق فالحكيم يملك حقلاً مترامي الأطراف.
– وإن سألت عن النضال والعطاء فالطيب الرافعي هو الحكيم والمعلم ومدير مدرسة النضال والعطاء.
– وإن سألت عن التواضع فالمغفور له عبدالمجيد مؤمن أن العظمة والشموخ يكمنان في ثنايا التواضع.
– وإن سألت عن حبه للناس فيكفيك مثلاً أنه قضى أكثر من خمسين عاماً في خدمة الناس وخصوصاً المرضى منهم ليلاً ونهاراً يصعد السلالم على الأقدام بالظلمة حيث لا كهرباء وإلى الطوابق العليا، يطبب الفقراء ويقدم لهم في أكثر الأحيان الأدوية مجاناً فأُطلق عليه بحق انه «حكيم الفقراء» والمحتاجين.
إن المغفور له الرافعي عبدالمجيد كان رافعة حقيقية دفاعاً عن الفقراء والمسحوقين والمهمشين، فهنيئاً لك بزادك الذي حملته من زاد الدنيا لآخرتك وخير الزاد التقوى، ويكفيك فخراً محبة الناس لك حياً وميتاً، وليدرك ومن لا يعلم من ان ألسنة الخلق أقلام الحق.
إننا نتشارك وعائلتك الكريمة الصغيرة بأعدادها الكبيرة بقيمها، كما نشارك حزبك ورفاقك في لبنان ودنيا العرب أَلَمَهُم على فراقك، فإنك ستبقى خالداً في ضمير لبنان، وضمير كل حر شريف، فنم قرير العين في مثواك الأخير في عليين مع البررة والصدِّيقين.
رحم الله الحكيم عبدالمجيد الطيب الرافعي.
ونسأل الله أن يسكنه فسيح جنانه في العليين مع الأبرار والصالحين والصديقين.
ونتقدم من عائلتك الكريمة وأخوتك وأخواتك وأصهرتك وأصدقائك ورفاقك في النضال بصورة خاصة، وبعموم أهل طرابلس والشمال ولبنان والأمة العربية بصورة عامة بخالص العزاء.
ولا نقول إلاّ ما يرضي ربنا.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
والحمد لله رب العالمين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.