وداعاً أيها الطيب
بقلم: القاضي طارق زيادة
بغياب الدكتور عبدالمجيد الطيب الرافعي، تخسر طرابلس ولبنان ودنيا العرب وجهاً طيباً من الوجوه السياسية والقومية التي أعطتها هذه المدينة للعرب أجمعين، إذ تميّز الطيب الرافعي بمسلك أخلاقي رفيع تجلى في طيبة لا حدود لها منها تواضع جم وفي إقتراب إنساني كبير من جميع الناس صغيرهم ووضيعهم، كبيرهم وعظيمهم، حتى انطبق الاسم على الشخص، فلا ازدواجية ولا إنفصام، بل وحدة في التعامل تنم عن إكتمال ونضج ومحبة وإنفتاح.
سيتناول الكثيرون التجربة السياسية للفقيد الكبير، ولكنني آليت في زمن الانهيار الأخلاقي والقيمي الذي نعيشه ان أركز في شخص الطيب الرافعي على ميزاته المثالية الرفيعة، التي جعلت منه طبيباً إنسانياً فريداً، كرّس وقته وشبابه لخدمة مواطنيه، متسلقاً المباني العالية أثناء الليالي المظلمة لمعالجة مرضاه، غير مبالٍ بالمخاطر المحيطة في الأيام السوداء التي عرفتها المدينة.
أبعدت هذه المثالية الرافعي المناضل عن الانتهازية والأنانية والمصالح الشخصية، ووضعته في أجواء صعبة، غير متلائمة مع الواقعية الفجة التي تلازم العمل السياسي في بلادنا، ولكن ذلك كله وضعه أيضاً في قائمة الشخصيات الرفيعة الدرجات التي سيذكرها تاريخ هذه المدينة العريقة التي قدمت بذلك إلى لبنان والوطن العربي إبناً تفتخر به وتعتز.
وداعاً أيها الطيب الرافعي، وداعاً لمناقبك الشخصية الراقية، وداعاً لخُلقك وخِلقتك،
ستبقى في ضمير مدينتك طويلاً عنواناً على الصدق والوفاء والوداعة،
وداعاً لصبرك على مرضك الذي أبقاك واعياً مدركاً حتى اللحظة الأخيرة.
وسلام عليك حياً وميتاً.