طرابلس لبنان - سياسية مستقلة

أسعار الأدوية تنخفض 70٪

في 23 شباط الماضي أعلنت وزارة الصحة عن لائحة أدوية تضم 913 صنفاً من الأدوية، خُفِّضت أسعارها بمعدل وسطي بلغ 6،29٪ ووصلت مع أصناف أخرى إلى 70٪، وذلك ضمن خطة سنوية بدأت بتطبيقها وزارة الصحة لجهة تخفيض أسعار الدواء. وعلى سبيل المثال لا الحصر دواء «البلافيكس» الأكثر استهلاكاً (من قبل مرضى القلب والشرايين) إنخفض سعره من 170 ألف ليرة إلى 70 ألف فقط (يعني ان اللبناني كان يدفع 100 ألف ليرة من دون وجه حق). وانه وبالرغم من التخفيض إلى 70 ألف يبقى هامش الربح مؤمناً لتجار الأدوية وللصيادلة. ودواء «النيكسيوم» أنخفض من 50 ألف ليرة إلى 17 ألف فقط.

ولكن بالرغم من أهمية هذا القرار وإنعكاسه على جيوب المواطنين وقدرتهم الشرائية، فقد مرَّ هذا الخبر إعلامياً بشكلٍ عادي، إذ طغت عليه: «بروباغندا» الانتخابات. ومسائل الفساد، وتحذير «صندوق النقد الدولي» من خطورة وهشاشة الوضع المالي للدولة اللبنانية، إلى ما هنالك من إتهامات تتعلق بمسألة الكهرباء.

طبعاً هذه الأمور هي من الأهمية بمكان، أن تحتل العناوين الأساسية في نشرات الأخبار والافتتاحيات في الصحف، كونها مسائل تشد القارىء، الذي يناقش ذاته، سائلاً إلى أي مدى من الخطورة وصل الوضع في لبنان.

من حق المواطن، بالطبع، أن يشكر وزارة الصحة على ما أتخذته بهذا الخصوص، وأن يسألها، أيضاً، وبكل موضوعية «لماذا لم تقدمي على هذه الخطوة منذ زمن بعيد».

في عهدي أبو فاعور وحاصباني

سؤال منطقي، لكن والحق يُقال ان وزارة الصحة – خصوصاً في عهد الوزير السابق أبو فاعور والحالي الحاصباني – قد أقدمت على تغيرات جوهرية في مسألة الاستشفاء والطبابة على صعيد كل لبنان، لتأتِ هذه الخطوة بمردود مادي غير مسبوق يطال كل اللبنانيين، وحتى ميزانية الدولة اللبنانية.

وكل صناديق الضمان الصحي المرتبطة بشكل أو بآخر بموازنة الدولة من الطبابة العسكرية إلى الضمان الاجتماعي إلى تعاونية موظفي الدولة إلى صندوق تعاضد القضاة. كل هذه الصناديق كانت تتكبد هذا الفارق الكبير في أسعار الأدوية.

إهتموا بـ «القروش»

خطوة وزارة الصحة ينطبق عليها المثل الإنكليزي المعروف وهو «أهتم أنت بالبنسات (القروش) أما الباوند (الليرة الانكليزية) فهي تهتم بنفسها».

هذا القرار يساعد في وقف هدر أموال الدولة والمواطن غير المرتبط بأي من صناديق الضمان الصحي المشار إليها أعلاه، وهكذا تكون الدولة قد بدأت بالاهتمام بـ «البنسات»، على أمل أن يكون الاهتمام – بالباوندات – بمسائل الهدر والسمسرة والفساد قد دخل حيّز التنفيذ.

حتى لا نصل إلى الحالة اليونانية

لأنه من دون ذلك لا بدّ من ان تتجه الدولة باتجاه غربي المتوسط، واللحاق باليونان، لكن هذا البلد الأوروبي قُدِّر له ولمنع انهياره، أنه عضو في «الاتحاد الأوروبي» الذي سارع وضخَّ له مليارات اليورو لكي لا يقع في الإفلاس، الحالة التي – إن وقعت – تُصيب «الاتحاد الأوروبي» بالصميم حيث تتصل بسعر اليورو تجاه بقية العملات.

لكن لبنان من سينقذه في حال دخوله نفق الإفلاس؟

تصريح سلامة

وتصريح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بتاريخ 17/3/2018 لجهة جدية تحذير «البنك الدولي» و«صندوق النقد الدولي» حول الوضع المالي للبنان، هو مؤشر مُقلق يقتضي التوقف عنده. لأن هذا التحذير من شأنه دق ناقوس الخطر للبنان بالنسبة للوضع المالي لخزينة الدولة.

الربح حق للتاجر ولكن… له حدود!

ختام هذه المقالة وإنسجاماً مع عنوانها، لا بدّ لنا من سؤال متواضع نطرحه على القراء، مفاده ان التجارة حق مشروع، في نظام حر كما هو مطبق عندنا في لبنان، وأرباح التجارة تُقاس على حنكة التاجر وشطارته كما يُقال، ونحن لا نعارض أي تاجر في تحديد سقف أرباحه، في كل مجالات التجارة، طالما نظامنا مبني على الليبرالية الفردية.

لكن للربح حدود ومن المُفترض أن يكون له ضوابط عندما يتعلق الأمر بصحة الإنسان.

فهل يجوز أن تكون أرباح الأدوية تفوق 100٪ من كلفتها.

سؤال أضعه بتصرف كل مواطن خفير – على حد تعبير المرحوم شفيق جدايل – ومن خلال المواطن يُطرح السؤال عينه على مالية الدولة، التي تدفع تلك الأرباح الفاحشة، بالمقابل تُقدِّم العديد من الشركات ميزانياتها السنوية على انها إن لم تكن خاسرة، فهي على الأرجح ذات أرباح زهيدة لا يترتب عنها ضرائب للدولة.

لإعادة دراسة الأسعار كل 6 أشهر

من هنا نطلب ونُلّح على وزير الصحة ان يُبقي نظره على هذه المسألة، وفي حال تغيّرَ موقعه، أن يلتزم خلفه بهذه القاعدة التي تقضي بإعادة جدولة أسعار الأدوية كل سنة وحتى كل 6 أشهر.

عندما أُقيل الوزير الشجاع اميل بيطار

وأن لا يعيش أي وزير صحة مستقبلاً هاجس وزير الصحة الشجاع د. آميل بيطار، الذي أقيل في سبعينات القرن الماضي، لتجرؤه على المس بتجار الأدوية في لبنان، عندما أكتشف مدى أرباحهم الفاحشة، والتي تؤخذ عنوة من المرضى، لآنه لا خيار آخر لهم، ومن الدولة على حدٍ سواء.

متمنين في الختام، أن تفتح الدولة عينها على كل ما من شأنه التخفيف عن المواطن وعن روافد ماليتها، ولكي تكون الدولة فعلاً هي دولة المواطن… دولة الرعاية والعناية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.