طرابلس لبنان - سياسية مستقلة

في احتفال حاشد اقامته في تشرين الثاني 201… تكريم «جمعية العزم والسعادة» للدكتور الرافعي

منصة المتكلمين في الاحتفال، ويبدو الى جانب د. الرافعي: الرئيس ميقاتي والنائب السابق رزق والوزير درباس
منصة المتكلمين في الاحتفال، ويبدو الى جانب د. الرافعي: الرئيس ميقاتي والنائب السابق رزق والوزير درباس
ليس حدثاً عادياً وعابراً أن يظهر في مدينة ما سياسي ملتصق بأهل مدينته وقضاياهم الصغيرة والكبيرة الى حدود الاندماج، ويحمل مع الناس همومهم المرهقة، الخاصة والعامة، بكثير من المثابرة والصبر والفرح والرضى والاندفاع، كما لو أنه يعتبر نفسه المسؤول الاول عن توفير السعادة والراحة والأمان والغذاء والدواء والتعليم لكل من يفتقد هذه الامور في مدينته.
وليس حدثاً عادياً وعابراً أن يكون هذا السياسي نظيف الكف، حسن السمعة، صادقاً، لا يغش أهله الذين يعيش معهم وبينهم، ويناله ما ينالهم.
وليس سهلاً أن تشهد مدينة ما سياسياً متمسكآً بمبادئه الوطنية والقومية حتى النهاية، والتي تشكل عنده قناعات راسخة، حتى لو كلفه ذلك تهديداً وتهجيراً وخسائر فادحة على كافة المستويات.
نعم، ليس حدثاً عادياً أن يكون الدكتور عبدالمجيد الرافعي، النائب السابق لطرابلس، قيادةً سياسية رئيسية في مدينته، لفترة طويلة، عاش خلالها مع أهله كل ظروفهم، وحمل كل مطالبهم، ورفع الصوت عالياً دفاعاً عنهم وعن احلامهم الوطنية والقومية.
عبد المجيد الرافعي، الذي له مكانة كبيرة في مدينته وفي قلوب أبنائها، لأنه هذا السياسي الملتصق بالناس وقضاياهم، كرمته «جمعية العزم والسعادة»، في احتفال حاشد تكلم فيه الرئيس نجيب ميقاتي والوزير رشيد درباس والنائب السابق ادمون رزق، إضافة الى كلمة شكر من المحتفى به، تنشر «التمدن» تفاصيله كاملة. 

ميقاتي: بتكريمك نكرِّم أهلنا ومدينتنا وتاريخنا وحاضرنا

الرئيس نجيب ميقاتي ألقى الكلمة التالية:
لكل مدينة قصص تروى، ولكل مدينة ملاحم تخلد، ولكل مدينة ذاكرة تؤرخ. وفي كل حقبة يعمد الناس في الدول والمدن والممالك والجمهوريات إلى تأريخ حقباتهم بمن مضى وبما مضى ولطرابلس التي نعرفها أعمدة عديدة من الرجالات تتشكل من إرادة الناس، وأحد أبرز الأعمدة في هيكل طرابلس، هو الدكتور عبد المجيد الرافعي.
الصديق، الأخ والحبيب الدكتور عبد المجيد الرافعي الذي نجتمع اليوم لتكريمه تميز بالصفات الوطنية والإنسانية والعطاء المستمر، وأحبه الطرابلسيون لقربه منهم وتفانيه في خدمتهم.
كان بصفته طبيباً، مؤسساً لأول مستوصف صحي مجاني في مدينة طرابلس عام 1959، بعد أحداث لبنان عام 1958، حيث شارك بالمقاومة الشعبية ولم يتوان يوماً عن تلبية نداء أو استغاثة ولو في أوقات الفجر ومنتصف الليل. 
لبس ثياب عمال الإنقاذ خلال طوفان أبي علي 1955، وحمل الغرقى على كتفيه ومشى.
هو من دخل بيوت الناس من التنك والطين، وجلس إلى جانب مرضاه حتى طلوع الفجر ليتأكد أن الحمى قد زالت أو قاربت الزوال. 
رجل حمل القلم وكتب الشعر، ولو أن أروع قصائده صيغت لحبيبة العمر، ورفيقة دربه السيدة ليلى، التي ساهمت بشكل فاعل في كل أنشطة الحكيم وفي صياغة قراراته، فباتا حتى يومنا هذا مثالاً للشريكين والحبيبين والصديقين. فيا «ست ليلى» كل ما يقال عن صفاتك المميزة هو قليل لأنك حقاً مناضلة بكل ما للكلمة من معنى.
الدكتور عبد المجيد الرافعي رجل لبس البزة العسكرية لكن القتال لم يقنعه، وحين شعر أن وجوده يهدد أمن أهله ورفاقه، طالبهم بإلقاء السلاح وحقن الدماء ومضى. فسُجل الموقف له وليس عليه، لأنه أرضى ربه وأرضى ضميره وأرضى الناس الذين أحبهم وأحبوه، كما حافظ على قناعاته وأخلص لها. 
لقد فرض الدكتور عبد المجيد الرافعي حضوره المحبب على كل المستويات بدءاً بعائلته الصغيرة التي جمعت عائلتي الرافعي وميقاتي، وصولاً إلى عائلته الكبرى طرابلس. ولكن أقول وبمنتهى الصدق: تقدم حب الحكيم لدى أهل طرابلس على الالتزام السياسي، فصوتوا له ولشخصه قبل أن يصوتوا لحزبه أو للخط السياسي الذي ينتمي إليه: ناصروه ثم صوتوا له: ففاز ولم يفز، ثم فاز وكرس نجاحه، وحصد أعلى نسبة أصوات في المدينة في الانتخابات النيابية عام 1972. 
وخلال الأحداث المؤلمة واضطراره إلى مغادرة لبنان، لم يبخل يوماً في مساعدة الجميع، لا سيما أهل مدينته، عبر تأمين فرص العمل لهم، وتوفير المنح الجامعية للمئات، إضافة إلى جعل بيته مفتوحاً للبنانيين في عاصمة العباسيين. هكذا استفاد اللبنانيون
من هجرته القسرية حيث قام بدور مهم على صعيد العلاقات اللبنانية العراقية، وإفادة لبنان من سياسة النفط مقابل الغذاء، وسهل عمليات التصدير من الإنتاجين الصناعي والزراعي بأسعار تفاضلية، لتأمين تصريفها في الأسواق العراقية، للانتاج من كل أنحاء لبنان، ومن طرابلس على الأخص. 
لقد خدم الدكتور الطبيب شعبه الطرابلسي بكل أمانة وإخلاص وإنسانية وراحة ضمير فكانت سيرته العطرة على كل لسان.
يا ابن العم، طرابلس وأهلها كانت دائماً أمانة في عنقك، واليوم نقول إنها أمانة في أعناقنا أيضاً، وسنتعاون جميعاً للنهوض بها بعيداً عن الحسابات السياسية أو الانتخابية، لكي تستعيد دورها الرائد كلؤلؤة على شاطئ البحر المتوسط، عربية الهوى والهوية، لبنانية الانتماء، تساهم في ترسيخ الوحدة الوطنية الجامعة، وتمثل التعدد والعيش الواحد بين كل مكونات لبنان. 
لا بد لي في هذه المناسبة من أن أذكر أن المرات الكثيرة التي كنت أدخل فيها إلى المجلس النيابي في السبعينات من القرن الماضي لمتابعة سير المناقشات النيابية كانت بفضل بطاقة دعوة كان الدكتور عبد المجيد يؤمنها لي. 
ومن مناقشاته الغنية والرؤيوية تحت قبة البرلمان تعلمت الكثير ولا أزال. وفي هذه المناسبة قررت عدم الكلام في السياسة الحالية مكتفياً بأن أعيد على مسامعكم محطات من مواقفه التي لا تزال صالحة إلى يومنا هذا، وكأنها قيلت في هذا الوقت وليس قبل أكثر من أربعين عاماً. 
لقد قمت بجمع كلماتك التي قيلت في البرلمان بين عامي 1972 و1992، في كتاب قيم، أتمنى أن تضع ملاحظاتك عليه، تمهيداً لطبعه، فيكون مادة للتدريس في كليات الإعلام والعلوم السياسية في الجامعات اللبنانية.
لهذا سأذكر بعض العينات من الكلمات: ففي جلسة مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس الراحل رشيد الصلح في الثالث من كانون الأول عام 1974، قلت يا دكتور بجرأة ليست غريبة عنك: «نحن أمام خيار بين اثنين لا ثالث لهما، فإما التغيير وإما الانفجار. إما التغيير في قواعد الحكم، وفي ممارسة الحكم، وفي أهداف الحكم، وإما انفجار الأوضاع وولوج المجهول من المصير». كان ذلك في العام 1974، وبعد ستة أشهر، بدأت الحرب اللبنانية المشؤومة. 
وكأنك أيضاً كنت تستشرف حاضرنا المؤلم فقلت «مشكلة لبنان لم تعد سياسية كما كانت عند مطلع الاستقلال. مشكلة لبنان لم تعد في الإيمان بلبنان دولة عربية مستقلة سيدة حرة. مشكلة لبنان أصبحت اجتماعية: هي مشكلة الإنسان في لبنان الذي يتطلب الكثير فلا يجد إلا القليل والحرمان.
ولأننا في مرحلة كثر فيها الحديث عن الميثاق الوطني، أستعيد حكمة القول عندك بما أدليت به على منبر مجلس النواب في الخامس والعشرين من تموز سنة 1973، حيث قلت: الميثاق الوطني كما نفهمه لم يكن توزيع أدوار واقتسام مناصب، بمقدار ما كان حرصاً على إفساح المجال للبنان أن يمارس ديمقراطية وطنية وعربية، بعيداً عن أي تسلط وتبعية، أو تنكر للانتماء العربي الثابت والعريق.
وفي جلسة مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس الراحل صائب سلام بتاريخ الثامن من حزيران 1972، طرحت يا دكتور عبد المجيد بوضوحك الشديد إشكالية أساسية لا تزال قائمة حتى يومنا الحالي وتتعلق بقانون الانتخابات النيابية الموضوع عام 1960، حيث قلت ما حرفيته: «الانتخاب ولو كان حراً إلى أبعد الحدود في ظل القانون الحالي، لا يعبر تعبيراً صحيحاً عن إرادة الشعب. فالأكثرية النيابية في ظل هذا القانون، لا تعبر بالضرورة عن الأكثرية الشعبية، أو على الأقل، لا تعبر عن الأكثرية الشعبية بالنسبة ذاتها». فما أشبه اليوم بالبارحة. وإذا كانت هذه الإشكالية طرحت عام 1972، فأي جريمة ترتكب لو اعتمد القانون نفسه في الانتخابات المقبلة المحددة عام 2017؟
ولأنك الحريص دائماً يا حكيم على النزاهة والاستقامة، قولاً وفعلاً، وقفت بكل عنفوان وجرأة، تصرخ بوجه سارقي المال العام، قائلاً في الجلسة التشريعية العامة بتاريخ الرابع والعشرين من آب 1972: «كنا نود أن تستمع الحكومة إلى مشاعر النواب وآرائهم التي تعكس مشاعر المواطنين بخيبة الأمل من هدر أموال الشعب بهذه الكيفية، وعلى هذه الطريقة. وقد سمعنا مسؤولين وغير مسؤولين يقولون أن السمسرة موجودة في لبنان، ولا عيب فيها. إن سماع مثل هذه الأقوال يضيف فضيحة على الفضائح التي نسمع بها. ويجب علينا نحن ممثلي الشعب ان نطالب الحكومة، ولو لمرة واحدة، أن تتخذ بشكل من الأشكال، بادرة للضرب بيد من حديد، ومعاقبة كل من تسول له نفسه هدر الأموال، ووضع يدها على الذين سمسروا أو الذين ارتشوا أياً كانت مناصبهم». 
أما في مقاومة العدو الإسرائيلي، فلك يا دكتور صولات وجولات منها قولك بتاريخ الرابع من تشرين الثاني 1972: «إن إسرائيل التي تهدد وتنفذ اعتداءتها اليومية على لبنان لا تبحث عن مبرر للاعتداء ولا تهتم بهذا الأمر. بينما نرى ان مبررات الدفاع قائمة في كل لحظة. وكنت تتمنى أن تكون المواجهة التي جرت بين الجيش اللبناني والغزاة الإسرائيليين في المعركة السابقة، هي نقطة انطلاق لترسيخ سياسة دفاعية واضحة، ولكن ما يجري حالياً هو عملية إغراق للمواطن في بحر من المحاكمات والفضائح، والدراسات المتناقضة عن الأسلحة المزمع شراؤها، بحيث تضيع مسألة الدفاع الوطني في هذا الخضم».
ونصل في مواقفك إلى الفيحاء الحبيبة، التي لم تغب عن بالك وقولك وعملك يوماً. ومن خلال مراجعتي لكل المواقف والخطب التي أدليتها في مجلس النواب كانت طرابلس الحاضر الأبرز والأول في السياسة والإدارة والمشاريع الاقتصادية وحقها في التنمية. 
ففي الثاني عشر من آذار عام 1974، أدليت مداخلة شاملة عن طرابلس قلت فيها: «إن حاجة مدينة طرابلس إلى إنماء مناطقها الحيوية أكثر من ملحة لأنها لم تنل من مغانم الحكم ما يوازي الغرم الذي تتحمله… ونرانا مضطرين إلى التساؤل عن مدى ما تجنيه العاصمة الثانية طرابلس من اعتمادات الموازنة، وعن مدى استلهام الحكومة لمصالحها الحيوية لدى وضع الموازنة».
رغبت من خلال المراجعة، لمواقف حكيم طرابلس أن أظهر نظرته الرؤيوية في كل الملفات، ومدى الترابط بين ما مضى والحاضر. فنفس الكلام يصح، ونفس المواقف نتبناها دون تعديل إلا في التصويب على الإمعان في ضرب الميثاق الوطني، واللحمة الوطنية، واستشراء الفساد والابتعاد عن الإنماء. لعل في تكرار الكلام مع بداية هذا العهد الجديد إشارة واضحة لأولويات المرحلة وضرورة معالجتها. وأنت يا حضرة الدكتور الحبيب، الطيب عبد المجيد، بتكريمك اليوم نحن نكرم أهلنا ومدينتنا وتاريخنا وحاضرنا. 

لم يكن طبيباً عادياً ولا نائباً عاديا

في بداية احتفال التكريم، قدّم الزميل مقبل ملك للمناسبة عبر الكلمة التالية: 
لم يكن عبد المجيد الرافعي طبيباً عادياً، و لم يكن عبد المجيد الرافعي نائباً عادياً عن مدينة طرابلس أسوة بغيره ممن سبقه من النواب، ولم يكن زعيماً لحارة أو شارع أو قائد مليشيا ثورية، بل كان قيادياً وطنياً على مستوى لبنان، والوطن العربي، سياسياً فذا، وكان رفيقاً للزعيم كمال جنبلاط ونائباً له في قيادة الحركة الوطنية، وقائداً شعبياً متواضعاً يعيش آلام شعبه ويواسيهم ويقدم لهم الخدمات والمساعدات، داخل طرابلس وخارجها، لم يبخل على الضعفاء والفقراء من أهل مدينته، وحتى الميسورين منهم ليلبي طلبهم ليلاً ونهاراً في زيارتهم بمنازلهم أو في المستشفيات للتعرف على وضعهم الصحي، إذ كان يلبي الجميع ويتابع أوضاعهم ويقدم لهم الأدوية، أسس أول مستوصف شعبي عرفته مدينة طرابلس عام 1959، كان سحره الإنساني يأسر جميع من تعرفوا إليه أو تقربوا منه أو طلبوا خدمة أو نصيحة، ابتسامته لم تفارق ثغرة في أصعب الأوقات، رغم الألم الذي ملأ عقله وقلبه أثناء إقامته القسرية خارج لبنان، كانت خصومته شريفة مع منافسيه السياسيين، يكللها الاحترام والصراحة والكلام الواضح، خدم أبناء شعبه شخصياً ومباشرة أثناء الطوفان لنهر أبو علي عام 1955، وعاش الليالي الصعبة مع رفاقه على متاريس أحداث 1958، وقبل إقصائه بعد إعلان فوزه بانتخابات عام 1960 بدون أية إشكالات وظل مثابراً حتى تفوق على الجميع في انتخابات 1972. عمل على تخصيص المئات في جامعات العراق خلال أحداث 1975 – 1990، كما عمل على توظيف مئات آخرين في مؤسساتها.
وتلقت مدينة طرابلس في أصعب الأوقات بناء لتدخله خلال هذه الأحداث هدايا التمر والطحين والسلع الأساسية لتوزع مجاناً على أبناء المدينة، وفتح الأبواب على مصاريعها لتصريف المنتجات اللبنانية في أسواق العراق خلال فترة التسعينات، وعاد إلى وطنه، ومدينته الحبيبة معززاً مكرماً، ولا يزال يستقبل الأقارب والأصدقاء والرفاق من المحازبين القدامى في صالونه المفتوح حتى يومنا هذا.
أيها السيدات والسادة،
التقديم يبقى قاصراً عن تعداد صفات المكرم الطبيب ابن الطيب، فاعذرونا على العجالة، لننتقل إلى برنامج احتفالنا التكريمي.

رزق: رجلَ الرأيِ السَديد والموقفِ النبيل

النائب السابق ادمون رزق ألقي الكلمة التالية:
بنبضِ القلب نحيّيك، يا عبد المجيد، وعلى الأذرُعِ نحملُك ونُعليك، كما أعلَيْتَ منسوبَ الصداقةِ والكرامةِ والعنفوانِ الوطني، فأنتَ مثالُ الرجلِ الحرِّ الأبيّ، والطبيبِ الانساني، والممثّل الأمين للشعب.
وبعد: تأتي بادرةُ تكريم الدكتور عبد المجيد الرافعي، في وقتٍ أحوجُ ما نكون فيه إلى إحياءِ القِيَمِ التأسيسيّةِ لمجتمعِنا، فــتــنطلِقُ من شخصٍ محبوبٍ ومميّزٍ، لتتوجَّهَ إلى المناقِبِ التي جَسَّدَها، وترتدَّ إلى القائمين بها، وفاءً وعرفاناً. لأنَّ أَدهى ما يُصيبُ قوماً، هو نِسيانُ ذوي الفضلِ، والتنكُّرُ لحمَلَةِ المشاعلِ، الرُوّادِ الصالحينَ المُصلحين. 
عرفتُه رجُلَ خدمةٍ في شتّى المواقع: على جهوزٍ لتلبيةِ النداء، آناءَ الليلِ وأطرافَ النهار، في البيتِ كما العيادة. ثمّ خبرْتُهُ عن كَثَبٍ، في مجلسِ النواب، حاملَ أمانةِ شعبٍ أحبَّهُ ومَحَضَهُ ثقتَه، فأَقامَ على عَهدِه، وحَفِظَ مَوَدّتَه، لا يقتصِدُ بذلاً ولا يوفّــرُ تضحيات.
في كلِّ أدوارِه، ظلّ الدكتور عبد المجيد الرافعي رجلَ الرأيِ السَديد، والموقفِ النبيل. مارسَ العملَ السياسيَّ، على أنّهُ وسيلةٌ لتحقيقِ الأهدافِ السامية، وضمانِ المصلحةِ العامة، وأداءِ الخدمةِ المباشرة، للأقربين الذين وَلّوه شؤونَهم.
ولا مرّةً، برغمِ انتمائه الحزبيّ، ومسؤوليّتِه القوميّة، تحزّبَ أو تعصّبَ، فابنُ الفيحاءِ العريق، لبنانيٌّ متجذّرٌ وعَربيٌّ أصيل. مزايا مُضافةٌ إلى أصالةٍ، تبدأُ بالنفسِ، ذاتيةً، ثم تبلُغُ أبعاداً قصيّةً. 
كلُّ المبادئِ والعقائدِ والعُرى تتهافتُ، إذا ناصَبْتَ العَداءَ الناسَ الذين لم ينضووا إلى حزبِك، أو لم يؤمنوا بكتابِك. الانسانُ أخو الانسانِ واللبنانيُّ صُنْوُ اللبنانيِّ، لا ميزةَ، لا تفرقةَ، لا تخصيصَ، لا تراتبيّاتٍ وتصنيفات: الجميعُ سَواءٌ… هذه هي أسُسُ المواطَنةِ وجوهَرُ الوحدةِ الوطنيةِ، في وثيقةِ الوفاق، والدستور، اللذين شارك فيهما الدكتور عبد المجيد، لاخراجِ لبنانَ من دوّامةِ التعاسةِ وحمأةِ الفساد.
من سيرتِه، أستوحي نهجاً أخلاقياً مؤدّاه: أن لا تسعى إلى مغنَمٍ شخصي على حِسابِ ضَيم غيرِك، لا تلتمسَ حُظوةً بمداهنةٍ وتواطؤ، ولا مصلحةً بإساءةٍ، أَو تستعطيَ ولايةً بتسكُّعٍ ومذَلّةٍ، او تنصاعَ لظالمٍ خَشيةً، أو تُمالئَ مرتكباً وتُظاهِرَ معتدياً باغياً، جبناً ورياءً !..
لأنّنا في طرابلسَ الفيحاء، العاصمةِ اللبنانيةِ التوأم، منجبة عبد المجيد الرافعي وإخوانِه، أعلامِ الفيحاء، في كلّ مضمار، وشهدائها الأبرار، حاضريها وغائبيها، من مختلف عائلاتِها الكريمة، كلُّهُم في الوجدانِ، مِلءُ الإِذّكار، وعلى جَبينِ تاريخِنا، أكاليلُ غار!
… ويا صديقي الدكتور عبد المجيد، أجدُني اليومَ، في تكريمِك، جمعاً لا فَرْداً، حاملاً رسالةَ أصدقاءٍ لنا، زملاءٍ ورِفاقٍ، سواءٌ الذين سبقونا، ومَن مثلَنا ينتظرون، وَدَدْتُ أن أسمّيَهم، واحداً واحداً، عُصْبَةً تَدينُ بدينِ الحَقِّ «أنّى توجّهَت ركائبُه»… أولئك الإِخوان، معنا الآن، من وراءِ الحُجُبِ، أو حضوراً في المكانِ والزمان، وكلُّنا نعتزُّ بك، رفيقاً، صديقاً، أخاً وزميلاً، وبشريكةِ عمرك الرائعة، شمعةِ دربِك، سيدةِ الكرامة والشهامة والعنفوان، ليلى، إلى سنينَ لا تنقضي!
أمّا أنتما، يا دولةَ الرئيس الكريم ومعالي النقيب الحبيب، اللذين اعتزُّ بالوقوفِ معكما، فبوركتُما أمينَينِ على الكثير، وسلِمتُما ذخيرةً لزمنٍ متجدِّد، في طرابلسَ والشَمال، وكلِّ ناحيةٍ من لبنانَ الواحدِ الأحد.
ولكم جميعاً، أيها الإخوةُ والأصدقاء، نفحاتٌ من جزّين، شذيّةٌ بعبيرِ الوردِ والياسَمين، نديَّةٌ بدفقِ الينابيع، شجيّةٌ على إيقاعِ هديرِ الشلاّل !
دُمْـــــتَ يـا دكتور
عاشَت طرابلس الفيحاء
وليحيَ لبنان

درباس: أيها الطيب يا ابن الزمان الطيب والناس الطيبين إنت في كل قلب وفي كل بيت

الوزير رشيد درباس ألقى الكلمة التالية:
لا أرى هذا الجمع المختار إلاّ عنواناً للمدينة التي امتلأت مقاعدها بأهلها خارج المسرح، واكتظت شوارعها بالعواطف، وشخصت أعينها إلى هذا المنبر الذي يطلق العنان للحنجرة واللسان،ويهتف:«عبد المجيد في كل بيت وفي كل قلب».
لقد «عزم العزم» واختار ان يكون هذا اليوم قاعة للقامات الطويلة التي لطالما اختالت في أروقة تاريخ طرابلس، واختال التاريخ بها فإفترت الشاشة عن ابتسامة الدكتور الطيب العريضة لتسرد حكاية مسيرة مكثفة لشخص ذاب في قضية، ووهب نهاره ضوءاً في ليل الظلم، وسعى، بالطبابة، إلى المرضى، وسخَّر أنامله للشفاء، من غير أن يثنيها لقبض – كما يقول أبو تمام -. وتنشق العروبة بريئة من شوائب التعصب نقية كطرابلس التي لاذ بها قادة عرب، حديقة لهم وساحة نضال وموئلاً طيباً للناس الطيبين، والدعوة الطيبة.
في مناسبات ثلاث سابقة، تجرأت وزاملت إدمون رزق فوق ثلاث منصات:
– الأولى كانت في «جامعة الحكمة».
– والثانية في «بيت المحامي».
– والثالثة في «العاملية» بمناسبة عاشوراء.
وفي المرات كلها، كان يُبَرِّدُ روعي ما يحيطني به، هذا العلم الخفّاق في السياسة والأدب والثقافة والمودة والأخلاق، من عناية تقي أوتار الصوت من النشاز وتنقذ اللهاة من الجلجة، فلما أبلغني، في لقائنا الأخير، أنه سيلقي خطاباً في طرابلس تكريماً لزميله القديم عبد المجيد الرافعي ظننت نفسي على فسحة أجلس فيها بين الحضور مصفقاً للبلاغة الباذخة الوفاء، ومستمعاً إلى العبر المستقاة من تجربة وطنية برلمانية لم يمر بها سوى ذلك المجلس النيابي، تجربة لم تلن قبضتها، ولا وهنت منها الأنامل فأسْتَبْقَتِ الدفة رهن السيطرة، فيما أمواج الحرب العاتية تعصف بالسفينة وتحاول أن تقلبها.
كان هذا يوم شغرت الرئاسة، وصارت الحكومة حكومتين، وبقي المجلس واحداً موحداً أعزل من السلاح والسلطة، مدججاً بشرعية الضرورة رغم التمديد المتكرر قائماً بما لا بد منه كي ينتقل لبنان من الحرب إلى السلم، ومن الطواف بين المتاريس إلى الطائف، وثيقة للعمل الوطني ودستوراً جديداً فَصَلَ سلطاتٍ ووصلها، ونقل العرف إلى الورق نصّاً واضحاً أعملنا فيه، مع الأسف، التفاسير المتعسفة، والاجتهادات المتفلسفة.
لكن شهوداً عليه ما زالوا أدلاء البصائر ومرايا الضمائر، منهم المحتفى به، ورزق هذا المنبر وبلبله، ودولة الرئيس حسين الحسيني، والشيخ بطرس حرب وعبد اللطيف بك الزين، ومجموعة من النواب السابقين الذين شهدوا تزوير إرادتهم في غرف أظلمت فيها القلوب وغشيت الخرائط وتداخلت الدوائر، لكنهم ظلوا أوفياء لتسوية أعدت لطي الصفحة، فجاء من يفتح بعدها صفحات ما زالت أسطرها الشيطانية حبالاً تكبل إرادة لبنان وتعيق إنطلاقه…
لكن دولة الرئيس الصديق العزيز نجيب ميقاتي زجني في الفسحة التي مَنَّيت نفسي بالتمتع بها مستمتعاً، وأبلغني أنني مشارك في تكريم الدكتور عبد المجيد، فأدركت أنه يكرمني بهذا، لأن المثول أمام هذه الحضرة، وهذا الحاضر، إرتقاء سِدَّة، ودخول في تاريخ، يكفيني منه شرفاً أن أكون نقطة حبر في متنه أو كلمة على هامشه.
أيها المحتفى به، وقد كنت حفاوة الأجيال، ومقلة الشباب، ودقات قلب القضية، لا نقف اليوم معك لاستذكار التألق الذي آل إلى بهوت، ولا تأسفاً على أيام عِزِّ دحرتها السنوات العجاف المتماديةً.
لا…. لسنا هنا لنرثي نضالنا ونبكي تجربتنا، فمثلك لا ينبغي له تقبل العزاء… وليس من مقاصد دولة الرئيس أن نخرج من هذا المسرح وقد أسدلنا ستارة على فصول مشرقة من نضال الأمة ومشاهد متألقة من حيوية طرابلس. بل إنني على ثقة بأن الدعوة كانت من أجل فتح هذه الستارة أمام المجاملين واللاحقين لكي تستل المدينة شهاداتها من أعماق الوجدان.
ونقول لعبد المجيد: كنت في كل بيت وفي كل قلب، وتبقى مسيرتك الصامدة بوجه النكسات والنكبات عبرة لمن يريد أن يعتبر، وأسوة حسنة، وعيِّنة من معادن الرجال…
أنا لا أستطيع الحديث عنك، ولا تكتمل معاني الخطاب، إلاّ إذا تحدثت في الأجيال التي تبنت نضالك السياسي، وفي الشباب الذي ملأته الحماسة رغم خلوّ وفاضه، فقرر أن يخوض معركة التحدي بأدواته البدائية، لكنه تمكن من الاختراق في لحظة لا تُنسى من زمان المدينة…
كذلك لا يُفضي الكلام إلى مصبِّه إن لم يكن في صلب موارده نبع رشيد كرامي الشهيد الذي دفع الحياة ثمناً لوحدة لبنان، وتبعه شهيد آخر بالغ في أحلامه، وتوغل في تفسيرها وتحقيقها، فصار «رفيقاً له»، بعد أن عَبَّدَ في خياله وخيالنا «طريق الحرير» فزرعوها شوكاً وباروداً وغدراً وهمجية…
خصمك رشيد كرامي كان شريكاً لك دون توقع منه، وكنت شريكاً له بقصد منك، ولكنها كانت الشراكة التي قام عليها توازن الفيحاء واتزانها، ذلكم أن رحابة صدرها مستمدة من اسمها، وأنا في هذا الموقف، لا أشعر بالحرج لإشادتي بك وبه، معترفاً لكما برجاحة فائضة لم أكن أملك منها شيئاً عندما رضيت أن أترشح ضدكما في العام 1972، وقد كنت يومها في مثل سنك حين خضت انتخابات 1957، لشعوري أن تقحمي في ذلك الوقت وثّق علاقتي بكما لأنه خلا من العداوة والحسد والأحقاد، ولأنكما أكبر من الخصومات، وأرْحَب من ان تضيقا ذرعاً بمن اندفع من أمثالي إلى حقل الخدمة العامة.
هذه مناسبة لي وفرصة، أعلن فيها ان دخولي إلى المعترك ولئن كان في غير كنهه، فإنني معتزٌّ به اعتزازي بمدينة لم تأنف تطفلي على نسيجها وعائلاتها، فأكرمتني ورعتني وهاأنذا أعلن لها وفائي ومحبتي بتجديد محبتي لك ايها الطبيب الطيب وتدوين وفائي لذكرى رشيد كرامي، وتوثيق صداقة الرئيس نجيب بالصوت والصورة.
كل الطرابلسيين يعلمون انه عندما كان يَدْلَهِمُ ليل أو يطل خطبٌ برأسه كان الاتصال يتم بين الدكتور عبد المجيد والرئيس كرامي، وعندما أقام الحكيم مأدبة في ذكرى أربعين الشهيد تحسين الأطرش في مربع الشاطىء الفضي، ران على الحضور بغتة صمت جميل، ثم وقفنا جميعاً احتراماً لرشيد كرامي الذي دخل علينا بصوته ذي النبرة المعروفة قائلاً: عظم الله أجركم جميعاً… عظم الله أجرك يا دكتور عبد المجيد.
يومذاك تأكدت ان الأصالة أقوى من أن تمزقها العنعنات والمؤامرات التي اجتاحت طرابلس زمناً طويلاً.
جمعتنا العروبة فأتتك بساتينها راية لها ذات عبق ورفيف، وركب العروبيون صهوات مختلفة في سياق الائتلاف ثم جمحت بنا الجياد فضاع الشوط واستبيح الرعيل، كما قال بدوي الجبل، وصار بأسنا بيننا شديداً، فانفتحت الثغرات وتسربت الهجنة إلى عراقة الثغور من خلال الشغور الذي خلّفه تراجع العروبة وتحول القضية إلى طاحونة دموية تُضَرِّج الفراتين بسيل قانٍ تكاد تفرغ منه عروق الأمة، فكل حزب بما لديهم فرحون، وكل مذهب يقيم دولته على طلل…
وعندما انفجرت «مدينة بني عمار» بين بعل وتبانة بفعل رسائل تبادلتها العروبة المزعومة سنين طويلة، كان من آثارها ان دارت على دارتك الدائرة، فاقتلعت شجرة الليمون من حقلها، وكانت مثقلة بأكمامها، فلما عدت إلى هذه الحديقة، كانت الأكمام قد تفتحت، فطاب الجنى وعذب اللسان والكلام.
يوم أُخرجت من بلدك، أحس الطرابلسيون انهم أُخرجوا من جلودهم، وهذه آثار طبائع الاستبداد الذي يتخذ أشكالاً مختلفة فيما جوهره واحد، وهو تطويع الكثرة لتعسف القلة.
لا أنسى أبداً صوتك يتردد في أجهزة الإعلام جاهراً:«إن أخذوا بيتي أنا صامد… أو هدموا بيتي أنا صامد».
– ولقد بقيت يا عبد المجيد، صامداً في كل بيت وفي كل قلب. في العام 1960 أُعلنت النتائج، ففاز الدكتور أمين الحافظ، ولم يفز عبد المجيد، ورغم هذا بقي الصديقان صديقين إلى أن أغمض الأمين عينيه.
في صرح العزم، تكرمك طرابلس، فهلا أعرتني صوتك لأخاطب الدولة، التي تستعيد ترميم مؤسساتها الدستورية بانتخاب فخامة طال غيابها عن قصرها وبتشكيل حكومة جديدة برئاسة الأخ العزيز سعد الحريري. التي أستغرب تأخرها وقد قيل لنا أن التسوية قد شملت كل شيء.
فأقول: آن لهذه المدينة، ولمحافظتي الشمال وعكار، أن تشعر بأن الإنماء خطة وخرائط، وتمويل، وعزم وإرادة…
لقد حاولنا برعاية حازمة من الأخ الرئيس تمام سلام، الذي تشرفت بالعمل معه، أن ننصف العاصمة الثانية بما هو متاح. فأصبحت المنطقة الاقتصادية حقيقة قانونية وفعلية. وقرض السكة الحديد ينتظر موافقة المجلس النيابي. ومجلس الإنماء والإعمار يتعاون مع UNDP لإنجاز الواجهة البحرية.
فهذا حق للمدينة لا يستوفى برئاسة طرابلسي للمجلس وحسب وإنما بأن تكون النتيجة ورشة لا وعداً وكلاماً ينام قرير العين على رفوف الغبار.
وإذا كانت من كلمة تصل الحاضر بالماضي، وتنعش الذاكرة بطرائف الشعارات، فهي رفع الشعار الآتي: طرابلس تحتاج إلى أجناد مجندة، لا إلى خُشب مسندة، وإلى أندادك من القادة كي ينفضوا عن حركتها البلادة.
يا عبد المجيد، أيها الطيب، يا ابن الزمان الطيب والناس الطيبين… اليوم نقول فيك… هذا رجل مأمون، والسياسة غير مأمونة، هذا رجل وديع، والسياسة آلت بمعظمها إلى التوحش… هذا رافعيٌّ النضال ورافعته، وكثيرٌ من أهل السياسة يتمرغون في الوضاعة.
السلام عليك

«عهدي بكم أن تبقى طرابلس على عهدها»

في نهاية احتفال تكريمه، ألقى الدكتور عبدالمجيد الرافعي كلمة مقتضبة، شكر فيها المكرِّمين والحاضرين، جاء فيها ما يلي: 
لا أخفيكم سراً، أنني ما كنت أود مخاطبة من أغدق عليّ دفق محبته، بمفردات أعجز عن مجاراتها بلاغياً، بمقدمات الألقاب، ليس لأنهم لا يستحقونها، وهم أسياد الكلمة والحضور السياسي والاجتماعي المتميز، بل لأن مواقعهم في قلبي هي بالنسبة إلي أكثر ترفعاً من مواقعهم الرسمية التي تتغير بتغير الأحوال، فيما هي ثابتة عندي ثبوت تعاقب الأجيال.
فيا أيها الذين تكرمتم عليّ بهذه الإحاطة الأخوية أتقدم منكم مقدِّراً وشاكراً هذه المبادرة الطيبة، وهي إذ تتظلَّل بصاحبة الرعاية، جمعية العزم والسعادة وراعيها الرئيس نجيب ميقاتي، فإن هذا التظلُّل أعادني بالذاكرة إلى يوم انطلقت إلى النضال الشعبي والسياسي، وعشت بكل جوارحي عزم الشباب وسعادة التواصل والتفاعل الشعبي في الفيحاء التي انطلقت منها إلى رحاب العمل الوطني والقومي حيث وجدت نفسي، وحيث يجب أن أكون، حاملاً هموم الجماهير الاجتماعية، وقضاياهم الوطنية، وأحلامهم القومية، في الوحدة والحرية والاشتراكية وتحرير فلسطين.
إن هذه الإحاطة الإنسانية، من أناس أحبهم وفي دار جمعية العزم والسعادة، الراعية لجيل جديد ينشد مستقبلاً زاهراً، هي وسام تكريم أتقبله شاكراً، وأعود لأقدمه لكل أيادٍ بيضاء عملت وتعمل على بلسمة جراح النازفين من جسم هذه الأمة التي يمزقها الصراع فيها وعليها،
وعهدي بكم أن تبقى طرابلس على عهدها، عهد المدينة الفاضلة، المنشدَّة دائماً إلى وحدة نسيجها المجتمعي والحاملة الهم الوطني، والقابضة على جمر العروبة.
أخيراً، لا يسعني في هذه الأمسية الحميمية، التي غُمِرتُ بها بمحبة أخوية صادقة، إلا أن أعبر عن بالغ شكري وامتناني لمن تكبد عناء الحضور والتحضير وأخص جمعية العزم والسعادة الاجتماعية بتقدير خاص متمنياً لها وللقيمين عليها البقاء دائماً في حقل الريادة خدمةً ومساعدةً لأهلنا الطيبين الخيرين، الذين ما بخلوا يوماً بعطاءاتهم، وهم يستحقون كل خير واهتمام ورعاية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.