طرابلس لبنان - سياسية مستقلة

أيها الإنساني الطيب… إنك في كل من يعرف الوفاء

بقلم الشيخ غالب سنجقدار

بدموع سخية ذرفتها العيون ثجاجاً وقلوب واجفة لهول نبأ وفاة الدكتور عبدالمجيد الطيب الرافعي.
هاوٍ للخدمة العامة
إنساني بامتياز، وطني بكل ما في هذه الكلمة من معنى، عروبي حتى العمق، هوايته الخدمة العامة، ابن طرابلس البار وزعيمها بلا منازع ونائبها ورائد كل إصلاح فيها.
طوى الموت تلك الصفات الحميدة التي حباك الله بها أيها الطيب، وبعيداً عن التشاؤم وتفاؤلاً بالخير نرجو ان يتجدد بعضها في الجسم الطبي:
إن لم تكونوا مثلهم فتشبهوا 
إن التشبه بالكرام فلاحُ
لا تعصب… لا طائفية… لا مذهبية أو حزبية
حملت راية الخدمة العامة طيلة حياتك وكان لك السبق فيها بعيداً عن التعصب الأعمى للطائفية أو المذهبية أو العنصرية أو المناطقية أو الحزبية.
فكانت الخدمة في عُرفك يجب ان تُؤدى لمن يحتاجها بغض النظر عن طائفته أو وضعه الاجتماعي أو منطقته.
أيها الإنساني الطيب
وكان يوماً مشهوداً لَفّه الحزن والأسى، يوم حملت الأكف والأيدي نعشك إلى مثواك الأخير، وفاء كما حَمَلْتَ آلامها وأشجانها ومآسيها.
أيها الطيب الإنساني، لقد آثرت الفقراء والمساكين والمعوزين والمرضى عن نفسك وراحتك.
فرثتك المآقي قبل الألسن والقلوب قبل الأفواه وودعتك بأسمى الدعاء، فشآبيب الرحمة تصحبك إلى يوم الدين.
ما كنت أحسبُ قبل دفنك في الثرى 
ان الكواكب في التراب تغور
ما كنت آمل قبل نَعشك ان ارى 
رضوى(1) على أيدي الرجال تسير
لن تنساك طرابلس الوفية، ولك من أهلها كل ود.
بكاك المريض الذي داويته، والجريح الذي واسيته، والمحتاج الذي أعطيته، والفقير الذي أعنته، والجائع الذي أطعمته، والعاري الذي كسوته، واليتيم الذي مسحت دموعه وأكرمته، والطالب الذي علمته.
ستكون خدماتك المؤنس لك حتى يوم النشور.
قد شرَّف الله لحداً انت ساكنه
وشرّف الناس إذ سوّاك إنسانا
عندما هاجرت قسراً إلى بلاد الرافدين
لقد غاب وجهك عن محبيك وبقي في ذاكرتهم فضلك، هيهات ان يبلغ أحد شأوك.
ولن ينسى أهل طرابلس عندما هاجرت قسراً إلى بلاد الرافدين.
كم من الشباب الطرابلسي تعلم في جامعاتها «مجاناً» بسعيك وبِرِّك.
وكم من مساعدات كنت ترسلها إلى العائلات المستورة التي قال الله فيهم «يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِن التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا».
في قلب كل من يعرف الوفاء كل هذه الخدمات يذكرونها جيداً وباستمرار.
وقد صدق فيك قول الشاعر:
وسيول كفك في الورى
بحر يفيض على الضعيف
سكنت في قلب كل طرابلسي يعرف للوفاء معنى. وألسنة محبيك تتغنى بقول الشاعر وكأنه يقصدك:
اليوم مات العلى والمجد والأمل
والحزم والعزم والإقدام والعمل.
(1) رضوى: جبل في المدينة المنورة شُبه به المُرثى لعظمة شأنهِ.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.