طرابلس لبنان - سياسية مستقلة

إصدارات في طرابلس: في الانتظار

طُبع كتاب «في الانتظار (ثلاثية)» في «دار البلاد للطباعة والإعلام في الشمال» والتصميم قامت به شركة Impressإ

إشــــــــــــــارات

الجزء الأول من الكتاب: بوْحٌ وكشف. البوحُ إفصاحٌ عن الحميميِّ المكتوم. والكشفُ جلاءُ رؤيا.. كونيَّة في أبعادها، فريدة في أصالتها، منارة في هدايتها.

 

وصيّة

قبل دخولي الموت

كلَّمتني «الأم»، قَالتْ:

متى آن أوان عودتكَ

حاذرْ غيبوبة العبور وتذكَّرْ

أننا كنا في البدء واحداً

وواحداً نكون عند اتمام عملنا

فلا تَدَعْ بُعدي عنكَ

يُشعركَ بنقصٍ وحاجة

أو اضطرارٍ إلى كنف الأنثى

فأَنا الأم وأنا الحبيبة

ولا خاصّة لكَ غيري.

وقالت:

حين تشارف على العودة

سأنتقي لكَ امرأةً

لتولَدَ من رحمها

وتنجزَ باقي المهمة

فإذا تعذَّر على الوالدة العطاء

وافتقدتَ الإحتضان والأمان

فلا تضطرب

وأَنْتَ بمفرَدِكَ في المسير

ولا تستعن بأُخرى

فتعسِّر عليكَ الخُطى

لِكَوْنِها غير معنيَّة

بالقيام مقام الوالدة.

وقالت:

مهما طال بنا الزمن الارضي

ولو قارب الألْفَيْ عامٍ من الفراق

إحتفظْ بملامحي نقيَّةً في البال

ولا تغفل أَنّي الفريدةُ

لا نظيرَ لي

فلا تلتبسُ عليكَ الوجوه

ويتعذَّر على الأُنثى

إيقَاعُك في أَحابيلها القاتلة

فَتُحْفَظُ وحدتُنا.

ثم قالت:

واذا حاصَرَتْكَ الوحشة

او أَطبقتْ عليكَ  الاعداء

فلا ترفعْ رايتَكَ البيضاء

ولا تُقْسِمْ عهداً لسوايَ

لأَنَّ وَعْدَ سوايَ غدرٌ

وسلامَها أَغلالٌ

ورباطَها اهدارٌ لوحدتِنا

بل تَسَلَّحْ بالصبر

واصمدْ وحيداً

فَتَوَحُّدُكَ يَصُونُكَ

وإلى أن يتجدَّدَ اللقاء

لا تدع العزلة الخانقة

تُدخل الشك إليكَ

فتتساءل مُرتاباً

مَن حقاً تكون؟!…

 

هالِكُون

 

جِئتُكم حامِلاً تَعليمي

لتَغْمُرَ المحبةُ قلوبَكم

فَناصَبْتُموني العداء

واضطهدتموني بلا رحمة.

غفرتُ لكم عِصيانَكم

لتتوبوا و يعودَ الوئام

فنَحرتُم سلامي على عتباتِكم

وقاتلتُموني حتى الموت.

عدتُ اليكم ثانيةً

لأُتممَ ما بدأتُ وأَجمعَ الشملَ

فتَنادَيتُم جميعاً لمناهضتي

ومن كان أَقسمَ لي نَقَضَ عهدَه.

الفتَّان أَضَلَّكم فتبعتموه

وأوقعكم في شَرَكِهِ فبايعتموه

وأوهمكم أَنكم الغالبون

فَغالَيْتُمْ في غَيِّكُمْ وناصرتموه.

أظهرتُ لكم الحق

فَشَهِدْتُمْ للباطل

الغاوي أَغواكم

فأَورثَكم الهلاك.

 

بَــوْحٌ

أَنا المُعَزّي وأَنا المكسورُ الخاطر

أَنا الفرَح وأَنا الكئيب

أَنا الأَمانُ وأَنا القَلِقُ

أَنا الملجأُ وأَنا المشرَّدُ

أَنا الحريةُ وأَنا المطوَّقُ

أَنا الضوءُ وأَنا المحجوبُ

أَنا العدلُ وأَنا المظلومُ

أَنا العطاءُ وأَنا المحرومُ

أَنا العافيةُ وأَنا السقيمُ

أَنا الينبوعُ وأَنا الظمآنُ

أَنا الدفءُ وأَنا البردانُ

أَنا المحبةُ وأَنا المنبوذُ

أَنا النُطْقُ وأَنا المكتومُ الأَنفاس

يُحرجني غيابكِ وأَنا مُنْفَرِدُ.

أَضناني عبور الظلمات

وحيداً بعيداً عنكِ

ولا من يواسي.

الوَحْشَةُ خانقةٌ

تَحْبِسُ نَفَسي الكَوْني

وتَدَخُّلُكِ يُنْعِشُني.

بُعدُكِ عني يُؤَرِّقُني

يَكْشِفُني أَمام المخاطر

يُشْغِلُني فَيُثيرُ الشجونَ

ويزدادُ إِلحاحي عليكِ.

غيابُكِ هاجسي وشوقي عظيم

لو يختصر الشوقُ الزمن.

للغياب مرارةُ الموت

وعليَّ تأكيدُ قيامتي.

 

 

أزهـــــار بـريـــّــة

الجزء الثاني من الكتاب: على جوانبِ «إشارات» (كتابي الأول) نبتتْ أَزهارٌ برّية في مناخاتٍ قاسية ما لبثتْ أَنْ تكاثرتْ حتى صارت أَفواجاً فَلَمْلَمْتُها… وكان هذا الكتاب.الأَزهارُ البريّة هي سرُّ بهاءِ الربيعِ وسحرِه.

العصفورة والريـــح

هَبَّتْ ريحٌ سوداء

أَعمتْ عصفورتي الحلوة

كانت الريحُ عاتيةً

وكانت عصفورتي رقيقة

لم تقاومِ العصفورةُ الريح

فحملتْها الريحُ بعيداً

وتَغَرَّبَتْ عن عُشِّها الآمِن.

الأَعشاشُ وفيِّةٌ لعصافيرِها

تفتقدُها تتألمُ لبُعادِها

وتنتظرُ دوماً عودتَها.

ما بالُها عصفورتي

لا تسعى إلى عُشِّها

أَفي التَغّرُّبِ نَفْيٌ للعهود؟!

النكرانُ جحودٌ

والعصافيرُ الجاحدة تُمسي غِرباناً

أَيُرْضِي عصفورتي

أَنْ تبدو غُراباً أسودا!؟…

لا يليقُ بالعصافيرِالتنكُّرُ لأَعشاشِها

وحَرِيٌّ بها الرجوع إلى الصواب.

ليس لعصفورتي أَنْ تنقادَ للريح

ويجدرُ بها أَنْ تَنتفضَ لحريتها.

 

شَــذرات

 

حَبِلَتِ الأَرضُ من المطر

فَوَلَدَتْ ينبوعاً.

توافقتِ الشمسُ والقمر

فَعَبَرَ الضوءُ إلى الليل.

يُعانِقُ النسيمُ الوردة

فَيَعُمُّ الأَريجُ المدى.

رَغِبَ البحرُ في السماء

فارتفعَ غيمة.

لامستِ الشمسُ المطر

فَتَشَكَّلَتِ الأَلوان.

تستاءُ الشمسُ من سلوكِ الأرض

فتستدعي الغَيْمَ لِيَحْجُبَها.

تنضجُ الثمرة

فتطمح إلى الإرتقاءِ

بالذوبانِ في الإنسان.

قالت النارُ للماء:

أَنا أُبَخِّرُكَ

فَرَدَّ الماء:

وأَنا أُخْمِدُكِ.

أَرادت الشمسُ مُمَهِّداً لشروقِها

فَتَطَوّعَ كوكبُ الصُبْحِ البهيّ.

ضاقَ صَدْرُ نجمةِ الصُبْح

فباحتْ بِسِرِّها:

أنا كنتُ الفردوس!..

 

خروجٌ  على المألوف

الجزء الثالث من الكتاب: تَفَلُّتٌ من القيود وتحليقٌ خارجَ القفصِ الفكري وتحديقٌ في الحقائق المعتَّمة، عَلََّ في «الخروج على المألوف» فائدة.

1

من مدى النورِ الأَرحبِ أَتينا

لِنُبَدِّدَ جحافل الظلمات.

من لَدُنِ الحقِّ أَتينا

لِنَقْهَرَ الباطلَ والأَباطيل

من قلبِ الحبِّ أَتينا

لِنُغَلِّبَ الحياةَ على الموتِ

ونبلغَ الغاية.

2

روحي أَسيرةٌ

في قبضةِ الأَعداء

طالَ أَسري

وشعلتي تخبو

وما زلتُ أَنتظرُ

من أُمِّي السماء

تَدَخُّلاً يُحَرِّرُ قُدُراتي

لأَنطلقَ من جديد.

3

لِبلوغِ القِمَّة إنطلقْ من القاع

ولا تستوقفُكَ أَهوالُ الدرب.

المرأَةُ خاصتُكَ تقيمُ في الأَعالي

فلا تنشغلْ بِطَوْقِ الأُنثى في الأَسفل.

4

إخترقِ الطوقَ وانعتقْ

قبلَ أَنْ تقضي اختناقاً

وأَنتَ في الحصار،

تماماً كما الفراشة تخترقُ شرنقتَها

لتتجلّى بكاملِ بهائها

حُرَّةً طليقةً

تليقُ بها الحياة.

5

الحِرمانُ من الحِضْنِ الأُمومي

جُرْحٌ لا يندمل

يتعمَّق مع الوقت

حتى يُمسي بلا قاع،

ولا مَنْ يُعَوِّضُ هذا الفُقدان

فيَكبرُ الطفلُ ولا يَبْلُغ…

6

«نعملُ في النهار ونحلمُ في الليل»

هكذا يتصرَّفُ البشر.

أَمَّا مَنْ يحلمُ في النهارِ وفي الليل،

فَمَنْ يكون سوى كائنٍ إلهيّ

يقاومُ النسيانَ ومساواتَهُ بالبشر.

7

سألني الليل:

لِمَ أَنتَ دائم اليقظةِ لا تنام…

أَجبتُه:

أَنا اليقظانُ أَبداً

فإذا حانَ الشروق

ناديتُ الفجرَ لينبلجَ

فَيُلَبِّي الفجرُ النداء!

8

مَنْ يخسر الحربَ

فَلْيُدِنْ نفسَهُ أَولاً وآخراً.

لا يكفي أَنْ تكونَ الأَقوى

لِتربحَ حرباً في الختام

بل أنْ تكونَ على حق.

فلا يَغُرُّكَ تعاظُم قوتكَ بالباطل

لأَنَّها ستنقلبُ هزيمةً حتى الموت

أمامَ قُوَّةِ الحق.

9

طالما هناكَ بشرٌ

هناكَ تنازعٌ وشقاق،

هكذا هُم البشر

يعملون بمشيئةِ الشرير

وهو يعملُ لإهلاكهم

لأنَّ في خلاصهم هلاكَهُ

وَهُمْ عن خلاصِهم غافلون.

10

كلُّ ما يصنعُهُ «الكامل»

يكونُ كاملاً

على صورتِهِ ومثالِه.

صنيعةُ مَنْ

هذا الكائنُ الناقص

الذي  هو البشريّ…

11

لو يُدركُ البشر

أَنَّهُ بالحبِ وحدَهُ يَخلصون

وأَنه بالحب وحده يكمُلون

وبالحب وحده يَعبرون إلى الحياة

قاهرينَ الموت والشرير،

لو يدركون قبل الفوات…

12

إماتةُ النفس تُحَرِّرُ الروح،

النفسُ الأَمّارةُ بالسوء

القابضةُ على خناقِ الروح…

لَبَّيْكِ يا روح.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.